الفايعون
في عالم متغير قد يصل إلى حد التحول ، يظهر لنا مزيدا من الظواهر الاجتماعية التي تواجه حاجزا اجتماعيا قويا سرعان ما يخبو بفعل ثورة الاتصالات والتقدم العلمي فتصبح هذه الظاهرة أو تلك جزأ لا يتجزأ من مجتمعاتنا العربية .
الفايعون ظاهرة اجتماعية بامتياز ، شئنا أم أبينا ، نقبلها أم لا ، هي موجودة بيننا وعلينا التعامل معها بشكل أو بآخر . إذن من هم الفايعون ؟؟؟
الفايعون : هم الأشخاص الذين يحاولون أن يظهروا أمامنا بشكل مميز واستثنائي من خلال ملابسهم وتسريحة شعرهم وطريقة تفكيرهم ومشيتهم ..... الخ .
ما هو مصدر كلمة فايع ؟
جاء في معجم الوسيط أن فايع تعني أول الشئ فمثلا نقول فوعه النهار بمعنى أول النهار فوعه الليل ، فوعه الزرع ، فوعه الشباب وهكذا .
ومن هنا نجد أن فايع تعني أول الشباب . وأن الفايعين يقعون في الفئة العمرية ما بين 12 إلى 22 سنة ويمكن أن تزيد أو تقل حسب النمو الفكري للفرد ومدى التصاقه بالمجتمع و أن الفياعه فترة تمر على المراهقين ربما تنتهي في عمر معين .
كيف ينظر المجتمع إلى الفايعين ؟
مما لا شك فيه أن الفياعه كانت موجودة منذ سنوات ولكنها لم تكن تشكّل ظاهرة اجتماعية فقد اقتصرت على العاصمة وبعض المدن الكبيرة ، وبعد التطور الكبير في مجال الاتصالات انتشرت هذه الظاهرة بين الشباب ، بسبب تقليدهم لبعض المشاهير من الفنانين والممثلين وغيرهم، ورافق ذلك عدم قبول من الفئة العمرية الأكبر ورفض تام في التعامل أو حتى الاحترام ،لاعتقادهم أن هؤلاء يعانون من نقص في الكرامة والشهامة وبعض القيم المجتمعية التي يجب المحافظة عليها
وابتعادهم عن قضايا الوطن والقضايا القومية ، ولكن هذه النظرة سرعان ما تغيرت في ظل عالم سريع التحول واستجابة إلى متطلبات العصر .
ومن وجهة النظر الأخرى يقول الفايعون أن هذه الظاهرة هي جزأ من الحرية الشخصية التي يجب أن تحترم ما لم يسجل المجتمع أي انتقاص من قيمه واخلاقة نتيجة هذه الظاهرة وانه آن الأوان للمجتمع أن يقبل بهذه الظاهرة وأن لا ينظر لها نظرة سلبية .
ما هي حقيقة الفايعين ؟ قد يستغرب البعض من الحقيقة التي يريد أن يظهرها الشخص الفايع وهي أنه يعاني من فائض في المشاعر ( emotions ) والتي تسبب له فائض في الكآبة في حين أن المقلدين للفايع دون معرفة السبب الأول يعتقد بأن هذا المظهر هو موضة العصر وأنه ربما يعكس مستوى اجتماعي واقتصادي يتميز به على الآخرين .
اقتربنا من فرقة موسيقية منظمة في إحدى الشوارع ، تحمل آلات موسيقية غربية (القيثار والدرمز وغيرها ) وتساءلنا ماذا يمكن أن يغنى هؤلاء الفايعون وانتظرنا أن نسمع أغنية غربية لمطرب مشهور عكسوا صورته على أشكالهم وملابسهم (مايكل جاكسون ) في حين أن بعضهم يضع صورة (لجيفارا ).
بعد لحظات كانت الأغنية التي ألفوها بأنفسهم وكذلك قدموا لحنهم الخاص وإيقاعهم الفايع هي دعوة للبكاء وليست للرقص. فقد تمايلنا معهم وطربنا بشجن وحزن شديدين وتمنينا أن يستمروا أكثر . كانت الأغنية لأطفال غزة الذين قضوا نحبهم في الحرب .
وفي شوارع العاصمة الأردنية عمان وجدنا عدد من الفايعين أقاموا حملة (تسلم أيدك ) وبموجبها عملوا على توزيع وجبات الإفطار على عمال الوطن (عمال النظافة ) على نفقتهم الخاصة ودون وجود ممول رسمي أو جهة خاصة أو مؤسسة أو غيرها وأنما اعتمدوا على مصروف الجيب الذي يتقاضوه من الأهل .
وفي مصر استطاع جيل الفيس بوك وهم ما يسموا أنفسهم (بالروشين) أن يسقطوا النظام المصري بثورتهم التي طالبت بعزل الرئيس المصري وكذلك الإصلاح السياسي والدستوري وتعدى ذلك إلى رفع مطالبتهم إلى سقف القومية العربية .