الشيكات المرتجعة ليست جريمة

في كل شهر نقرأ إحصائية عن قيمة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، وهي ترتفع وتنخفض من شهر إلى آخر، ولكنها تمثل مبالغ هامة.
بداية لا بد من التأكيد على أن قيمة الشيكات المرتجعة كما تظهر في الإحصائية مبالغ فيها بشكل واسع جداً، ذلك أن الشيك يمكن أن يرتجع نتيجة التباس معين وعندما يعاد تقديمه يصرف، أي أنه لا يعود شيكاً مرتجعاً، ومع ذلك يبقى إحصائياً ضمن الشيكات المرتجعة.
والأهم من ذلك أن البنوك تعيد تقديم الشيكات المرتجعة إلى غرفة المقاصة مرتين أو ثلاث مرات، وفي كل مرة يدخل الشيك المرتجع ضمن إحصائية الشيكات المرتجعة. أي أن الشيك المرتجع يحسب مرتين أو ثلاث مرات.
من هنا نستطيع القول بأن قيمة الشيكات المرتجعة تتضاعف مرتين أو ثلاث إحصائياً، ويمكن تقديرها بثلث ما يظهر في الإحصاءات.
من ناحية أخرى فإن القانون يتعامل بمنتهى القسوة مع ساحب الشيك المرتجع، وكأنه ارتكب جريمة تستحق السجن، مما ليس له مثيل في العالم، فالشيك المرتجع يمثل دليلاً على المديونية مثله مثل الكمبيالة والسند، وبالتالي فإن حقوق المستفيد من الشيك المرتجع لا تختلف عن حقوق أي دائن. وقد يتم إيقاف صرف الشك إذا اتضح أن البضاعة المباعة غير مطابقة للمواصفات.
يسـتغل التجار وغيرهم هذه القسوة القانونية لابتزاز المدين وتهديده، علمأً بأنهم شركاء في (الجريمة)، ذلك أن البيع بالتقسيط يجري توثيقه بشيكات مؤجلة، وبالتالي فإن حامل الشيك يعرف أنه صدر بدون رصيد، ولكن يؤمل أن يكون له رصيد بتاريخ الاستحقاق، مما ينفي عن الشيك المؤجل أنه يمثل نقداً بل يمثل ديناً.
من قبيل التوازن بين الطرف القوي وهو الدائن والطرف الضعيف وهو المدين، كان يجب أن ينص القانون على عقوبة لمن يقبل شيكاً مؤجلاً، فطالما أن الشيك يمثل النقد، فالنقد فوري وغير مؤجل.
آلاف القضايا عالقة في المحاكم بموجب شيكات معادة لعدم كفاية الرصيد، مع أن الساحب مجرد مدين عجز عن الدفع في الاستحقاق. والمشتكي هو صاحب فكرة التعامل بشيكات بدون رصيد مؤجل دفعها.