م. علي أبو السكر يكتب : نائب غير محترم

أخبار البلد - جرت العادة أن يستخدم الناس عبارة "سعادة النائب المحترم" في مخاطبة السادة النواب، على اعتبار أن النواب منتخبون بصورة حقيقية من قبل الشعب، وبالتالي فهم يمثلون الشعب، وينطقون باسمه، وبالتالي فإن احترام النائب هو احترام للشعب، ولكن عندما يخرج أحد النواب عن الحد الأدنى من اللياقة والأدب والالتزام الأخلاقي والالتزام القانوني، فإنه يخرج عن صفته ولا يستحق أن يحترم نيابة عن الشعب، فالشعب بمجمله أرقى من أن ينحط إلى ما ينحط إليه بعض الشخوص أياً كانت مواقعهم.

 

وشرعية المسؤول مستمدة من الشرعية الشعبية قبل أن تستمد من الشرعية القانونية، فالشعب هو مصدر السلطة، وهو القادر على سحبها حتى لو لم تسقط بحكم القانون.

 

ولقد رأينا نماذج من الانحطاط لنواب في دول مختلفة، فمنهم تاجر المخدرات، ومنهم المزور للانتخابات، ومنهم المرتشي والفاسد، ومنهم من ينحط في الأخلاق فيستخدم ألفاظ بذيئة.

 

وفي الوقت القريب، عندما خرج علينا أحد النواب ليكيل الشتائم والتهم والألفاظ البذيئة لشعب يفترض أن يمثله لا أن يجلده، وتحت قبة البرلمان، وبجلسة رسمية يحضرها السادة النواب والحكومة والنظارة. فبماذا سنصف هذا النائب؟ وأي احترام يستحقه؟! ومن هو حتى يتطاول على أبناء الشعب الأردني؟! وأي مستوى من الأخلاق يتحلى بها هذا النائب حتى تخرج منه هذه الكلمات؟!

 

فإذا كان المجلس رفض هذه الترهات التي خرجت من النائب، وقال إنها لا تمثل المجلس. وإذا كانت الحكومة لا ترى أن ما صدر من مثل هذا النائب يمثلها. فمن يمثل هذا النائب إذاً؟!

 

ولمن لم يسمع ما قاله النائب نصاً حسبما هو منشور على اليوتيوب والفيس بوك: "..إذا كانت الحكومة غير قادرة على إيقاف هذه المسيرات، فنحن سنكون جاهزين لإيقاف هذه المسيرات جاهزين لإيقاف هذه المسيرات.. إلى متى هذه المسيرات تدوم من فاسد وحاقد ونذل وحقير..".

 

هل يمثل هذا النائب الشعب بهذه الكلمات؟؟ أم يمثل الشعب بالكلمات التي يحرض فيها الحكومة ويحفزها للانقضاض عليه (إذا كانت الحكومة غير قادرة على إيقاف هذه المسيرات) أم بكلمات التأليب يمثل الشعب الذي يرغب سعادته بسحقه ببلطجيته؟؟ ثم من أين لهذا النائب القدرة على إيقاف المسيرات؟! هل يملك بلطجية؟! أم يملك جهاز أمن خاص؟! أم يملك تنظيما مسلحا أقوى من الحكومة التي يتحداها؟! أم يمثل هذا النائب الشعب الذي شتمه وحقره بعبارات لم نسمع مثلها في تاريخ المجالس النيابية وبكلمات نابية (فاسد وحاقد ونذل وحقير) يصف فيها مواطنين أردنيين يخرجون بمسيرات سلمية في مناطق مختلفة من المملكة للمطالبة بحقوقهم وللتعبير عن رأيهم.

 

هذا النائب بما خرج منه من إساءات للوحدة الوطنية لا يمثل الشعب، بل هو عبء على الشعب وعلى مجلس النواب وعلى النظام.

 

والأسوأ من ذلك هو موقف المجلس ذاته الذي سمح لهذا النائب أن يتحدث بهذه العبارات دون تدخل أو شطب، بل لقيت هذه العبارات في حينه تصفيقاً واستحساناً بعبارات "الله يحييك أبو الرائد" من بعض الأفواه التي تظن نفسها تمثل الشعب الأردني.

 

قد يتراجع النائب عن هذا الجرم ويحاول أن يبرره، وقد يتنصل المجلس مما صدر عن هذا النائب، لكن ذلك بعد فوات الأوان، وبعد أن انكشفت عورة هذا المجلس والعقلية الحقيقية العرفية تحت القبة التي ستبقى تحكم عمل هذا المجلس مهما حاولت أن تزينها أو ترقعها.

 

هذا المجلس هو عبء على الوطن وهو عبء على النظام. في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى من يحمل العبء معه... يأتي هذا المجلس ليزيد العبء عبئاً.