الإخوان ظاهرة اجتماعية معقدة




اعداد- عيسى محارب العجارمة - يعرف المفكّر المصري يوسف زيدان بجرأته في تناول الموضوعات الدينية والشائكة، سواء من خلال أعماله الروائية أو مقالاته بالصحف، ولم يتخلّ يوما عن جرأته في تعرية الكثير من القضايا .

يرى الروائي والمفكّر المصري الدكتور يوسف زيدان أن الفكر الديني السياسي وتجلياته المريضة البائسة في المجتمع المصري هي مسألة مركبة وشديدة التعقيد ولا يمكن التعامل معها من خلال محور واحد.

والتعامل مع هذا الأمر يتم، وفق زيدان، عبر عدّة محاور، قد يكون منها ضبط الخطاب الديني، أو الضبط الأمني، فلابد من اشتراك المحورين للقضاء على هذه الظاهرة، لا سيما وأنها مشكلة ثقافية تتعلق بطريقة التفكير. وفي هذا السياق، أشاد زيدان بقرار وزارة الأوقاف المصرية بفرض سيطرتها على المساجد حتى لا تتحول إلى أداة سياسية في يد بعض الجماعات المتشددة.

ظاهرة معقدة

أكد يوسف زيدان على أن جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها ظاهرة اجتماعية معقّدة ولها تجليات سياسية وفكرية وأمنية وتاريخية، وكل هذا يجب النظر إليه بشكل أعمق، رافضا مبادرات الصلح مع الجماعة.

وأوضح زيدان أنه لا يوجد ما يسمى فكرة المصالحة. ولفت إلى أنه مسمى اخترعه "ثعالبة” السياسة وأصحاب المصالح، مشددا على أنه إذا كان الموجودون الآن وراء القضبان من أقطاب الإخوان قد ارتكبوا جرائم في حق الشعب، فيجب أن تتم محاكمتهم عليها.

وأضاف أنه لا معنى أيضا للتصالح مع الشباب الإخواني أو المتعاطف مع الجماعة في الشارع أو الجامعات المصرية، لأنه ليس خصما ولكنه شباب غاضب وناقم كان يتوهم أن الإخوان سيأخذون بيده. فجزء كبير من مشكلتهم لا يتعلق بالسياسية أو بالدين، لكنه يتعلّق بفقدان الأمل في الغد. وما يجري في الشارع هو نتاج لكل هذه المخادعات لذلك تحول هؤلاء الشباب إلى العنف الدموي.

جزء كبير من مشكلة شباب الإخوان لا يتعلق بالسياسة أو بالدين لكن بفقدان الأمل وبمخادعات أفكار الجماعة

وكان زيدان أشار في حوار سابق أنه توقع استغلال الإخوان للسلفيين ثم الإلقاء بهم في الهاوية، وهذا ما حدث بالفعل بعد تولى الإخوان السلطة في مصر ومحاولتهم السيطرة والهيمنة.

وقال إنه حذّر من فترة طويلة من كل من يوظف الدين لخدمة السياسة واستغلالها في مخاطبة عقول وقلوب البسطاء. ووصف زيدان أعضاء جماعة الإخوان بأنهم فاقدي الأهلية والرشد ودون برنامج حقيقي، مشيرا إلى أن الإخواني كائن مكتئب. كما طالب الشرطة بتطوير تقنياتها وأدائها بشكل يتناسب مع المرحلة الحالية.

تطرّق المفكر المصري يوسف زيدان في حواره إلى سياسة قطر في المنطقة، وأوضح أنها دعمت الجماعات المسلّحة في ليبيا لإسقاط نظام معمر القذافي. وقد أدان السياسية القطرية تجاه مصر وإصرارها على دعم جماعة الإخوان المسلمين وإيواء العديد من قيادييها. وشبّه صاحب رواية "عزازيل” الإمارة بالطفل المدلل الذي يلعب بين العمالقة ويعطى لنفسه حجما خياليا، مؤكدا على أن حكام قطر قد كذبوا على أنفسهم وظنوا أن دولتهم كبيرة، وأن لها مواقف سياسية، ومن كثرة ما أسرفوا في أكاذيبهم صدقوها. وقال: إنهم يحاولون منذ فترة تصدير تلك الأكاذيب للآخرين، متوهمين أن ذلك يجعل منهم كيانا سياسيا كالسعودية. ويتوقّع يوسف زيدان أن يعود حكام قطر في نهاية الأمر إلى جادة الصواب.

وخلال الصالون الشهري ليوسف زيدان بساقية الصاوي، الذي عُقد تحت عنوان "اليهودية الأسينية وتوراتها”، هاجم المفكّر المصري الناشطة اليمنية توكل كرمان ووصفها بالــ"مسكينة”، لأنها أعربت عن سعادتها بتقسيم اليمن إلى ستة أجزاء.

كما هاجم الإعلام ووصفه بالـ”جاهل” و”الفاسد” لأنه يركز على أمور لا تستحق ويقدمها للجمهور في بساطة مثل التركيز على حوادث "زنا المحارم”.

