إخفاق في ترتيب الأولويات الاقتصادية....

أخبار البلد - خالد الزبيدي

 


ضعف قدرة صنّاع القرار الاقتصادي والمالي والاستثماري على وضع ترتيب منتج للأولويات في حياة المجتمع الاردني هو المسؤول عن الحالة الصعبة التي نعيشها، ومن الثابت ان هذه الحالة لاشك مستمرة، واحيانا متفاقمة، ومن ينظر الى منظومة الاستثمار ومجموع السياسات الاقتصادية والمالية يجد حركة محمومة للوصول الى الهدف المنشود، الا ان الاخفاق سيد الموقف ، والسبب في ذلك ينطبق علينا كمجموعة من الرسامين منهم المبدع والمُجد و العادي من حيث الكفاءة، الا انهم يعملون جميعا لرسم صورة واحدة يفترض ان تكون جميلة متقنة ودقيقة، الا ان كل منهم يعمل في منطقته بمعزل عن الاخرين، والنتيجة اننا ننفق المال ونهدر الوقت ونضيع الفرص، وتأتي النتيجة مؤلمة ان لم نقل مزرية، وبدل ان نتعلم مما حصل معنا نعيد الكرة بمقولات جديدة وسياسات يزعم اصحابها انها الاصلح والانجع، والنتيجة تأتي كما سبقتها وربما أسوأ.
وحتى لانغرق في التفاصيل وهي كثيرة اذ كل قطاع يحتاج لسلسلة من المقالات والدراسات لمعرفة ما نعاني منه، وهنا يمكن الحديث عن قطاع نقل الركاب، ربما الاردن ضمن الدول المتخلفة تنمويا والتي تعتمد على حافلات صغيرة الى متوسطة ( كوستر) في نقل الركاب، وهي غير كفوءة تثير الرعب في الشوارع وتساهم في الازدحام والحوادث المرورية، وتقدم صورة باهتة تجاوزتها الدول التي تنشد الحداثة والتطور.
صحيح ان بناء قطاع نقل ركاب عام متطور ومتنوع لن يتم انجازه دفعة واحدة، لكن البناء التراكمي هو الاساس لاي بداية صحيحة، والبداية تنطلق من العاصمة التي تستوعب اكثر من 45% من عدد سكان المملكة، بتأسيس شركات كبيرة كفوءة لنقل الركاب العام، وتقديم حوافز جمركية وغير جمركية للمستثمرين للقيام بهذا الدور، والانتقال الى بناء خطوط منتظمة للميترو بالاعتماد على الطاقة الكهربائية، وهذا ممكن باطلاق شراكات عامة وخاصة، والانتقال الى قطارات الانفاق وتوظيف المنح والمساعدات، و/او طرح فرص للمستثمرين لفترت طويلة ( BOT ) لـ ( 25 - 30 ) سنة، واحتفاظ الحكومة بالتنظيم والرقابة، وهذا المخطط قد يستغرق عقدا من الزمن، الا اننا سنجد صورة مختلفة مما نراه ونعيشه منذ ثلاثة عقود واكثر.
علينا ان ننظر الى المصلحة الكلية للمواطنين والاقتصاد وفرص الاستثمار الذي يوفرها هذا النوع من التفكير، من حيث وقف الهدر في الطاقة والاموال والوقت، واي مسؤول يمكنه التأكد من جدوى ذلك بالاطلاع على تجارب مجموعة كبيرة من دول العالم من ماليزيا الى تركيا واوروبا... هذه ليست صناعة حكرا على احد، وان المطلوب الاستفادة من تجارب الاخرين وتغليب مصالح الكل على مصالح مجموعة طفيلية تعيش على آلام المواطنين والاقتصاد الاردني