خواطر قصيرة جدًا

قال الفتى العائد من وراء الكثبان الرملية العالية، محاولاً جهده التقاط أنفاسه: إن النهر هناك.
لم يستطع أي من أعضاء القافلة التائهين في صحرائهم الذين نهش العطش عروقهم اليابسة، وطفقوا يستنشقون اليأس ويزفرون الأمل كأسماك على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة، أن يصدق، أن النهر الذي قصده الفتى، كان حقاً هناك.
**
قال لنفسه: أريد أن أعود إلى البيت.
بغتة انتبه إلى كونه جالسًا في البيت.
قال: هذا أغرب ما فكرت فيه!
**
وعدهم ألا يقول إلا صدقاً، ويكون نهجه الإصلاح، وألا يتخذ قراراً ليس فيه مصلحتهم، ويحافظ على لقمة خبزهم، وحين استدار ومضى، مستقلاً سيارته الفاخرة، تساءل رهط من الحاضرين، إن كان ظله ما يزال مكانه، ممسكًا بالميكرفون.
**
لم يكن قادراً على تمييز طعم العفن في فمه، فقد تراجعت قدرته على التذوق منذ زمن، وتحديداً حين آخذ يتقدم في العمر، لكنه استشعر رغم ذلك خطباً في الخبز.
نظر بعين كليلة إلى ابنه، موشكاً أن يسأله عن الأمر، بيد أن الولد سارع للقول: كل يا أبي!
**
آفة المفكرين والاكاديميين الذين يضطلعون بالعمل السياسي أنهم يتحولون في حالات إلى «تُوى»، كما وصفهم «برتولد بريخت»؛ كناية عن «الببغاوات» العاجزة عن تحويل الفكر إلى عمل، أو طرح مقاربة مع الواقع.
نسمع مئات التحليلات تنهال علينا من أفواه مفكرين من كل نوع على الفضائيات، أو في مقالات الصحف، والغريب أن لا أحد يتابع هذه القراءات والتوقعات! ولا يحاكمها! ولا يتبين مدى قربها من أرض الواقع وقابليتها لأي تطبيق، فتظل تعصف في فنجان!!