حل المجلس ليس حلا والبديل قانون وحوار ولجان رقابية مستقلة
اخبار البلد- عمر شاهين -الدعوة لحل البرلمان بهذه السرعة لا يقدم أي صيغة مقبولة أو معقولة، فنظام الدولة لا يسير عبر العواطف و الأهواء المتقلبة، والمصالح الضيقة، وصناعة فراغ سياسي كبير،قد يؤدي إلى تمزق واسع في فترة تحرر وتفكك من ضغوط عقود سابقة. فمطالب بعض الأحزاب وعلى رأسهم جبهة العمل الإسلامي لم تعد مقبولة حينما تكثر وتحصر الحكومة بفترة ضيقة وتحولت من مطلب إلى فرض شرطي تهديدي.
الآن يمارس كتاب جبهة العمل والملتقين معهم فكريا ، هجوما مضادا عبر وصف خصومهم بأنهم مصابين بعقدة خوف من الإصلاح، ولا يوجد من يكره الإصلاح والعدالة إلا الفاسد أو المستفيد، ولكن لا يوجد من يقبل أن نقدم لحكومة البخيت ألف مطلب إصلاحي ونمهله شهرا، وكأننا في حرب باردة أو حشد على الحدود، فهناك فرق شاسع لتقبل خطاب حزبي إصلاحي أو تهديد ميليشي .
حل المجلس مبكرا لن يحسن من مسيرة الإصلاح، مع اعتراضي على نظام الدوائر الوهمية ، وأداء بعض النواب ،ولكن الكثير منهم جيدين ولديهم خبرة سياسية ومرجعية عشائرية وحتى حزبية، فهناك كتلة التغير والعشب والتيار الوطني والتجمع الديمقراطي، وكلها كتل حزبين أو أصحاب خلفيات فكرية حزبية، فالمطلوب تأصيل قواعد واضحة ، لما تريده الأحزاب والشوارع الغاضبة، وهذا يتم عبر التسلسل وليس رمي الصخور على رؤوس الحكومة والمجلس.
صناعة مرحلة فراغ لا تخرج سوى من يريد أن يدهور الشارع الأردني، فنحن لسنا في حالة حرب ، حتى تخرج جماعات المعارضة ، بما يشبه قانون طوارئ، حسبما اسمع من التعليقات السياسية أو نقرا المكتوبة .هناك توجيهات بدأت من جلالة الملك، وهذا يحتاج إلى تدريج ملموس، ومناقشة عقلانية ، لا يمكن أن تتوافق مع صفة الاستعجال.
إذن لنتوافق اليوم على قانون انتخابات، يشمل الجميع، ويتجنب كل سلبيات القوانين الأخرى، دون أن يصطدم مع الأساسيات الأردنية، كعدم تهميش المناطق التي لا تحظى بعدد سكاني كبير، وهذا يتوافق عليه ليس بتمثيل حزبي فقط، بل يشمل التكوين السكاني أيضا،ولجنة الجوار الوطني خاطبت الأحزاب بتنسيب من يمثلها في هذه الحوارات.
طرح القانون على استفتاء شعبي يشمل نسبة كبيرة من المواطنين، فالأحزاب لا تمثل كل فئات المجتمع الأردني ، لتتخذ قرارا مصيريا، وبعد التوافق يتم اختيار جهة رقابية للإشراف على الانتخابات على ألا تكون الحكومة نفسها ، بل جهة قضائية ومدنية ليس لها صلة مع الأجهزة الأمنية أو وزارة الداخلية ، وتشرف هذه اللجنة على الانتخابات منذ تسجيل البطاقات إلى إعلان الفرز النهائي.
وبعد التوافق على القانون لا يحل مجلس النواب، بل يسمح للأحزاب بعد تعديل قانون الاجتماعات العامة ، بالاختلاط مع المجتمع، وفتح القاعات لهذه الجلسات الفكرية والتحاورية، فقد اشتكى الكثير من الحزبين أن شعبية الإخوان جاءت عبر السماح للحكومة باستغلالهم للمنابر ، وتبرعات وإمكانيات جمعية المركز الإسلامي .
الديمقراطية والحرية تحتاج إلى شراكة متكاملة، وهذا يحتاج إلى عامين أو ثلاث ينسجم فيها المواطن مع الانفتاح السياسي، ويلتقي بمن حرم من الحزبين وأصحاب الفكر، حتى يكون صورة لمستقبله، علنا نحصل على طريقة انتخابية تبتعد عن اختيار الأقربون أولى بالانتخاب، بينما إجراء انتخابات مبكرة يمنع كل هذا الانفتاح الذي يؤدي إلى نزاهة ذاتية.
طبعا جماعة الإخوان المسلمين تتعجل في مثل هكذا ظروف لإقامة انتخابات مبكرة لأنها تجد أن هذا يصب في مصالحهم، فقط، بصفتهم الأقرب من بين الأحزاب إلى عواطف الناس، ويخشون أي تجديد ، قد يجنبهم حصد كل الشعبية المنتظرة، ومن حق غيرهم أن يعرض برامجه السياسية وهذا يحتاج إلى سنوات لا تقل عن ثلاثة .
في المقابل إعطاء حكومة الرفاعي ثقة 111 خطا رفضه الشعب، والنخب، ولكن هذا ليس سببا لحل المجلس، وهذا تدخل ووصاية حزبية وشعبية على البرلمان، ونستغرب في هذه الفترة أن تطالب الأحزاب برفع الوصاية عنها بينما تريد فرض هذا على البرلمان، وأما قضية التزوير وغيرها فالمجلس الخامس عشر كان مزورا حتى أخمص قدميه وكان فيه النائب حمزة منصور الأمين العام الحالي لحزب الجبهة ولم يغادر المجلس المزور إلا بعد أن حله الملك شخصيا.
دعت جماعة الإخوان المسلمين الجمعة القادمة لتكون خاصة بالمطالبة بحل مجلس النواب، بالرغم ان الجماعة نفسها ومن معها ، كانت تطالب بالملكية الدستورية في الجمعة السابقة، ولا ادري أي تناقض هذا أن تكون الأولى دستورية والثانية انقلاب على الدستور الذي لم يضع، بندا لحل المجلس عبر الشارع. وطبعا سنجد معهم 600 من المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ وخاصة نواب محمد الذهبي.
ما يقال إن حزب جبهة العمل يشعر بندم كبير لأنه لم يشارك في انتخابات المجلس النيابي السادس عشر، ولكنه يجب أن يختار اليوم مصلحة المستقبل الأردن، وليس التسريع بحل المجلس حتى يعودوا إلى الانتخابات من جديد، وكذلك تحميل الشعب والمرشحين والنواب فترة مرهقة ومبالغ مادية طائلة.
Omar_shaheen78@yahoo.com