هَلْ يَعُوْدُ الْهَاشِمِيِّونَ أَقْوِيَاءٌ وَقَادَةٌ لِلْعَاْلَمَيْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْإِسْلَامِيِّ مَرَّةٌ أُخْرَىْ؟!
هَلْ يَعُوْدُ الْهَاشِمِيِّونَ أَقْوِيَاءٌ وَقَادَةٌ لِلْعَاْلَمَيْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْإِسْلَامِيِّ مَرَّةٌ أُخْرَىْ؟!
قبل أيّام عادت إبنتي ميسم ذات الثالثة عشر من عمرها من مدرستها - الحسين الثانويّة للبنات - التّابعة للثقافة العسكريّة في الزّرقاء؛ لتقول وتخبرني بأنّ مُدَرِّسَتَها تحدّثت لهم اليوم من خلال درسٍ في الثورة العربية الكبرى عن تاريخ الهاشميين العظيم المشرّف على مر التّاريخ، وعن قيادتهم الشّرعيّة للعرب و المسلمين عامة، والأردن بخاصة، و أضافت انّ المدرّسة قد قالت أنّ التاريخ سيعيد نفسه قريباً أو في يوماً ما، وسألتني: هل يمكن أن يكون هذا صحيحاً؟ فأجبتها بالإيجاب، وبحماسٍ شديد سألتني: هل يمكن ان يعود الهاشميّون أقوياء وقادة للعالمين العربي و الاسلامي مرّة اخرى؟
هذا السّؤال الذي يليق بالهاشميين الكبار من صغيرةٍ تعيش الآن بعيداً عن ماضيهم، وتحتفظ بذكرى بلدها الأردن في قلبها ووجدانها وعقلها، و الذي لم تَعرف بحكم عمرها غيره من البلدان التي قادوها؛ حفّزني على إجابة تستدعي التّفكير الثّاقب والجريء، فأؤكّد من خلاله على ضرورة العمل الدّؤوب في سبيل رفعة هذا البلد الذي يستحقُّ موقعاً متقدّماً بين الأمم، وبخاصة أنّ من يقوم عليه ويحكمه هم الهاشميّون، واؤكّد على وجوب احترامهم وتقديرهم ومحبّتهم لغة وشرعاً، ولأبيّن لها أنّ الاردن منذ أسّسها الهاشميّون وهي منبعٌ للحضارة و الفكر والعلم والثّقافة والفن و البناء وحسن الأداء، ولو أنّ بين فينة وأخرى؛ تخبو فيه شعلة الحضارة، وينطوي الأردنيّون على أنفسهم، وكأنّهم في غيبوبة لا يعون بما يدور حولهم وحول بلدهم من الدّاخل و الخارج...، ومستنداً في قولي هذا بما يحدث الآن...، فهو خير مثال لما أتحدّث به وأحلّل و أنظّر فيه، إلّا انّه سرعان ما يفيق الشّعب الأردنيّ العظيم من غثيانه، فينتفض بكل حيويّة ونشاط، فتتوهج شعلة الحضارة مرة أخرى في عيونهم المُبصرة المتوهّجة الحاده، وجباههم الشّامخة العاليه، لتضيئ شموع تراب وطنهم الأبي الطّهور.
ويمكنني القول واثقاً رغم أنّ الكثير سيتّهمني ويصوّب لي صفة المبالغة وعدم الواقعيّة؛ إلّا أنّه يمكنني القول بكل جرأة وثقة: بانّ اغلب الشّعوب العربيّة و الاسلامية، وبخاصة في هذه الظّروف القاسية التي تمر بها بلدانهم من توهان وفقدان إتّجاه وظلم وغياب لهويّاتهم الإسلاميّة وحضاراتهم العربيّة، وقيادات الشّرعية...؛ يتحدّثون وينتظرون في أنفسهم رفعة وعودة الهاشميين على إعتبار انّ في ذلك رفعتهم و عودتهم جميعاً...، ويثبت الزّمان أنّ أكبر مكانة حقّقها وسيُحققها العرب خاصة، والمسلمون عامة؛ كانت وستكون في وجود هاشميين أقوياء كعمودٍ فقريٍّ نلتفُّ أولاً نحن الأردنيون حوله الآن، و ستلتف ثانياً الشعوب العربيّة و الاسلامية جمعاء حوله فيما بعد.
