من هي النخب ؟!

واحدة من القضايا التي أشار إليها جلالة الملك قبل أيام تتعلق بصراع النخب ومحاولة كل مجموعة إفشال الآخرين، وهو تنافس أو صراع ليس على برامج أو أفكار بل صراع شخصي وبحث عن المنصب، فالهدف إزالة الآخر لعله يكون البديل، وفي المحصلة ﻻ يخسر كلا الطرفين بل تخسر الدولة وتظهر الإعاقات لمصالح الناس.
إنه صراع أشخاص وهذه المجموعات ﻻ تستحق لقب النخبة، لأن النخبة صفة إيجابية تعني أفضل الموجود وأعلى المواصفات، صراع من أكرمتهم الدولة وقيادتها ومنحتهم الثقة لتولي المواقع القيادية وبدﻻً من رد الجميل للدولة والمواطن بالتعامل بأعلى المستويات من المسؤولية والقيم تتحول أدوارهم ومهامهم إلى المناكفة والصراع لعل من يصارع اليوم يكون البديل غداً.
والحكاية ليست وليدة اليوم فقد عشنا تجارب مريرة خلال أكثر من مرحلة، ودائماً يكون الثمن على حساب المؤسسات والناس وثقة المواطن بالمؤسسات.
وفي ذات السياق أشار الملك إلى عمليات الإنتقال من القطاع العام للقطاع الخاص وبالعكس، وهو إنتقال طبيعي فكلا القطاعين جزء من اقتصاد الدولة ومؤسساتها لكن الظاهرة السلبية هي في السلوك الذي يتغير، ففي مرحلة القطاع الخاص يكون الهجوم والنقد للقطاع العام وعندما تختار الدولة بعضهم ليكونوا من فريق أي حكومة يكون السلوك معاكساً وربما معطلاً للقطاع الخاص.
أنها ظاهرة تفسيرها ما أشار إليه الملك وهو مدى الحرص على مصالح الناس والبلد، فمن كان حرصه صادقا وليس غارقاً في مصالحه الخاصة، ورجل دولة بالمعنى الحقيقي فلا مشكلة في المكان الذي يكون فيه سواء كان في موقع رسمي أو قطاع خاص أو حتى في بيته، وليس هناك مشكلة في أفكاره والبرامج التي يعتقد أنها تخدم الدولة لأن هذا التنوع إيجابي.
المشكلة في التركيبة القيمية والنفسية ومنطلقات سلوك الإنسان، لأن الأصل أن كل المواقع الرسمية أو الخاصة جزء من الدولة، ومن لا تتغير مواقفه وقيمه بتغير المواقع فهو الشخص الذي ينفع الناس ويخدم الدولة.
ربما يكون الحديث والتشخيص الملكي لهذه الظاهرة السلبية مدخلا لمزيد من التدقيق والمسح في سيرة من يتم تقديمه لمواقع قيادية، مسح لقيمه وسلوكه السياسي والوظيفي، فالعبرة ليست في الحديث الجميل، أو السيرة الذاتية المتخمة بالوظائف بل في البنية الأخلاقية التي تحمي أي شخص وتجعله يعمل لمصلحة البلد أياً ما كان موقعه أو حجم المنافع التي تقدمها له الدولة.