المحكمة الدستورية


كم كان واضعو "الميثاق الوطني" حكماء ومستشرفين آفاق المستقبل عندما أوصوا بإنشاء المحكمة الدستورية بداية تسعينيات القرن الماضي، وتم الانتظار عشرين عاما لإنشائها بفعل "الحراك" الشعبي فيما عرف بالربيع العربي.
وتاريخيا كانت "المحكمة العليا" الأمريكية أول محكمة في العالم تحكم بعدم دستورية قانون لمخالفته الدستور في قضية Marbury v. Madison وذلك عام 1803 مؤكدة المحكمة مبدأ سمو الدستور وأنه القانون الأعلى في البلاد.
وتعتبر قرارات المحكمة الدستورية حجة على الكافة ergaomnes وأكد قرارها رقم 3 لعام 2013 هذا المبدأ.
والمحكمة لا تفحص أي قاعدتين قانونيتين من المستوى نفسه بمعنى أنها لا تفحص إن كانت مادة في قانون التقاعد المدني تتناقض مع مادة أخرى في قانون الضمان الاجتماعي أو مادتين في نظامين مختلفين، فهذا من اختصاص القضاء النظامي، وقد أكدت المحكمة الدستورية ذلك بقرارها رقم 4 لسنة 2013، إنما تفحص إن كانت مادة في القانون أو نظام مخالفة لقاعدة أعلى. وعلى ذلك لا يجوز لها النظر إن كانت مادة في الدستور تخالف مادة أخرى في الدستور نفسه للسبب السابق وأيضا لأن الدستور يؤخذ ككتلة واحدة block constitutional لأن جميع مواد الدستور متساوية في القوة عكس القواعد القانونية الأخرى التي يوجد بينها تدرج أو هرمية في قوتها. وعلى ذلك تستطيع المحكمة الدستورية الحكم أيضا بعدم دستورية مادة في قانون المحكمة الدستورية نفسها.
وفي الولايات المتحدة يقوم معهد "غالوب" لقياس الرأي العام منذ عام 1930 بقياس رأي المواطنين ومدى ثقتهم بالمحكمة العليا، ومع مرور حوالي سنتين على إنشاء المحكمة الدستورية في الأردن من المبكر الحكم على ثقة الرأي العام فيها لكن أنصح مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بأن يُدخل المحكمة ضمن المؤسسات التي يقيس مدى ثقة المواطنين بها. وحتى يتم إجراء مثل ذلك القياس عندي من الموجبات والإثباتات أن المحكمة بقضاتها الأفاضل حققت سمعة طيبة وثقة لدى جميع المستويات؛ القانونية وقادة الرأي والشعبية.