الضمان.. متشائم

يحق للصناديق الاستثمارية العملاقة قول كلمتها في الاقتصاد وتوقعاته، لا بل ان رأيها يحرك الأسواق العالمية تماما كما تحركها تصريحات كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين.

في الأردن تشكل المحفظة الاستثمارية للضمان الاجتماعي نحو 25 % من الاقتصاد الوطني، وهو ما يضع صندوق استثمار الضمان في أعلى قائمة المستثمرين المحليين والخارجيين في السوق المحلية.

من هذا المنطلق، يكون لتوقعات الضمان الاقتصادية أهمية مضاعفة، كونه الفاعل في السوق، والمدرك لحركة الاقتصاد على أرض الواقع، والمستثمر الأكبر خلال السنوات المقبلة.

نشر صندوق استثمار الضمان مشكورا خطته الاستراتيجية للأعوام 2014 ــ 2018، حيث انطوت الخطة على ملامح الاقتصاد الوطني للسنوات ذاتها من وجهة نظر المستثمر الأكبر في المملكة.

أكثر ما يلفت في توقعات الضمان الاقتصادية معدلات التضخم المتدنية للأربعة اعوام المقبلة بنحو 2 %، وهو معدل لا يعتبر مقبولا حتى بالنسبة للاقتصاديات المتقدمة والناضجة.

المستشف من توقعات الصندوق للتضخم أن القوة الشرائية للأردنيين في تراجع والأجور في حالة كساد مستمر، وأن معدلات النمو الاقتصادي غير كافية لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمل.

هذا هو التحليل الوحيد وراء توقعات انخفاض التضخم، والا كيف تنخفض الأسعار والحكومة تلتزم رفع تعرفة الكهرباء وفرض مزيد من الخطوات التقشفية، في حين يفترض أن يشحن النمو السكاني غير الاعتيادي الطلب على السلع والخدمات رافعا من أسعارها.

تشاؤم الضمان من مستقبل الاقتصاد الوطني لا يقف عند التوقع، بل يمتد ليشمل خطته الاستثمارية التي تنتوي ولأول مرة التوسع في الاستثمار الخارجي وصولا الى 8 % من حجم المحفظة في 2018.

أي أن الضمان يريد تأمين تقاعد الأردنيين من خلال المشاركة في مكتسبات النمو الاقتصادي خارج المملكة، وبالتالي التحوط ضد الوضع الاقتصادي غير المبشر على المستوى المحلي والاقليمي.

قد لا يروق للكثيرين توجه الضمان للاستثمار في الخارج من باب التوجس والشك في مصير هذه الاستثمارات.

بيد أن التوقعات الاقتصادية التي اعتمدها الضمان، وفيها كثير من الموضوعية، تبرر للصندوق استثمار أموال أكثر خارج البلاد، وتقليص استثماراتها الداخلية دون المستوى المخطط له ضمن الاستراتيجية.

الهدف الرئيسي للضمان تعظيم "تحويشة" تقاعد الأردنيين بعيدا عن التدخل الرسمي في استثمارات المحفظة، وهو ما توفره الاستثمارات في الأسواق العالمية أكثر من تلك المتاحة محليا.