«اضراب المعلمين» علاقة النقابة والحكومة ليست تحديا

العلاقة بين الحكومة ونقابة المعلمين ليست علاقة تحد ، وقصة الاضراب الذي تحضر له النقابة ليس جديدا او خبرا طارئا على الحكومة .
اذا كانت العلاقة بين الطرفين تحدي ، ومعركة كسر عظم ، ومن سيضطر الى القبول في آخر المطاف فإن المسأله تنطوي على فهم خاطئ من البداية ،فالقصة ليست من يستجيب لمطالب الآخر ، وليست من «يذعن» لموقف الآخر ، طالما أننا نتحدث عن فئة مثقفة ومتعلمة ومربية قبل وبعد كل شيء .
المعلم في الموروث الشعبي الأردني يرتقي الى مستوى «خطيب المسجد» في المهابة والقدر ، والموروث العربي والاردني والاسلامي يولي المعلم مكانة متقدمة في كل شئ ، ذلك انه الأمين المؤتمن على فلذات أكبادنا ، وعلى طلبة يتأثرون مباشرة بما يقوله المعلم .
لكن دعونا نعترف ان واقع المعلم الاردني اختلف في هذه المرحلة ، وأصبح طلبة المدارس ينظرون اليه على أنه «اي شيء» الا «المعلم» .. سجائر في الغرف الصفية ، الفاظ نابية من بعض المعلمين ، تأهيل تربوي ناقص ، نظرة الطلبة الى المعلمين اختلفت ، فلم يعودوا ينظرون اليه كـ»قدوة» ، ذلك ان «المعلمين الجدد» ممن يرتدون البنطلونات الساحلة والمكحوتة ويحلقون شعورهم بحلقات عجيبة.. يرتعون في مدارسنا ، ويعلمون الطلبة كيفية استعمال «الواكس».. .
الحكومة تخطئ ايضا لو استمرت في تعنتها وهي تغلق في وجوه النقابة كل الابواب ، لا بد من وجود أبواب مواربة ومفتوحة على كل الافاق ، اذ ان توجه النقابة نحو الاضراب معناه ان نلقي بتعليم مليون ونصف المليون من ابنائنا في مهب الريح ، وهو أمر لا تريده الحكومة بالتأكيد .
على الحكومة ان تعيد المعلمين للحوار ، وان تستجيب للمطالب العادلة والمنطقية ، وعلى الجانب الآخر مطلوب من النقابة أن لا تنجذب لدعوات الشعبية على حساب مصالح الغالبية العظمى من الاردنيين لتحقيق مصالح لها علاقة بتحسين الوضع المعيشي للمعلمين ، لكنها ايضا يجب ان تنظر الى الأمكانيات المتاحة في الدولة وتوازن بين هذه الامكانيات من جهة ومع مصالح اعضائها من جهة أخرى .
على الاخوة في نقابة المعلمين والذين تربطني بهم علاقات محبة وأخوة ان لا ينساقوا خلف البحث عن شعبيات ومطالب كبيرة لا يمكن تحقيقها ، ليكونوا بذلك مثل الطالب الذي يطلب من والده محدود الامكانيات ان يحضر له سيارة وجهازا خلويا فاخرا ، وهو يعلم تمام العلم ان والده لا يملك المال .
نعم نحن مع مطالب المعلمين العادلة والمنطقية ، والتي يمكن تحقيقها ، لكننا بكل تأكيد لسنا مع معارك «كسر العظم» بين الحكومة والنقابة ، في حين ان المتضرر هم ابناؤنا الطلبة .
الحوار.. الحوار هو الحل ، وعلى الحكومة ان تتجاوب مع المطالب الممكنة للنقابة ، مثلما انه على النقابة ان تكون أكثر مرونة في تعاملها مع الحكومة ، فهي لا تتعامل مع حكومة بلد آخر ، انها تتعامل مع حكومة بلدها وكل منهما يكمل الآخر .
وعلى الحكومة ايضا ان لا تنظر الى النقابة بإعتبارها عدوا ذلك ان دور النقابة التنظيمي مكمل لدور الحكومة في هذا الجانب ، ومطلوب من الحكومة ايضا ان تقدم للمعلم ما يحفظ كرامته ويحقق له العيش الكريم ، بعيدا عن اسلوب التحدي .