عُذْرَاً يَاْ وَطَنِيْ...، فَعُقُوْقِيْ لَكَ قَسْرٍيْ

عُذْرَاً يَاْ وَطَنِيْ...، فَعُقُوْقِيْ لَكَ قَسْرٍيْ.


حتّى هذه الّلحظة...، لم يقل لنا أيُّ من علماء ومفكّري الأردن, والذين تعجّ بهم  جامعاتنا في مختلف التّخصّصات، ولبعضعهم الحضور الطيّب، والأسم المُحترم في أرقى جامعات الدّول الغربيّة المتقدمة ومراكز بحوثاتها في جميع مجالات الحياة ( الإجتماعية، السياسيّة، الاقتصاديّة، التعليميّة، التربويّة...)؛ أنّ أحداً من مسئولي الحكومات الأردنيّة (سابق لاحق)، أو من القائمين على رأس السّلطات الرقابيّة والتشريعيّة والتنفيذيّة على مُختلف واجباتها وتوجّهاتها قد ناقشه أو أعار  إنتباهاً  لما ينوي فعله في مشروع بحثي ما، أو عن رأيه  وما يقوله فيه، أو أنّه درس وتدارس معه أفكاراً وتصوّرات حول أي ظاهرة أو مشكلة تهمّ البلد، و تَحتاج لحلول مدروسة منطقيّة وموضوعيّة آجلاً أم عاجلاً... .


هناك مشاريع وبحوث ودراسات تستند الى منهج علمي حديث؛ يمكن لها أن تظهر بعقول علماء متخصّصين خبراء، وتُنفّذ بأيدي رجال دولة أخيار اقوياء أمِينين (وهم كُثر ويمثّلون الأغلبيّة وعلى أهْبة الاستعداد)، و تستطيع تغيير وجه الأردن الجميل المُميّز  إلى أجمل وأميز، و لا يمكن ان يحدث ذلك على أيدي أُمّيين وظواهر صوتيّة (وهم قلّة لا يمثّلون سوى أنفسهم) تصول وتجول وتستند في أغلبها إلى حمٍّ في رأس، او (فزعة عشائريّة)، أو عجزٍ يُمثّله  عاجزٌ رويبضيٌّ يسعى لمجدٍ مزيّفٍ أو مالٍ حقير، و نعلم نحن، وعلمت هي  وتعلم أنّ هذا زمانها ووقتها وفرصتها الكبيرة، و إستطاعت وتستطيع تغيير هذا الوجه إلى أدنى مربوط الجمال وأعلى مربوط القبح والتّأخُّر.


وحاليّاً؛ يبدو  أنّ الأردن ينحو نظريَّاً فقط وبشدّه إلى التّقدم والتطوّر و الازدهار أو لنقل توقّف عند نقطة معيّنة منها،  و استند في ذلك على أنّ حكوماته ومؤسساته الحسّاسة على إختلافها وأهميّتها؛  لم تَهتمّ جميعها كما يجب وما هو مطلوب أو يمكن له أن يوجد هذه المقوّمات والتأكيد والحرص على تطبيقها مهما تكن الظّروف صعبة أو شبه مستحيلة، ويظهر ذلك جليّاً من خلال أبواق الحكومات المتعاقبة، والتي ما تفتأ تضع التّطمينات (كعلاج موضعي) فوق ضروس الأردنيين المتألّمة و المؤلمة، لتسكينها لبرهات تسمح بإعادة الكرّة لوجبات أخرى منها ومستمرة، ومن خلال القبول بمجلس مراقبة وتشريع لا يحوز على ثقة بعضاً من أعضائه إن طُرح لتقييمه بانفسهم، فما بالك بتقييم شعبه له...، واستند كذلك إلى أنّها لم تهتم على مدار قرون لفكر و عقول و مشاريع علمائها وباحثيها ورموزها الوطنيين، أو تضع لهم مكاناً في الصّفوف الأولى في واجهات الحياة المختلفة التي يقوم عليها...، فلا نجدهم يحوزون سوى على آخر الصّفوف و أبعدها...لدرجة أنّها في بعض الأحيان لا تُرى أو تشاهد بعينٍ مجرّده، أو تكاد أذنٌ أن تسمع صوتهم المُغيب المهجور، وما اخشاه هو أن يستمر ذلك التّجاهل، فنتقدّم ونحن متيقنين ومتأكّدين بأنّه ليس إلى الامام بل بسرعة للخلف، ولكنّنا نُنْكر ذلك، ونعيش بما شُبّه ويُشبَّه لنا ولهُ بفعل سّحرة و ودّجالين؛ فيُخيّلُ لنا وله بانّنا نركض بثقة وأمل إلى الامام، فرغم أنّ هذا يظهر أمامنا مرعب ومخيف بوضوح وجلاء وبما لا يقبل شكّاً؛ إلّا أنّهم  يَرْتِبُوْنَ على أكتافنا تطميناً لنا، وبأنّه  لا خوف علينا وعليه  وإننا لن نَحزنْ أبدا... ! 


