إلاّ هيبة الدولة!

حتى قبل أن يشكل حكومته البديلة الجديدة بادر السياسي التونسي المخضرم ، الذي كان أحد أعمدة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، الباجي قائد السبسي إلى التأكيد على أن أول ما سيفعله هو استعادة هيبة الدولة وقال إن فرض هيبة الدولة يستدعي الحفاظ على الأمن وأن الحفاظ على الأمن يتطلب تطبيق القوانين على الجميع بدون استثناء ومنع أيًّ كان من أن يأخذ القوانين بيده.

 

ولعل ما جعل السبسي يضع مسؤولية استعادة هيبة الدولة على رأس أول أولوياته هي حالة التسيب التي عمت البلاد بعد الحركة الشعبية التي أطاحت نظام زين العابدين بن على أو جزءاً منه فهناك دائماً وأبداً حتى في أهم الثورات التاريخية تبرز مجموعات فوضوية ويبرز زعران لاستغلال غياب الدولة أو ارتخاء قبضتها والاعتداء على أموال الناس وأعراضهم وأرواحهم وهذا كان حصل حتى خلال الثورة «البولشفية» وبالطبع قبل ذلك خلال وبعد الثورة الفرنسية التي لا تزال توصف بأنها أم الثورات.

 

ولذلك ولأن الفترة الأخيرة قد شهدت عندنا هنا ، تأثراً بالحالة التي سادت في تونس ومصر، محاولات تكررت مراراً واتخذت أشكالاً متعددة لاستهداف هيبة الدولة وهذا قد اتضح بصورة جلية في الحملة التي شنها البعض على جهاز الأمن العام وعلى الأجهزة الأمنية بصورة عامة وذلك إقتداءً باستهداف شبان ميدان التحرير للأمن العام المصري ولأمن الدولة الأمر التي كانت نتائجه المباشرة والفورية كما هو معروف ذلك الفلَتان الذي ساد البلاد والذي أدى إلى فرار نزلاء السجون من المجرمين حيث اعتدوا على العباد وعاثوا فساداً في البلاد.

 

ولهذا فإن علينا هنا في الأردن أن نولي هذه المسألة جُلَّ عنايتنا وبخاصة وأن بلدنا يقع في قلب العاصفة وأن هناك من يستهدف أمنه واستقراره من الخارج وأيضاً من الداخل وأن مؤامرة حل القضية الفلسطينية ، على حساب هذا البلد، التي طالما تحدثنا عنها وحذرنا منها كُلَّنا من منا في مواقع الموالاة ومن منا في مواقع المعارضة تتطلب أول ما تتطلب تدمير هيبة الدولة وإشاعة الفوضى واضطراب الأمن وعدم الاستقرار.

 

إنه غير مفيد بل هي جريمة أن يبادر من يحاول إصلاح هندام والده إلى قطع رأسه فالإصلاح ضروري وهو مطلوب باستمرار ودائماً وأبداً وليس لمرة واحدة أو في مناسبة معينة لكن لابد من أن تكون هيبة الدولة خطاً أحمر ومن المحرمات وذلك لأن تدمير هيبة الدولة يعني انهيارها ولأن انهيارها يعني الفوضى وعدم الاستقرار ويعني الحرب الأهلية وربما أن هذا هو الذي يبدو أن الأمور ذاهبة إليه في ليبيا.