أبناء الوطن ... رماة سهام لا جامعوا غنائم
كنت ولا زلت من المنادين بضرورة حل مجلس النواب كي تحافظ بلادنا على ما تبقى من صورتها الجميلة بمؤسساتها الوطنية والديمقراطية التي نتمنى أن تبقى الأنموذج الذي نريد ونفاخر في المنطقة ، وان لا تكون مؤسسة البرلمان محطة إحراج دائمة لنظامنا السياسي والاجتماعي ونقطة إثارة الناس وسخطها جراء بعض السلوكات والتصريحات التي يفتعلها البعض من أعضاء المجلس ممن لم يتشكل لديهم بعد فهم دورهم التشريعي والرقابي ودفاعهم عن مصالح الناس والذي حدده الدستور وانتخب على أساسه ، فباتت تلك التصريحات والسلوكات تشكل نقطة سخط أبناء الوطن من جهة وإحراجا بل وتشويها لنظامنا السياسي من جهة أخرى ، فذاك يرمي أكياس الخبز في وجوه أبناء الوطن الحقيقيين المنادين بالإصلاح السياسي والاجتماعي أمام مجلس النواب متهما إياهم بالجوع ورافضا الاستماع إليهم ، وهناك من لا زالت الشبهات تربطه بمجموعات البلطجة التي هاجمت الناس أمام المساجد والذي يتطوع بجاهزيته التي تذكرنا بتهديدات ألقذافي والحبيب العدلي لتمزيق المتظاهرين بألف أزعر على حد قوله ! وهناك من أطلق الكلمات البذيئة التي لا تذكر هنا بحق أبناء الوطن والنشامى ممن خبروا في مقابر الوطن أجداد وأجداد قدموا التضحيات دفاعا عن عزته وكرامته حين خانه البعض او تآمر عليه واصفا إياهم بالأنذال ! ورابطا ما يجري من مطالبة بالإصلاح بقضية الشعب الفلسطيني ربطا غريبا ينم عن تخبط وعشوائية يراد بها الاستعراض والنفاق لا أكثر .
كنت أتمنى لو أن دولة الرئيس وفي معرض رده على كلمات النواب لو تطرق ولو بكلمة واحده تجاه تلك الشطحات التي تسيء أول ما تسيء إلى النظام السياسي الأردني برمته قبل أن تسيء إلى الناس ، ولكنه لم يفعل ذلك إما تجاوزا عن شطحات اعتادها البعض لغايات منح الثقة ، أو إقرارا ورضا بما أدلو به بحق شعبهم أمام العالم تحت قبة البرلمان ، فالرئيس قادر ولو بكلمة أو إشارة أن يعلن رفضه المطلق لأية فتنة أو إثارة تضاعف من مأزق الأوضاع في البلاد وخاصة من قبل من امتطى الإصلاح وركب موجة التغيير منذ أحداث الجنوب 1989 التي نقلت البلاد من الأحكام العرفية المقيته إلى أجواء الانفتاح والديمقراطية التي استفادوا هم منها أكثر من رجالات الانتفاضة أنفسهم! و معارضتهم لأية توجهات ديمقراطية كانت الناس تنادي بها ، وكنا نسمع من البعض منهم السباب والشتائم والتحريض بحق أصحاب الانتفاضة ومطالبة الملك بالغلظة تجاه أبناء شعبه ، وغدا سيركبون نفس الموجة إن حدث الإصلاح المنشود ويستفيدوا من تلك الإصلاحات ويركبوا الموجة كما فعلوا أول مرة .
إن ما يحدث من سلوك وتصريحات باطلة ما كان لها أن تخرج من أفواه البعض حرصا منهم على أمن البلاد وسلامة العباد ، فتاريخ البعض منهم معروف ومكشوف بشير إلى درجة متدنية جدا من حيث انتمائه وولائه للوطن واستعداده للتضحية بالوطن والنظام لقا مصلحة شخصية عابرة ، فأبناء الوطن الحقيقيون المنادون بالإصلاح هم رماة السهام الذين صمدوا ولا زالوا فوق الجبل ، لم ينزلوا الجبل لجمع الغنائم واستغلال ظروف البلاد منذ تأسيس الوطن وما عاشته البلاد من منعطفات التآمر والحرب الأهلية والتحديات الكبرى ، فالمواطن الشريف الحريص على بلاده ووطنه ونظامه هو فقط من يطالب بإصلاح المسيرة من اجل أن يبقى الوطن جنته التي وعد بها ، ومن اجل أن يستمر في البناء الحقيقي المتين البعيد عن تشققات الفساد والبلطجة والمحسوبية والعائلية التي تنهب ثرواته وأرضه ومكتسباته .
الاصطلاحيون ، أو المنادون بالإصلاح ليسوا أعداء الوطن ، وليسوا أعداء النظام الذي يعتبرونه ركيزة الاستقرار والأمان والوحدة المنشودة ، فأبناء الوطن هم الرماة الحقيقيون المدافعون عن عزته وكرامته وديمومته ، وليسوا من أولئك الطارئين على نظامه وشعبه ، فالإصلاح إن حدث سيشكل لا محالة تحديا وخطرا على مصالحهم الضيقة التي تمتعوا بها على حساب الوطن والمواطن ، فعجلة
الإصلاح قادمة لا محالة رغم كل الأنوف الكاذبة المتملقة المكشوفة والمتهرئة أصلا و الذين نقول لهم أن العربة تسير !