ضيوف الأردن المتعالون..!


أخبار البلد - علاء الدين ابو زينه 
ألا حبذا احترام الضيف في ثقافتنا. وحبذا احترام الضيف مضيفيه أيضاً، بل والزيادة من باب مجازاة طيب المعاملة بأحسن منه. لكنها تظل تحيرنا في الأردن ظاهرة نلاحظها بلا توقف وعلى ضيق. عندما يزور مواطنونا الأردنيون أو يعملون ويقيمون في الدول الشقيقة، فإنهم يمشونهم هناك "مثل الساعة" -يحفظون القانون ويسيرون على الصراط لا يريمون. وإذا خالفوا، تهددهم مباشرة احتمال الترحيل أو "البهدلة" على أقل تقدير. ولا بأس بمعاقبة منتهكي القوانين من حيث المبدأ، إذا سرى ذلك على المقيم والمواطن على قدم المساواة، ولمصلحة الجميع. وليته كان كذلك في معظم الدول الشقيقة التي يتغرب فيها الأردنيون!
أما هنا، فيُظهر قسط وافر من الأردنيين العائدين، وكذلك الأشقاء العرب المتواجدين في البلد للزيارة، أو المقيمين فيه للدراسة، أنهم لا يقيمون وزناً لقانون ولا احتراماً لعرف. كلما استخدمتَ الشوارع، ستلاحظ كيف أن السيارات بلوحات غير أردنية هي الأكثر مخالفة لقواعد السير، وآداب الطريق واللباقة. ستجدها هي التي تزاحم و"تشبح" في الشارع؛ وهي التي تصطف بالطول والعرض في الأماكن الحرجة وتغلق الطريق. وإذا كنا لا نعدم قليلي الذوق هنا ممن يتعمدون التوقف في نصف الطريق، كسلاً عن التقدم خمسة أمتار فقط للاصطفاف بجوار الرصيف، فإن ذلك أكثر من معتاد لدى السادة ضيوف الأردن الذين يتركون لك أبواب العربة مفتوحة أيضاً، ولتضرب رأسك بالحائط.
بطبيعة الحال، هناك بعض السيارات التي تحمل "نمراً" غير أردنية تعود لمواطنينا المغتربين. ونتساءل بشأنهم: لماذا يلتزمون –كالأسود- بقواعد السياقة واللباقة والقانون في بلاد الآخرين، ثم يخرجون المتقدم والمتأخر من التنمر ونزعة المخالفة في بلدهم؟ لماذا يجب أن يكون سلوك بعضهم في شوارع الأردن عرضاً للمضايقة والاستفزاز والتعالي؟ مظهر آخر من مظاهر العدوانية غير المبررة ومنتهى التناقض، كما هو حال شخصيتنا الجمعية الأردنية "الحديثة"، العصية على كل تنبؤ أو تفسير!
والأشقاء المقيمون! سوف تعاتب حظك كثيراً إذا قطنت حياً قريباً من جامعة –على سبيل المثال. سوف تشاهد السيارات الفارهة كبيرة المحركات ذات اللوحات غير الأردنية، وهي تصبح معادية و"تخمس" وتعربد في الحي السكني بلا خشية ولا حسيب. سوف تستيقظ في الثانية صباحاً على صخب وساهرين مصهللين بأعلى الصوت كمن يتنادون من فوق جبلين، وتنظر فترى أربع أو خمس سيارات لمقيمين، وقد احتلت بالضبط منتصف مصلب الطريق، مفتوحة الأبواب، وقد مزعت إحداها هدأة الليل بأغنية هندية الإيقاعات بعلو الصوت. وإذا كنت أخو أخيك، حاول أن تخرج وتطلب بأدب من محتلي الطريق تخفيف ضجيجهم أو سحب سياراتهم إلى جانب!
سوف تستيقظ في الثالثة صباحاً على شجار، لتجد بوابي عمارات الحي متجمعين على صوت صفيق يصرخ باثنتين من بنات الليل على باب المبنى ورؤوس الأشهاد، وتفهم من الصراخ العالي أن إحداهن سرقت نقوده، وسترد عليه بالإنكار تارة وبالسباب الماجن أخرى، لأنه اتهمها زوراً، ولا تسمح له بتفتيش ملابسها؟! سوف ترى بعض هؤلاء، يفتحون زجاج عرباتهم القاتم ليتحرشوا بكل سائرة على الرصيف، ويعرضوا عليها الفحش ويسألوا من الباب للطاقة: بكم؟! سوف تخبرك جارتك المهانة بأن أحدهم قال لها مستخفاً، بعد أن صدم سيارتها، إن الأمر ما يسوى لأن سيارتها "متسوبيشي مصدية". سوف تسد عليك الطريق وتتجاهل تعطلك وضيقك قافلة سيارات لا مبالية، كلها بلوحات دولة شقيقة، وقد خرج ركابها الصارخون من السقوف، لأن ريال مدريد فاز على برشلونه. وحاول أن تحتج على ذلك إن استطعت، يا حفيظ السلامة! والشرطة؟! لا شرطة ولا من يحزنون!
أستعيذ بالله من قصد الدعوة إلى تمييز ضد ضيوف البلد –عرباً كانوا أو غير عرب- فكلهم على أكثر من الرحب والسعة ولهم المحبة والسلام. لكن سلوك بعضهم المتعالي، وتصورهم –أو السماح لهم بتصور- أنهم أبناء البطة البيضاء، ليس لائقاً ولا يجوز. إننا نطالب كل الوقت بتطبيق القانون علينا جميعاً بلا تمييز، وكذلك على كل من يتواجد بيننا بالتساوي. وحبذا لو يحترم ذلك ضيوف الأردن وسفاراتهم ذلك. إنه أمر يتصل بهيبة بلدنا وكرامته وكرامتنا؛ بضرورة أن لا يتعالين أحدٌ علينا –فما من سبب!