المعلمون مجندون لصالح فئة محظورة ...!!!


منذ أكثر من ثلاثة أشهر قالت نقابة المعلمين الأردنيين كلمتها ، أنها تتيح المجال أمام الحكومة للقيام بواجبها بتعديل قانون الخدمة المدنية الجائر ، وتحسين التأمين الصحي ، ووضع قانون صارم لمن يعتدي على المعلمين ، وأن النقابة ماضية في طريقها لتسحين الوضع المعيشي لكل منتسبيها من خلال علاوة الطبشورة وغيرها ، ونقابة المعلمين قامت بذلك وفقا للقانون والدستور ، وفي ذلك الوقت أوعز معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات إلى رئيس ديوان الخدمة المدنية لإجراء التعديلات اللازمة على قانون الخدمة المدنية قبل مطلع آب فاستبشر المعلمون خيرا ، لكن الغريب أن آب جاء وما زال المعلم يشتكي من أحوال القانون الجائر ، والمعيشة الضنكى ، والاعتداء المتكرر ، والنظرة المشئومة ، نادى المعلمون بالحوار ، ووقفوا وقفات احتجاجية تجاوزت الأربعين وقفة خلال هذه المدة ، وطالبوا فيها الحكومة بالإسراع إلى تلبية مطالبهم العادلة ، قبل بداية الدراسي الجديد ، لكن لا مجيب ، أُغلقت الأبواب ، وسدت منافذ النسيم ، ولم يكن أمام المعلمين إلا خيار واحدا ، وهو الأسوأ على الإطلاق خيار الإضراب ، وتعلم النقابة بنقيبها ونائب نقيبها ومجلسها وأعضاء الهيئة المركزية ومنتسبيها من الهيئة العامة حجم المأساة والضرر الذي سيلحق المجتمع من الإضراب ، لكن في المقابل لن يُهمل المعلمون تلاميذهم ، ولن يفوتهم شيئا من المنهاج وغيره ، فالمعلمون أحرص ما يكون على وطنهم وأمتهم وأبنائهم الطلبة ، لكن مطالبة المعلمين بحقوقهم تحتاج إلى قوة وصلابة دون تراجع أو استسلام ، وأنا على يقين أن المجتمع الأردني بحضارته العريقة ، وفكره النير يدرك مدى أحقية مطالب المعلمين وأهميتها ، ويعلم أن راحة المعلم هي من تبني الوطن وتحميه ، ولولا المعلم لما كان الوطن عاليا شامخا ، لكن ما يؤسفني للغاية أولئك الذين يكيلون الاتهامات للمعلمين ويعتبرون أنهم مجندين لخدمة حزب أو جماعة ، ويم الله أن هذا افتراء بعينه ، فمطالب المعلمين في مجملها لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمكاني ، ولا يوجد فيها مطلب واحدا سياسيا ويكذب من يقول غير ذلك ، أنا في غربتي مع المعلمين في إضرابهم لنعيش بقية عمرنا في راحة وكرامة وعزة وكبرياء ، فقد ولى عصر العبودية والخنوع ، نؤمن بالحوار ، وما زلت يد نقابتنا ممتدة إلى حكومتنا علها تعود إلى رشدها وتلبي مطالب المعلمين ، معلمنا على قدر من الوعي ولن يستطيع أحد أن يجره أو يجيره إلى هواه ، ولتعلم حكومتنا وهي تعلم أن المعلم هو الكائن الوحيد في الوطن الذي يعيش على كفاف وربما لا يكفيه الكفاف ، ومع ذلك ضحى المعلم بكل ما لديه ليقدم عمره فناء للوطن عملا وقولا ، لا قولا ونفاقا كما يتشدق المتشدقون من السحيجة والنواب والوزراء بحب الوطن ، وهم لم يقدموا للوطن سوى التدليس والتهريج ، ولولا المنفعة والتكسب غير المشروع ، لقاموا بهدم الوطن على رؤوس ساكنيه ، ولعنوا كل من فيه ، لكن ما دامت جيوبهم ممتلئة ، وأرصدتهم عالية ، ومناصبهم نافذة ، وكلمتهم مسموعة ، والمجتمع لهم من دون لله يركع فهم يشعروننا بحب الوطن ، يا سادة حب الوطن عبادة ، وليس شعارات ترفع ، ولا كلمات تكتب ، ولا ألفاظ هنا وهناك تسمع ، حب الوطن أن تُكرم معلماً ، وأن ترعى متفوقاً ، وأن تجازي عاملاً ، وأن لا تزدري موظفاً ، حب الوطن النهوض به ، ولا ينهض الوطن إن لم يتم تكريم معلماً ، وأقول للناعقين ماذا قدمتم للوطن ، ومن علمكم تجميع الحروف وترتيبها ، ومن فهمكم جمع الأرقام وطرحها ، أليس المعلم ، فلماذا تجازون الإحسان بالإساءة وتنكرون الجميل ، كفاكم هراء فالمعلم يبني الأوطان ولم يهدمها يا ناعقين ...!!!
بقلم : محمود العايد
الإثنين / 18/8/2014