التوجيهي.. أزمة مركبة

لم يعلن وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات حتى الآن خطته الاستراتيجية لـ 342 مدرسة ثانوية لم ينجح فيها احد في التوجيهي، مثلما لم يعلن ماذا سيفعل وكيف سيعالج مشكلة 624 طالبا تقدموا لامتحانات التوجيهي لا يقرأون ولا يكتبون.

كثيرة هي الارقام الصادمة والمزعجة وغير المتوقعة التي ظهرت بعد نتائج التوجيهي، وشكاوى الطلبة واهاليهم لم تتوقف منذ اعلان النتائج، التي يقول عنها الوزير انها صحيحة 100 %.

منذ لحظة قرار وزير التربية باعادة الهيبة الى امتحانات التوجيهي، ونحن ندعم توجهاته، ونشد على يديه، لكن بعد ان اكتشفنا ان ازمة التوجيهي اعمق من الغش في الامتحانات، وهي ازمة مركبة يتحمل مسؤوليتها وزراء التربية والتعليم في العشرين سنة الماضية، بات علينا ان نرفع الصوت عاليا، للحاجة الماسة الى مؤتمر تربوي عام يراجع المسيرة التربوية خلال العقدين الماضيين، من خلال خبراء ومختصين في التربية والادارة والاقتصاد..، لكي لا نترك المجال لقرارات سياسية وللحظة صحوة يدفع ثمنها الالاف من ابنائنا الطلبة.

ما بين نسب النجاح 40 % كما اعلنتها وزارة التربية، و27 % كما تقول حملة "ذبحتونا"، ضاعت حقوق الاف الطلبة، الذين يأملون كما يأمل اهاليهم، ان لا يستمر وزير التربية معاندا في مواجهة الحقائق، فيمنح الطلبة المكملين في امتحان واحد الفرصة ــ على الاقل ــ لاعادة الامتحان، ومعالجة قضية العلامة الحَدِّية.

نعلم ان وزارة التعليم العالي لا تمانع بل ترحب بقرارات قد تكون منصفة للطلبة والجامعات الخاصة، في هكذا توجه، ونؤمن اكثر ان المعالجات العميقة لاية مشكلة تحتاج الى آفاق اعمق وحلول متدرجة.

قبل نحو عامين، استضفنا في "العرب اليوم" في حوار شامل وزير التعليم العالي السابق الدكتور وجيه عويس، الذي كان يتوقع ان الازمة وصلت في التعليم العالي الى مرحلة خطرة جدا قد تؤدي الى ثورة اجتماعية في المجتمع، وكان يمتلك من الحماس والرؤية الكثير لمعالجة الخلل في التعليم العالي، وقدم في الحوار تصوراته العلمية والعملية لهذه المعالجات، التي كان ابرزها ضرورة اعادة النظر في اسس القبول في الجامعات، ووقف سياسة الاستثناءات بكل اشكالها، لانها دمرت العملية التعليمية في الجامعات.

تحمسنا يومها لتوجهات الوزير الذي كان يراهن على دعم من الجهات كافة لخياراته، وبرنامج عمله وخططه المدروسة، لكن؛ بقدرة قادر، طار الوزير بعدها باشهر، فذهبت الخيارات كلها التي اعلن عنها، ولا نريد المستقبل ذاته لخيارات معالجة ازمة التوجيهي والتعليم بشكل عام.