يوسف زيدان
◄ مفكر مصري ولد في 30 يونيو عام 1958 بمحافظة سوهاج "جنوب مصر"

◄ انتقل إلى الإسكندرية مع جده وهو طفل صغير، وتخرج من قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية

◄ تخصص فى التراث العربي المخطوط وعلومه، وله العديد من الأبحاث في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي

◄ روائي معروف، من أهم أعماله، عزازيل، التي صدرت عام 2008، وأثارت جدلا كبيرا بعد اعتراض الكنيسة المصرية على أحداثها

◄ له مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف المصرية والعربية


المرأة المصرية مظلومة

يتفق أغلب الخبراء والمراقبين على أن المرأة المصرية عانت من التفرقة والهوان والإقصاء في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين. وقد تنفست الصعداء بعد زوال حكم الاخوان، وما قاسته خلال تلك الفترة دفعها لتسابق الرجال في النزول للمطالبة برحيل مرسي والقضاء على نظام الإخوان.

وهذه المرأة، حسب رؤية يوسف زيدان، بائسة ومظلومة ظلما كبيرا حتى من أصحاب الاتجاهات النسوية ذاتها الذين يزعمون أنهم يدافعون عن حقوقها. ويبرر ذلك قائلا: لقد رأينا المرأة المصرية التي شاركت بالمناصفة مع الرجل في ثورة 25 يناير عام 2011، تزاح من الساحة السياسية والاجتماعية، ورأيناها أيضاً أثناء حكم الإخوان تُهان وتقهر.

رواية غوانتانامو

رصد يوسف زيدان تجربة الاعتقال والتعذيب في بعض السجون، من خلال روايته "غوانتانامو”، وعنها يقول: راجعت عددا كبيرا من شهادات وتقارير كتبها من اعتقلوا بمعتقل "غوانتانامو” الأميركي أو كتبت عنهم، وحاولت من خلال قراءتي عنهم معايشة حالة المعتقل، للوصول بها إلى المشاعر الدقيقة للسجين.

واستطرد: لقد كنت مأخوذا في روايتي "غوانتانامو” بالبحث عن الطاقات الكامنة داخل الإنسان، وكيفية التغلب على ما يعانيه من البؤس داخل هذه السجون "الحفر السوداء”، كما أحب أن أسميها، فكان الحُلم واجترار الذكريات وإعادة بنائها مرة أخرى وأيضا الخيال والتصوف هي السبل لخروج البطل من معاناته. وعن اسقاطات "غوانتانامو” على السياسة الأميركية، أشار زيدان إلى أن السياسة الخارجية الأميركية، يمكن التعبير عنها بكلمة واحدة هي "المصلحة”، وأينما وجدت المصلحة وجدت أميركا، فهي تستبيح كل شيء لتصل إلى مآربها كما فعلت في العراق وأفغانستان.

رصد لتجربة الاعتقال والتعذيب في بعض السجون


وأكد على أن الدعم الأميركي لما يسمى بثورات الربيع العربي، والحديث الدائم عن حقوق الإنسان، ليس سوى خُدعة كبيرة اكتشفها العالم أجمع، ناصحا بألا ننشغل بالسياسة الأميركية، لأنها تغير مبدأها وفقا لمصلحتها، وعلينا أن ننشغل بإصلاح أنفسنا.

حلاوة روح

فيلم "حلاوة روح”، بطولة المغنية اللبنانية الحسناء هيفاء وهبي، يثير الكثير من النقد والجدل سيما في مصر، حيث قرر رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب وقف عرضه وإعادة عرضه على هيئة للرقابة، ما أثار استياء الكثيرين في الساحة الفنية والأدبية في مصر. وقد كتب يوسف زيدان عن هذا الأمر مقالة في جريدة الأهرام المصرية.

وأوضح محاورنا في هذا الصدد أنه بصدد الكتابة عن القضية عموما وليس قضيّة منع هذا الفيلم، الذي لم يشاهده أصلا. وقال: لولا أن منتج الفيلم كان متأكدا من أن هناك جمهورا كبيرا سيدخل دور العرض لمشاهدة هذا الفيلم لما كان قد دفع كل هذه الملايين من الجنيهات في إنتاجه، لذا فالإسفاف هنا يتعلق بالجمهور أيضا، وإذا وضعنا مثل هذه القضايا في نصابها الصحيح سنجد أن من يقع عليه اللوم هنا هم الناس وليسوا صُناع الفيلم.

وأرجع زيدان أن الذوق العام أصبح "فاسدا” في غياب التثقيف الجيد وتهميش الفنون الراقية. وأشار صاحب رواية "عزازيل”، إلى أن علاج هذا الانحدار في الشارع المصري يحتاج إلى خطط طويلة وفاعلة فهناك ملايين من الناس تحتاج إلى إعادة بناء، وهؤلاء لم تظهرهم ثورة 25 يناير.

وأوضح أن ما يعانيه الشارع المصري من ظواهر سلبية مثل التحرش الجنسي والانتهاكات والقتل والسرقة، كان موجودا قبل ثورة 25 يناير 2011، ولكن مقترفيه أصبحوا أكثر جرأة وتبجحا بعد الثورة فى ظل الغياب الأمني، كما أن العقل الجمعي لهؤلاء يحتاج إلى الارتقاء بمستواه الفكري والمعرفي، وهو ما يستلزم جهدا كبيرا، عادة ما نتهرب من مسؤوليته.

issalg2010@hotmail.com