ولميلي للمدارس الفكريّة التي تركّز على تنوير العقل قبل القلب؛ ولكي لا أقع في فخّ الذين ينتهجون أساليب وطرق قديمة بالية في الحفاظ على بلدانهم بالاعتماد على العاطفة من خلال بث مشاعر لا يراها العقل و الفكر واقعاً...، ولا يخشاها ألم الضّرس، فهو يعلم أنّه سيعود بقوّة حال إنتهاء فعلها المؤقت لفترات لا تَعني سوى التّسكين دون النّزع والخلاص...؛ فإنّني وجدت أمامي سّؤالاً يُُلحّ عليَّ في طرحه ويقول لي:
تمام يا دكتور صالح...، لقد تحدّثت لنا فيما سبق عاطفيّاً فأنرت قلوبنا، فهلّا حدثتنا بفكرٍ يُنير عقولنا فتقول لنا كيف سيصبح الأردنّ بلداً متحضّراً ومتقدّماً ويستحقُّ ما يحصل عليه من ميزة الحكم فيه كبلدٍ شبه أوحدٍ لا زالت تَحكمه سلالة عريقة هاشميّة وستستمر وتبقى، ويُذكر أسم جدهم (محمدٍ) صلّى الله عليه وسلّم خمس مرّات دون إنقطاع مَقروناً باسم الله الكبير قبل كل صلاة، بصوت كلّ مؤذن في كل بقعة تطلع عليها الشّمس وتغيب، وبغض النّظر عن كرويّتها وابتعادها؟
سأُجيب بكرمٍ بالغٍ مما أملك من علمٍ متواضعٍ فأقول : منذ ان خلق الله الإنسان على سطح الأرض؛ أثبت تاريخ الأمم أنّ الحضارة تزدهر بين مجموعة من النّاس (الشّعب) في حال توفّرت في مجتمعهم (الأردن) ثلاثة مُقوّمات رئيسيّة ضروريّة، وهي:
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->توفير وانتاج الغذاء الصّحي و الكافي، والذي يحقق للنّاس نموّاً سليماً يحصل الفرد من خلاله على جسم سليم وبنية قويّة، ويمكّنان العقل ويساعدانه في الحصول على المعرفة الواسعة، والمخيّلة الصّحيحة والسّويّه (ألم يُرسَل الهاشميُّ الأمين إلى البادية في صغره بحثاً عن غذاء صحي وفكري يؤهله لما ينتظره من أمر عظيم؟ ونحن لنا منه القدوة والحكمة).
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->تكافؤ الفرص، وتقسيم الواجب و العمل بين أفراد المجتمع تقسيماً شبه عادل (العدل الكامل لله وحده)...، وهو ما يتطلّب ويستدعي تقديم وترقية أهل الخبرة والمعرفة وحسن الإدارة وليس أهل الثّقة (الموالين) فقط على جميع المستويات (ليس هناك من هو أحقّ من الهاشميين بفرض العدل في الأرض، وليس هناك من هو بأشدِّ حاجة له الآن كالأردنيّين).
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->إيجاد حياة كريمة مؤهلة في المدن والقرى؛ تضمن للنّاس عدم الانشغال بالبحث عن قوتهم اليومي فقط، فيعيشون في بيئات صالحة تمكّنهم من الإبداع والابتكار في الانجاز و العمل (ليس هناك أولى بالكرامة من الأردنيين كون ما يحكمهم هو الكريم وابن الأخ الكريم، فالكرماء لا يرضون إلّا أن يكون ما يُحسب لهم وعليهم ويسودهم فيُشيرهم ويُشيرونه ويصاحبهم ويصاحبونه؛ إلّا مُكرَّمين كرماء مثلهم، ولا يجالسون أو يجالسهم من القوم سوى أفضلهم وأخيارهم ...، و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قِيلَ : " يا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ قَالَ : أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ . قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ . قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا " . قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه : أكرم الناس من اتقى اللَّه ، والكريم التقي ، والتقوى : هي العزم على إتيان المأمورات ، والانزجار عَن جميع المزجورات ، فمن صح عزمه على هاتين الخصلتين ، فهو التقي الذي يستحق اسم الكرم ، ومن تعرّى عَن استعمالهما ، أو أحدهما ، أو شعبة من شعبهما ، فقد نقص من كرمه مثله .
الحكم المبدئي: إسناده ضعيف ويحسّن إذا توبع).
من هنا؛ ستصبح الأردن دولة عظيمة ومؤثرة بخصوصيّتها وشعبها، فتُحترم لقدسيّتها وبركتها المؤكدة بأمر الله الذي جعلها من حول المسجد الأقصى المبارك، وبشعبها الذي أودع به الله خيراً إلى يوم القيامة كغيره من اهل بلاد الشّام، وبقيادته الهاشميّة التي بَعث الله منها للعالمين رسولا، فمن هنا؛ سيكون لهاشميّيها النّصيب الأكبر في القيادة العربيّة و الاسلاميّة في حال الشّروع الفوري على اكتمال وإحلال المقوّمات الثلاث السّابقة وغيرها من المقوّمات التي يمكن لها الظّهور تزامناً مع تقدّم عمليّات الانجاز والعمل.
الّلهم إشغل الاردنيّون في حبّك وحبّ رسولك ودينك، وأعنهم على الإخلاص لمليكهم وأعِن مليكهم على الإخلاص لهم بما يُرضي وجهك وعظيم سُلطانك، وكل من ضدّهما ويعاديهما ظاهراً وباطناً؛ فاشغله الّلهم في جسمه وصحته وماله وجاهه وترفه وبذخه...، فإنْ أنسيتهم أنفسهم بعد أنْ نسوك، فكبّهم الّلهم على وجوههم في النّار، فسُبحانك ما أعظمُ شآنك، إنّك سّميع عليم، قريب مجيب الدّعاء ...!