المحامي فيصل البطاينه يكتب: كفى خروجاً عن الشرعية


 

اخبار البلد - الدستور الأردني لسنة 1952 رغم التعديلات التي جرت عليه لظروف اقتضت بعض من هذه التعديلات و البعض الآخر منها استوجبته ظروف الخروج على مبدأفصل السلطات و رغم ذلك فإن هذه التعديلات غير المبررة تمت بالطرق الدستورية المشروعة و بالإمكان العودة عنها بنفس الطرق الدستورية ، و لكن ما يحز بالنفس هو التجاوز على الدستور من قبل السلطة التنفيذية التي اعتادت على ذلك منذ سنوات دون أن تجد ما يوقفها عند حدها في التجاوز على الدستور الذي كان يسمى بالقانون الأساسي لإمارة شرق الأردن . مع أني لست من القائلين بأن الدستور الأردني لا زال حتى اليوم هو الأمثل و المنشود أو الذي لا تطبق عليه قاعدة تتبدل الأحكام بتبدل الأزمان .

و ما دعاني للكتابة بهذا الموضوع هو التزام الحكومة بكتاب التكليف السامي بالقيام بعمليات الإصلاح السياسي و الإقتصادي ، و لا أدري كيف ستتم عملية الإصلاح السياسي بدون توافقها مع الدستور و القانون و على سبيل المثال لا الحصر ابتدأت الحكومة بالعمل على إصدار قانون إنتخاب عصري توافقي واضعة نصب عينيها اعتمادها على موضوع الأحزاب و القائمة النسبية لتحقيق مبدأ تداول السلطة و الوصول إليها عن طريق الأكثرية النيابية . فقامت الحكومة بالخطوة الأولى حين قررت تشكيل لجنة حوار وطني برئاسة طاهر المصري رئيس مجلس الأمة و من خلال هذا التعيين للمصري يظهر الخرق الدستوري الواضح لنصوص الدستور و لمبدأفصل السلطات أن تعين الحكومة رئيس مجلس الأمة رئيساً للجنة الحوار الوطني و لا أعتقد أن دستورية هذا التعيين أن غابت عن بال الحكومة سوف تغيب عن بال طاهر المصري الذي سرعان ما أجرى اتصالاته لتصحيح هذا الخرق الدستوري ربما سيكون بصدور القرار بتعيينه عن جلالة الملك الذي يعين رئيس مجلس الأعيان و يقبل استقالته سنداً للمادة (36) من الدستور التي تلت المادة (35) من الدستور و التي بموجبها الملك يعين رئيس الوزراء و يقيله و يقبل استقالته الوزراء و بعد أن يتوافق تشكيل لجنة الحوار مع الدستور لإصدار قانون انتخاب يعتمد على الأحزاب كما ورد بكتاب التكليف السامي ألا يستوجب ذلك تعديلات دستورية ؟ و بمناسبة المادة (36) المشار إليها عالياً ألا تتعارض مع الفقرة 4 من المادة (34) من الدستور و مع المادة (65) فقرة 1 من الدستور .

بأسبوع واحد قامت الحكومة بخرق الدستور مرتين الأولى عندما شكلت الحكومة لجنة استشارية بقضايا الفساد مرتبطة برئيس الوزراء عدد من أعضائها هم أعضاء في مجلس الأعيان مما يشكل خرق دستوري للسبب الذي ذكرته في معرض تعيين رئيس مجلس الأمة من قبل رئيس الوزراء و هذا هو الخرق الثاني للدستور ، بعد ما سبقه من تدخل السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية عندما أنشئت هيئة مكافحة الفساد و ارتبطت بمجلس الوزراء وأعطيت صلاحيات تحقيقية قضائية .

 

و خلاصة القول يجب أن لا يبقى الدستور أسمى القوانين الوضعية في الدولة شماعة تعلق عليها أخطاء الحكومات و تجاوزاتها شماعة لا تجد من يحميها عند التجاوز عليها من السلطة التنفيذية أو من غيرها أو من القوانين و الأنظمة و التعليمات التي تليها مرتبةً في ظل النظم الدستورية . علماً بأن دولتنا من الدول النادرة التي لا توجد بها محكمة دستورية توقف أي اعتداء على الدستور و أي خطأ في تطبيقه ، و بصريح العبارة على مجلس الأمة أولاً و على الحكومة ثانياً أن يعيدوا قراءة الدستور و يجروا التعديلات التي اقتضتها السنوات الطويلة التي مرت على إصدار الدستورو كذلك يعالجوا التفسيرات الخاطئة لبعض مواده و التي صدرت عن المجلس العالي لتفسير الدستور ، و قبل كل ذلك إبراز و إصدار النصوص الواضحة التي تركز على مبدأ فصل السلطات و استقلال القضاء و إنشاء المحكمة الدستورية و بعكس ذلك فإن المطالبة و الوعد بالإصلاح السياسي المجرد هما من الشعارات الجوفاء التي لا مضمون لها . و أخيراً إن التجاوز على الدستور هو خروج عليه و الخروج عيه خروج على الشرعية . و إن غداًلناظره قريب