داعش غير موجود في الأردن

أخبار البلد - اسامه الرنتيسي

صعقني ــ الاسبوع الماضي ــ خبر من صديق فحيصي يستثمر بالملايين في الاردن، انه قرر وعائلته الهجرة الى اميركا.

والسبب، عدم الشعور بالأمان والطمأنينة في المستقبل القريب، لا البعيد.

مهما حاولنا التقليل من خطورة ما يتعرض له المواطن العربي من جراء اخبار وفيديوهات وممارسات ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، فاننا لن نغير كثيرا مما في نفسية هذا المواطن، الذي اصبح يشاهد قطع الرؤوس على الهواء، وسبي النساء وطرد مكونات رئيسية من فيسفساء العالم العربي من منازلهم وبلادهم، وتخييرهم بين الدخول في الاسلام او دفع الجزية.

في الاردن نتعرض يوميًا الى سيل من الاخبار والتحذيرات من خطر داعش، من الاسرائيليين وعلى لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى خطابات الرئيس الاميركي باراك اوباما، والبحث عن استراتيجيات لمحاربة داعش، الى تصريحات العاهل السعودي الاخيرة التي حذر الغرب من وصول داعش القريب الى بلادهم، الى خبراء في الحركات الاسلامية وسياسيين يؤكدون ان داعش موجود في الاردن، كان آخرهم نائب المراقب العام للاخوان المسلمين زكي بني ارشيد.

من يقول ان داعش موجود في الاردن، لا يفرق جيدا بين تيارات سلفية مختلفة، جهادية وسلمية، موجودة بيننا، ونتعامل مع اشخاصها، في حياتنا اليومية، وهم لا يختلفون عن سياق ثقافتنا إلّا بمحاولتهم التشدد اكثر في ممارساتنا، ومن يقتنع ان ممارسات ما يسمى داعش في العراق وسورية تمثلهم.

أعتقد، بتواضع شديد، ان حواضن داعش المتطرفة ليست موجودة في الاردن، وان معظم التيارات السلفية الجهادية وغيرها، مرت ذات يوم من "شارع الشعب"، وتم التفاهم معها، لأن الخلاف فكري مع مناصري داعش، وليس خلافًا على اليومي، وعلى ما يفعله عناصر التنظيم في سورية والعراق.

اعتقد أكثر، أن هناك مبالغة شديدة، ومقصودة، في التوسع بنشر اخبار داعش، الصحيح منها والمفبرك، والإطاله في التحليل عن خطورة هذا التنظيم، مع انها لا تختلف ابدا عن خطورة ما كان يفعله تنظيم القاعدة، الذي لم يطلق منذ نشأته رصاصة واحدة على اسرائيل، ولن يفعل ايضًا داعش ذلك حتى لو تعدى معبر القنيطرة الى الجولان.

لقد اثبتت المسارات التاريخية لأحداث عديدة، أن القوى الظلامية المتطرفة برغم اختلاف ايديولوجياتها، قد تلتقي في الاهداف والمصالح، من دون ان تكون بينها اي اتفاقات مسبقة.

داعش يتطلع الى اثارة حروب وثارات محلية مهمتها تفكيك الحكم المحلي واعاقة التطور نحو المركزية في الدول المستهدفة، وهذا يخدم المخطط الاسرائيلي الذي اشتغلت عليه كثيرا من خلال مخابراتها، من دون ان يكون هناك اتفاق مسبق بينهما.