سميح القاسم: رحيل بطعم المدى

ربما آن لغزة المضاءة سماؤها بالصواريخ وشتى القذائف أن تنتحب قليلا، فجمهور الشهداء ضم شاعرا، وقنديلا.
لعله أرجأ رحيله بانتظار قصيدته الأخيرة، لنصر غزة، لنصر فلسطين، وتركها في قناديل الليل وأغصان زيتون وعناقيد عنب وطرقات القدس وأوراق تسجل حروف الغضب. وحين داهمه التعب أسلم عينيه للمدى.. مدى يضج بالصخب والعنفوان وولد يطير طيارته في فضاء البحر ويستريح حراً كالموج والرمل. فالحرية إما تكون بوسع البحار أو لا تكون.
ولسميح القاسم.. رحيل بطعم المدى، فله بيت أجر هناك في الرملة وآخر في عمّان، وهنا.. وهنا، وقصيدة عصماء ما زلنا نسترجع أبياتها:
قتلوني ذات يوم
يا أحبائي.. لكن..
ظل مرفوعاً الى الغربِ.. جبيني.
وفي مواجهة عدو محتل وشرس، عدو الشمس كما أسماه مرة، عدو هو الأول، مهما تكاثر أعداء هذه الامة، يحدد سميح القاسم اتجاه البوصلة واستراتيجية المقاومة في قصيدته الأروع:
تقدموا.. تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا..
يموت منا الشيخ والطفل
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم..
تقدموا..
بناقلات جندكم..
وراجمات حقدكم
وهددوا..
وشردوا..
ويتموا..
وهدموا..
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن قضاء مبرم..
ثم ينتهي، إلى تطلعنا وأملنا وحاضر غدنا، قائلا:
هلا .. ياهلا
إلى عرسنا .. أولاً ..
إلى شمسنا .. أولاً ..
إلى قدسنا .. أولاً ..
هلا .. ياهلا ..
بأبيض
أسود
أخضر
أحمر
طعام الشهيدة يكفي شهيدين
والله أكبر
الله أكبر
الله أكبر..