الإخوان.. وحليمة.. ما الجديد؟

يقوم رتل من الكتاب المدججين بانواع الاقلام المختلفة بهجوم كاسح على جماعة الاخوان المسلمين متهمين اياها بالتنكر للدولة التي احتضنتها منذ اكثر من ستين عاما، وسمحت لها بالوجود والبقاء وحرية العمل، ولم تقم بقمعها وقتلها كما فعلت انظمة عربية أخرى، كما انهم يصفونها بالرجعية والظلامية، وعدم القدرة على التعامل مع مستجدات الواقع، وانها تتعامل مع داعش وتخطط معها، وان التطرف اصبح هو المهيمن على تفكيرها وسلوكها، وانها انتهازية تستخدم الظروف التي تمر بها المنطقة لتحقق مكاسب على حساب الوطن، وانها لم تقدم لفلسطين شيئا وانما تحارب من وراء الطاولات وتفتخر بشعر بنت عمها، بينما الدولة تقوم بكل ما هو مطلوب تجاه الوطن والمواطن وفلسطين وكل قضايا الامة، والاخوان فقط يقومون بدور المتفرج البائس الذي لا يحسن شيئا ولا يصنع معروفا.
ثم يتحدث هؤلاء الكتاب عن شرعية الاخوان وامكانية حل الجماعة، بل يحرضون على ذلك ويتوعدون به الجماعة ان هي بقيت تركب رأسها وتقيم المهرجانات الكبيرة التي تقدم فيها فقرات مستفزة كالصواريخ التي تحاكي القسام وان كانت من الكرتون، و»اواعي الكاكي» التي ارتداها الشبان، وهي ملابس الجيش الموجودة في كل مكان وكل بيت.
يدهشك هذا الهجوم العرمرمي المتزامن لدى هؤلاء الكتاب جميعا في وقت واحد وبنفس العبارات والافكار، كأنهم موصولون بمصدر واحد للتزود بالمعلومات والافكار وحرارة الطرح، وتزول الدهشة حين تتذكر انها ليست المرة الاولى التي تحدث فيها هذه الهجمات، فهي تتكرر كلما شعر النظام بالضيق واحس بالعزلة والتقصير تجاه قضايا الوطن وفلسطين، وليس العكس بالطبع، فالذي يعمل وهو مقتنع بما يعمل لا يحتاج لكل هذا الضجيج للدفاع عن موقفه الذي لا تخطئه العين.
لن انسى ان المهرجان الذي سبب كل هذا النزق وهذا الهجوم هو مستفز بكل معنى الكلمة، فاتفاقية وادي عربة تنص على التزام اطرافها بعدم التحريض وسن التشريعات التي تضمن ذلك، والمهرجان كان يحرض بعنف على أحد طرفي المعاهدة، وهو دليل على عجز النظام عن الوفاء بتعهداته امام الطرف الآخر.
كانت هناك محاولات جادة لتحجيم الاخوان وحشرهم في الزاوية واظهارهم كفاقدي الشرعية والشعبية، وهذا لم يكن مطلبا صهيونيا فقط، بل مطلبا عربيا كذلك، وهذا الحشد الضخم الذي اجتمع في المهرجان أظهر أن كل الجهود التي بذلت بهذا الصدد قد ذهبت ادراج الرياح، وهذا وحده كاف لاستفزاز الجهات المعنية بتحجيم الاخوان، وارسال تقرير الى الجهات المراقبة ان الخطة فشلت وان التقارير عن تراجع شعبية الاخوان كلها مكذوبة، وهذا يفسر الهجوم غير المتوازن على الجماعة.
كلمة السر في الهجوم على الاخوان هي (الشعبية)، وهي التي يخشاها النظام وهو يتعامل معهم، هو يريد ان ينفض الناس عنهم، ولهذا فماكينة الاعلام لا تتوقف عن التشويه والكذب في كثير من الاحيان، ولكن الاخوان كتنظيم قديم ومتجذر وعميق في وجدان الاردنيين لا يمكن محاصرته بمجرد حملة اعلامية مكرورة، واتهامات ليس لها رصيد من الصدق، وخاصة ان الذي يطلق الاتهامات على النظام بخصوص فلسطين وغزة ليس جماعة الاخوان، فقد تحدثت وسائل اعلام وصحفيين وسياسيين كثر عن حلف اقليمي ضد المقاومة، وهذا حدث قبل مهرجان الاخوان المسلمين، مما يؤكد انه حتى هذه الاتهامات ليست هي التي ازعجت النظام، وانما الحشد الجماهيري غير المسبوق هو السبب.
كتاب كبسة الزر، والمواقف المعلبة والجاهزة، والعبارات المكرورة، ترى كم هو الثمن الذي تسعر به هذه المواقف في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار الذي يعاني منه المواطن الاردني، خاصة ان الدفعات التي تشترى بها الذمم هي ايضا على حساب المواطن وقوت اطفاله، نريد أن نطمئن أن المديونية لن ترتفع كثيرا بعد هجومكم الشرس الذي بذلتم فيه كل وسعكم، وخاصة اننا نعرف ان الجهات المعنية بالدفع سخية في مثل هذه الحروب الوطنية الكبرى.