أنصار داعش في الأردن

طالعنا في معظم الصحف الرسمية والمواقع الالكترونية بالأمس خبر يقول: (بدأت ظاهرة توزيع ونشر تسجيلات فيديو يرتفع فيها علم" دولة الخلافة الاسلامية" لداعش في مختلف المحافظات الاردنية، الامر الذي يثير حفيظة المراقبين عن غياب الدولة والاجهزة الامنية عن ملاحقة ومراقبة ومتابعة هذه التحركات لمؤيدي "داعش" على الارض الاردنية. وتقول: تقديرات المراقبين لحجم وحضور "الداعشيين الاردنيين" تتراوح بين 5 الى 7 الاف مؤيد). 
قبل التعليق على هذا الخبر وتحليل لمضمونة على المستوى المحلي في الأردن أود العودة إلى تحليل موجز عن نشوء هذا التنظيم والهدف من ذلك, فبعد أن قامت ثورات الربيع العربي بسبب القهر والظلم الذي تعرضت له الشعوب العربية, واستبداد الحكام واستمرارهم في الحكم عشرات السنوات, حتى كاد النظام الرئاسي في بعض الدول أن يتحول إلى الوراثة فيخلف ابن الرئيس ابيه في الحكم كما حدث في سوريا. وكاد أن يحدث في ليبيا واليمن ومصر. في خضم الثورات العربية سطع نجم التنظيمات والجماعات الإسلامية وذلك تعبيرا عن رغبة الشعوب العربية التي أعزها ألله بالإسلام بالعودة إلى مبادئ الاسلام الحنيف, التقطت زمرة الحكام العرب واسيادهم قادة ومفكري ومنظري الدول الغربية هذا التحول الذي سيلحق الأذى بهم جميعا, وتداولوا في الطريقة المثلى للتخلص من هذا الخطر ولكن محاربته بشكل مباشر لن تجدي نفعا على الأمد البعيد لأن الشعوب العربية المؤيدة لهذا التيار لن تستسلم وستستعر حرب طويلة سينتصر من خلالها الإسلام. 
واتفق الطرفان (القادة العرب و قادة ومفكري ومنظري الدول الغربية) على السماح للتنظيمات الإسلامية بالوصول إلى الحكم كما في مصر وتونس أو التفكير بذلك كما في بقية الدول العربية, واصطناع وتفريخ منظمات جديدة على نهج داعش وأخواتها, على أن يتم إفشال تلك التنظيمات في القدرة على الحكم الذي ترغب به الشعوب وذلك عن طريق الشعوب نفسها وذلك بتهيئة الظروف للجماعات المتشددة بالوصول إلى الحكم وإمداد بعضها بالمال والسلاح بطريقة غير مباشرة, وابعاد التنظيمات المعتدلة, وبذلك وقع الطرفان (الشعوب والجماعات الإسلامية) في الشرك المنصوب. في هذه الحالة انطلق لسان الحكام العرب ومن ورائهم من ذكرنا فيما سبق: هل هذا هو الحكم المطلوب يا شعوب العرب؟؟؟؟ 
ارتكبت التنظيمات والجماعات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم والتي فكرت بذلك والتنظيمات المسلحة كثيرا من الأخطاء, أدارها الإعلام بأساليب شيطانية أدت إلى لإجابة على السؤال السابق: لا والف لا ليس هذا هو الحكم المطلوب انقذونا من هذا الخطر الداهم, وقد سمع الكاتب بنفسه أحدى النساء العاميات حيث كانت تستمع في جلسة عن مجازر وأسلوب داعش في الحكم, تقول: إن كان هذا هو الإسلام فلا نريد إسلاما كهذا. 
عودة على ذي بدء فأني أخشى أن يتبع الأسلوب الذي ذكرت سابقا هنا في الأردن من خلال تهويل الخطر القادم من أنصار داعش في الأردن أو من تقليل ذلك الخطر ليخدم في الاتجاهين أهداف رعناء السياسة, فوجود 5-7 ألاف من أنصار داعش في الأردن ليس بالعدد القليل أن يتركوا كما يشاؤون, وليس بالعدد الهائل لكي تعلن عليهم الحرب, والأهم من ذلك أن نؤكد حقيقة واضحة عن الجماعات الإسلامية في الأردن فهي ليست بالمتشددة ولم تستخدم العنف لنيل أهدافها, ولكن إذا ما أُريد لها أن تقع في الفخ فقد يحدث ذلك من حيث لا يشعرون, وتصريح المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية اليوم بأن داعش هي أسم وهمي للأخوان المسلمين خير مثال على ذلك, فلنتحاور جميعا من خلال جميع المنابر المتاحة ولنبتعد عن الأساليب الشيطانية للإيقاع ببعضنا البعض كما حدث أمام أعيننا في الدول المجاورة, والخوف أن يزداد أنصار داعش في الأردن ليس حبا بداعش ولا اعتناقا لمبادئه وطريقته, وإنما بسبب ضياع البوصلة السياسية واستمرار سياسة التوريث, وأقصاء الاخرين, وافتعال المعارك الهامشية بين مؤيد للتعديل الدستوري ومعارض له, وازياد الوضع الاقتصادي سوءا, وتضخم هيئات المسائلة والنزاهة, وما زال الفاسدون الذين حكمت عليهم المحاكم الأردنية يتمتعون بالحرية, وفي الختام أخاطب الساسة في الأردن: أن خطأ فني أو مهني أو طبي (على عدم جوازه) قد يؤدي إلى وفاة شخص أو هدم عمارة أو تعطل مصنع أو مركبة, ولكن خطأ سياسي قد يؤدي إلى دمار بلاد بأكملها, فلا تراهنوا على صبر المواطن الأردني أكثر من حدوده, ولكن استغلوا ذكائه وحبه لوطنه للوصول إلى بر الأمان, بعيدا عن المخططات الدولية الشيطانية التي تحاك ضد لشعوب العربية والإسلامية, وأنتم أيها التنظيمات الإسلامية في الأردن حافظوا على سلمية تحركاتكم ونشاطاتكم فقد تصبحون من حيث لا تشعرون في خندق المواجهة مع النظام أو مع الشعب, والله من وراء القصد.