غزة .. الوسيط العربي والطرف الفلسطيني
لم تتحرك الدولة العربية الرسمية والنظام العربي من موقع الوسيط والمراقب منذ شهر على العدوان الاسرائيلي , ولم نسمع حتى اللحظة موقفا داعما للورقة الفلسطينية المطروحة على مائدة المفاوضات غير المباشرة في القاهرة , وكأن مهمة النظام العربي ايصال البريد وجلب الرد , وهي مهمة يستطيع اي وفد من منظمات المجتمع المدني القيام بها بنجاح اكثر .
اضحوكة العطلة اليهودية يوم السبت على شدة سماجتها وجدت قبولا من الوسيط المصري الذي يقوم بالوساطة نيابة عن العرب بوصفه حاضنة جامعة الدول العربية , وفرض على المقاومة تهدئة من طرف واحد لكي يستريح الغاصب في يوم السبت ويستمتع بعطلة على شواطئ فلسطين المغتصبة , فيما تكتوي غزة بنيران القصف من ثالوث البحر والجو والارض مع استمرار سقوط الشهداء وكل هذا لا يستدعي قطع العطلة .
غدا فجر جديد على غزة واهلها , ولن يكون مختلفا عن سابقه طالما ان النظام العربي لا يدعم الورقة الفلسطينية ولم تتبناها دول الجامعة العربية التي باتت جامعة بالانتساب فقط , فوزراء الخارجية العرب لم يجتمعوا ولم تتم الدعوة لقمة عربية على غرار قمة بيروت , بشكل يشير الى ان النظام العربي انتقل من حالة العجز الى حالة التواطؤ المعلن على القضية الفلسطينية ومقاومتها الصابرة الصامدة .
لا تحتاج غزة وفلسطين في هذه اللحظة التاريخية الى مساعدات انسانية فقط فلا احد يموت من الجوع , بل يموت من القهر والكمد والصواريخ , ولا أظن ميتا يمايز بين الموت على معدة خاوية او مصابة بالتخمة , الا اذا كان بعض النظام العربي الرسمي يعتبر الصواريخ الاسرائيلية جرعة دواء بعضها على معدة خاوية واخرى بعد الطعام كما الوصفة الطبية التقليدية .
سئمنا الحديث عن ضرورة الدور العربي وانتقاله من خانة ساعي البريد الى خانة اللاعب الاساس , وسئمنا اكثر من تبريرات ان المقاومة جزء من محور مختلف عن المحور الذي يقود الوساطة !!
السأم وضع غصة في الحلوق ونحن نرى النظام الاسرائيلي الرسمي والشعبي يتوحد على دمنا , ونرى ان الدول الغربية الشقيقة لاسرائيل تمارس دورا حقيقيا وليس دور الوسيط المُنحاز رغم عدم وجود روابط الدم والتاريخ وكل مفردات القاموس العربي الرسمي , فهم يقدمون المصلحة السياسية على كل المصالح , فهل العرب من مصلحتهم انهاء المقاومة وانهاء القضية الفلسطينية ؟
سؤال بات اكثر من مشروع ونحن نرى السلوك العربي الرسمي الذي يسعى الى انتاج تهدئة لإبراء ذمته لا اكثر ولا اقل , ولا ينظر الى القضية الفلسطينية وضرورة حلها على اسس عادلة بما يكفل قيام الدولة ويحقق العودة لملايين اللاجئين حتى ولو على اراضي الدولة المجزوءة في الضفة الغربية وقطاع غزة , فوجود اللجوء واهله مصلحة عربية عليا .
ولا ندري ان كان النُصح يجدي الآن في ظل نظام عربي رسمي يعرف ان القنبلة الفلسطينية هي التي فجرّت كل المآسي العربية وان حلها العادل والشامل مصلحة داخلية لكل نظام عربي قبل الشعوب العربية التي ادركت بغريزتها وبوجدانها ذلك , فهل يسعى النظام العربي الرسمي الى تصليب بنائه الذاتي على الاقل ؟
ما يجري في القاهرة الآن وتبرير عطلة السبت يجعل الامل في اسفل الدرك , ويجعل الاحتقان العربي الداخلي في اعلى المراتب , وليس من مصلحة قومية في ذلك , فمعظم العواصم على وشك الانفجار ولا نريد ان تكون فلسطين سببا لهذا الانفجار الواقف على قشة .