الرئيس إذْ يفتتح هاي وي الشغب..!!
وضع مدير عام إقليم تنموي خطة تنموية طموحة من الطراز الرفيع على مكتب وزير التنمية الإقليمية في حكومة تنتمي لدول العالم الثالث، وتضمنت الخطة ثلاثة أهداف رئيسة: رفع منسوب الحريات العامة في الإقليم من خلال تجديد شبكات البنى التحتية للحريات وتقديم نماذج إقليمية حرّة صالحة للمحاكاة، والقضاء التام على التهريب والفقر والبطالة بين سكان الإقليم ضمن مدة سريان الخطة عبر وسائل وأدوات تحفّز على المنافسة الحرة والشريفة، والهدف الثالث تنميط السلوكيات العامة من خلال سن تشريعات تعاقب على التقليد غير المشروع، وتجّرم القرصنة الذكيّة على أرض الإقليم وفي مياهه وسمائه..!!
وعند مناقشة الوزير للخطة، رأى سعادته ( وهو اللقب الجديد للوزير بدلاً من لقب معالي "تم تغييره بمرسوم رئاسي رفيع" تماشياً مع الاحتجاجات الشعبية) أن الخطة على الرغم من نسبة الطموح العالية الكامنة فيها، إلاّ أنها ينقصها الوضوح، وطلب من مدير الإقليم وضع تصور شمولي للتنفيذ يختلف عن التصور المقترح، وأن تشتمل الخطة على وسائل خاصة بالترشيد الإنفاقي، وأخرى خاصة بالتدبير الإنفاقي، ووضع أولويات للتحفيز الوطني، وتحديد معايير الفقر في الإقليم بشقيه المادي والسلوكي، مع تقديم مقترحات أكثر تحديداً لمعالجة النزف في شبكات الاتصال والطاقة، كما طلب أيضاً تفسير الهدف الثالث للخطة وتقديم تبريرات كافية للتنميط، ومعالجة مشكلة المديونية الإقليمية المتفاقمة الناجمة بالمقام الأول عن تحوّل قسم كبير من السكان إلى أعمال القرصنة والتهريب، إضافة للتهرّب من دفع الضرائب..!!
وعندما عاد المدير العام إلى جهازه التنفيذي في الإقليم حاملاً خطة لم يُكتب لها "التمرير" من الوزير، عقد اجتماعاً طارئاً ضم المفوضين وكبار التنفيذيين، وعرض عليهم وجهة نظر الوزير، وطالب من كل مسؤول حسب اختصاصه، تقديم خطة تفصيلية في الموضوعات التكميلية أو التبريرية المطلوبة، على أن يتم عقد اجتماع في الساعة الأخيرة من اليوم للمناقشة والإقرار..
وفي اجتماع الساعة الأخيرة، قال مفوّض الشؤون المدنية بأن الخطة المقدمة تتعارض مع القيم الأساسية المعلنة للإقليم، وبخاصة قيم المساواة والنزاهة، خاصة ما يتعلق منها بالتنميط السلوكي..!! واحتج مفوض البنى التحتية على صناعة "نماذج محاكاة" عبر تجديد شبكات البنى التحتية، مردفاً أن البنى التحتية الحالية قادرة على المنافسة ولا تحتاج إلى تجديد لتحقيق هدف كهذا، وأن النزف الحاصل فيها ناجم عن سوء استخدام وربما إفراط من المستخدمين وليس ناجماً عن اهتراء في الشبكات..!! أما مفوض التشريعات فقال بأننا في الإقليم لا نملك مكافحة القرصنة الذكية ولا نستطيع ذلك لأسباب مشروعة وهي أن تشريعاتنا تجيز العمل تحت شعار (الغاية تبرر الوسيلة..)..!! أما مفوض التنمية الإقليمية فقد طلب من المجتمعين أن يتأملوا خطة تنموية طموحة بديلة لكنها بسيطة وبلا أي تعقيدات، مردفاً أن الخطة ستعالج الاختلال الإقليمي وتضع الإقليم في مسار متقدم بين الأقاليم الأخرى التي تعاني من بوادر فوضى خلاّقة..!! وقبل أن ترتسم علامات الدهشة على وجوه المجتمعين، أضاف: تتلخص الخطة الجديدة في حل مجلس مفوضي الإقليم أو إقالته، لعدم قدرته على تقديم حلول جذرية مقنعة للمشكلات الكبيرة التي يعاني منها الإقليم، ولعل في تقديمه لوصفة خطة تنموية بلا أهداف حقيقية ما يدفع باتجاه هذا الحل وبالسرعة الممكنة..!!
وفي الأثناء علت قهقهات.. وتطايرت أوراق الخطة من نوافذ القاعة.. ثم خرج الجميع لاستقبال رئيس حكومة الإقليم القادم لافتتاح طريق "هاي وي تنمية الشغب" وسط الإقليم..!!
Subaihi_99@yahoo.com