ورغم كلّ ما يملكه علماؤنا ومفكرونا من طاقات وفكر في إنجاح أكبر وأنجع مشروع يمكن أن يحتاج له الأردن والأردنييون؛ فإنّ قلب الخط الرّسمي لم ينفتح أو ينشرح لغاية الآن لهم ولمشاريعهم الملحة للقضاء على جرائم التّخبّط في التّخطيط والتّجريب العشوائي الفاشل والمُميت على جميع المستويات التي ننشدها في تخليصنا وتخليص بلدنا ومليكنا مما نشكو ونُحاذر، أقول لم ينفتح أو ينشرح لهم هذا الخط الرّسمي؛ لانّه  مشغولٌ جداً بمشاريع أهم من الوطن، وأسمى من العلم والعلماء  ( كالتوريث له ولجماعته، وكسب المال و الجاه، والمزاودات على الوطن ومخلصيه الوطنيين الأحرار أينما وكيف وُجِدوا، وكسب الثّقة من عدمها في كل شهرٍ أو شهرين...)، وليس غريب على هذا الخط أن يخرج في أي لحظة بعذر أقبح من ذنب في حال سؤاله عن سبب إنشغاله هذا او تجاهله لما هو أهم،  وينفع الناس، ويمكث في الوطن، واهتمامه بما هو زبد ويذهب جفاءً تذروه الرّياح، فهو كمن يبرر ويعلّل  غيابه عن أداء فرض صلاة الفجر حاضراً بسبب الانشغال والتجهيز لصلاة سنة العيد، أوصُنع حلواها... . 


على أيّة حال؛ هناك مشاريع وبحوث وطروحات هائلة؛ قدّموها ويقدّمونها علماؤنا ويستطيعون تقديمها بصدق وأمانة واحتراف في أي لحظة يطلبهم فيها الواجب، فكيف يُحْرَمُ  هذا الوطن المُربّي والحانِي من روائع ورضا أبنائه، ويُحْرَمُ أبنائه من لذة الفخر به والتّمتع في شرف خدمته... !؟


أخي القاريء؛ هل عرفت الآن لما يترك العربي وطنه،  فيُبدع خارجه بجميع المجالات العلميّة و الرياضيّة والادبيّة...، ويحصل على أفضل الجوائز عالميّاً  كجائزة (نوبل) وغيرها مما لم  نسمع أو نلحظ يوماً أنّ بعض جهابذة السياسة في بلداننا ومنظّريها العمالقة الذين لا يُشقّ لهم غبار في الشّخصيّة وفرض الفرعنة و (البرستيج) على من هم ضُعفاء من أبناء جلدتهم (ويزحفون زحف الجوع)؛ قد حصلوا على جائزة ما حتّى لو كانت عن طريق إحدى أكياس (شيبس البطل)، أو علب (شرايح ملكانا)؟

 

(أيّها الوطن؛ لا تتهم من غادروك خارجاً أو إبتعدوا عنك داخلاً بالعقوق...، فلقد أجبروك على عقِّهِم قبل أن يعقّوك...، وكلاكما معذور، فما جرى ويجرى فهو لا بدّ أن يكون بفعل ساحرٍ أو بتصرّفٍ من مخبول).