إدارة السيولة في البنوك الإسلامية

أخبار البلد - د. عبد الباري مشعل
من أبرز الفجوات البحثية والتحديات التي تواجه البنوك الإسلامية ما يتعلق بالسيولة. وإذا أطلق مصطلح السيولة في هذه الصناعة ذهب إلى ثلاث مساحات هامة هي: إدارة السيولة، وتمويل رأس المال العامل للشركات، وتمويل السيولة للأفراد.
1-إدارة السيولة من عمليات إدارة الخزينة في البنك، وهي تستهدف بالدرجة الأولى التوفيق بين الأصول والالتزامات، أو الموجودات والمطلوبات، في بيئة تتسم بعدم التوافق بين الأصول والالتزامات من الناحية العملية، وفي ظل هيكلة للبنوك التجارية تعزز من عدم التوافق. حيث تحتل الحسابات تحت الطلب نصيب الأسد في جانب الالتزامات، بينما يقابلها في جانب الأصول التزامات ذات تواريخ محددة في الغالب. عدم التوافق على النحو المذكور هو المشكلة الأبدية للبنوك التجارية التي يطلق عليها معضلة السيولة والمخاطرة والربحية.
2- بعد توزيع السيولة المتوفرة للبنك إلى الاحتياطيات الإجبارية وعمليات تمويل الأفراد والشركات والاستثمارات الذاتية يستقر المتبقي في إدارة الخزينة، وعليها عبء إدارة هذا المبلغ المتبقي بكفاءة تحقق التوليفة المثلى للمعضلة المذكورة، وهناك أربعة مجالات أساسية لإدارة السيولة: إدارة النقد لدى البنك المركزي، إدارة النقد بالعملات الأجنبية لدى المراسلين، العمليات بين البنوك، الاستثمارات قصيرة الأجل والاستثمارات المباشرة.
3- أما إدارة النقد مع البنك المركزي فتتم في البنوك الربوية وفقًا لمعاملات الاقتراض والإقراض بفائدة، أو ما يسمى بعمليات الريبو والريبو العكسي، والبدائل المتاحة لها في البنوك الإسلامية هي عمليات التعامل بالمثل باحتساب نقاط دائنة على الرصيد الدائن لدى البنك المركزي، في مقابل نقاط مدينة على الرصيد المدين. وقد لجأت بعض التطبيقات إلى العمل بآلية الاستثمار في حال الاقتراض من المركزي، بحيث يتلقى البنك الإسلامي الأموال من البنك المركزي على أساس الإيداع في حسابات الاستثمار القائمة على المضاربة أو الوكالة. وسيأتي توضيح ذلك تعاملات البنوك فيما بينها.
4- أما إدارة النقد مع المراسلين، فتطبق عليها في البنوك الإسلامية ثلاث نظريات: الأولى: الاحتفاظ بحساب البنك لدى المراسل (نوسترو) دائن دائمًا، وهذه تستوجب الاحتياط من البنك الإسلامي لمتابعة رصيده ليكون دائمًا كافيًا للوفاء بالتزاماته، وفي حال حصل كشف للحساب بشكل طارئ أي أقرض البنك المراسل البنك الإسلامي، يتم التفاوض مع البنك المراسل على أن يوفر له البنك الإسلامي رصيدًا تعويضًا لمدة معينة متفق عليها بين الطرفين، وفي حال أصر البنك الذي كشف الحساب على الحصول على فائدة يتم دفع الفائدة دون إثم إذا لم يقصر البنك الإسلامي في الاحتياط لعدم الكشف.
5- النظرية الثانية: التعامل بالمثل على أساس النقاط الدائنة في حال وجود رصيد دائن للبنك الإسلامي، واحتساب نقاط مدينة في حال وجود رصيد مدين، ويتم المقاصة بين النقاط الدائنة والمدينة، ويجب أن تقوم النظرية على أساس معادلة متقق عليها بين الطرفين لاحتساب النقاط الدائنة والمدينة، وتقوم النظرية على مراعاة مدة بقاء المبلغ في الحساب ومقداره. وبالمثال يتضح المقام، فلوكانت المعادلة المتفق عليها 1:1 فتطبيق ذلك كالآتي: لو بقي مبلغ مليون لمدة 6 أيام، فهذا يعني أن للبنك الإسلامي أن يكشف حسابه أي يقترض من البنك المراسل بمبلغ مليون لمدة 6 أيام، أو نصف مليون لمدة 12 يوما، أو مليون لمدة يوم واحد.
6- النظرية الثالثة: المضاربة الشرعية، وتعني أن البنك الإسلامي إذا احتاج للأموال من البنك المراسل يعامله كوديعة استثمارية على أساس المضاربة والوكالة الشرعية، وهذا قليل التطبيق.
7- وأما العمليات بين البنوك، فالبنوك فيما بينها تحتاج بصفة مستمرة للعمليات فيما بينها إما على سبيل الاستثمار للفائض حتى لا يبقى معطلاً، وتسمى من وجهة نظر البنك الممولة العمليات الدائنة، أو على سبيل الحصول على السيولة للوفاء بالالتزامات في حال وجود قصور في السيولة لدى البنك، وتسمى من وجهة نظر البنك الآخذ العمليات المدينة، وهذه تطبق في البنك التقليدية على أساس الربا، وفي البنوك الإسلامية تطبق على أساس القروض المتبادلة، أو ما يسمى بالإسلامك سواب، ويعني تبادل إقراض العملة التي تريدها واقتراض العملة التي تحتاج إليها لتواريخ استحقاق (رد) متساوية دون إجراء عمليات صرف للعملتين. كما تطبق في البنوك الإسلامية على أساس التورق في الاتجاهين، التورق العادي في حال العمليات الدائنة، والتورق العكسي في حال العمليات المدينة، وغالباً ما يتم تطبيق التورق تحت مظلة عمليات الوكالة في الاسثتمار المقيدة في صفقات للبيع الآجل. وتطبق عمليات التورق تحت أي اسم كانت في السلع والمعادن الدولية في بورصة لندن للمعادن غالبً
8- وأما الاستثمارات قصيرة الأجل والاسثتمارات المباشرة، فتعني الاستثمار في أدوات تتسم بالقابلية للتسييل دون مخاطر أو تكاليف كالسندات وأذون الخزانة الربوية، لكن في البنوك الإسلامية فالمعول على الصكوك الإسلامية، وصناديق الإجارة التي تحوز أصول بحجم مالي كبير، وتتسم بمرونة الدخول والخروج، ورغم أن أداة الصكوك الإسلامية بدأت تشق طريقها في بعض التطبيقات، إلا أن الأدة الثانية لم تلق بعد الدعم الملائم لتطبيقه