وزير التربيه ..احسنت


في علم الاداره , تكون الصعوبه اكبر عندما تتسلم ادارة ما وتحاول الترميم فيها , واعادة الامور الى مسارها الصحيح, وخاصة اذا اصبحت التراكمات السلبيه ثوابت مرضي عنها , ومقبوله للجميع .
وهذا للاسف حال الكثير من وزاراتنا ومؤسساتنا , التي وصلت لدرجه من الترهل , والتبلد , والنمطيه الكلاسيكيه في الاجراءات والتي باتت لا تصلح لا للزمان ولا للمكان , في ظل التغيرات والطفرات في المعرفه والاداره بكافة اشكالها .
فكثير من اجراءاتنا باتت موروث عفى عليها الزمن , الا ان الذين يتبؤون الادارات والوزارات , همهم الحفاظ على كراسيهم ومراكزهم , وعدم الاقتراب من الموروث البالي , الذي تسلموه . لانه في نهاية المطاف هدف هؤلاء ان لا يدخلوا في معترك التعديل والاصلاح , لان هذا الامر يحتاج لمعرفة في مكنونات مؤسساتهم , ويتطلب منهم وضع خطط واهداف وبرامج اصلاحيه تحتاج منهم لجهد كبير , ومتابعه حثيثه , هم في غنى عنها , لان المراكز بالنسبة لهم تشريف وليست تكليف , رغم ان جميع كتب التكليف السامي تحض على ان يطلع الوزراء بمهامهم على اكمل وجه , وان يعالجوا الاخطاء , وان يلامسوا نبض الشارع , ويتحسسو احوال الناس , ويطوروا خدمات وزاراتهم , ويعملوا على تقييم الخطط والبرامج للتماشى مع المستجدات ومتطلبات المرحله .
الا ان هذا للاسف لا يتحقق , لعدم وجود الرقابه , والمسائله الحياديه المؤتمنه ( كله بغطي على كله ) , وهذه للاسف اصبحت قاعده .
الا ان لكل قاعدة شواذ , فهناك من يزهو به المنصب ويزهو بمنصبه .
وبكل تجرد وموضوعيه قد زهى وزير التربيه والتعليم الدكتور الذنيبات بمنصبه وزهى به المنصب , هذا الرجل الذي كما علمت واصل الليل بالنهار , ومنذ تسلمه منصبه , وسعى لقراءة واقع وزارته بكل دقة وموضوعيه , بهدف التعرف على جوانب القصور والضعف والترهل , جند الجميع للارتقاء وتطوير اداءات اقسامهم ومديرياتهم , وخاصة ما يتعلق بالامتحانات .
فالاجراءات التي طبقتها الوزاره فيما يتعلق بامتحان الثانويه العامه , لهذا العام من تقليص عدد القاعات , وضبط الامتحان ومنع تسريب الاسئله , ومنع حالات الغش , وبناء اختبارات تراعي صعوبة وتمييز الفقره , وتقيس التحصيل بشكل اكثر دقةً وتمييزاً , مما انعكس ايجاباً بأظهار نتائج حقيقه , وبنسب منطقيه , تتوائم مع المنحنى الطبيعي , للنسب العالميه , للاختبارات التحصيليه .
هذا الامر لم يرضي الكثير ممن لم يحالف ابنائهم الحظ بالنجاح , فليست الثانويه العامه وحدها بوابة النجاح , وانما هناك ابواب اخرى اصبحت مطلباً , واكثر جدوى اقتصاديه لابنائنا , الا وهي التعليم المهني , هناك الكثير من مراكز التعليم المهني التي تخرج المهنيين المدربين , والذين يحتاج اليهم سوق العمل .
يجب ان نؤمن ان هناك فروقاً فرديه , ولكل شخص قدراته وامكاناته واتجاهاته وميوله , وليس المطلوب ان يدخل جميع ابنائنا الجامعات , يكفينا بطاله .
لقد اشبعت جميع التخصصات الجامعيه , وباتت تكلفة تدريس اي تخصص تشكل عبأً كبيراً على الاباء , الذين يأنون من الاوضاع الماديه.
ولم يعد هناك جدوى اقتصاديه لدراسة كثير من التخصصات التي اشبعت ولا يوجد لها فرص عمل لسنوات عديده .
وعلى من يريد ان يتصدى للدراسه العليا , يجب ان يكون متميزاً , ولديه الامكانات الماديه , لخوض هذا الغمار .
واقول لوزير التربيه , لقد اجتهدت واصبت , وندعوك للسير قدماً في تطوير مناهجنا التي اصبحت بأمس الحاجه للتعديل , والعمل على اعادة الهيبة والالق لمعلمنا الذي هو عماد العملية التدريسيه , بتأهيله وتدريبه , وتحسين وضعه .
اعانكم الله ,وكلي امل ان توطن في وزارة التربيه , وان لا يطالك اي تعديل وزاري , لتكمل ما بدأت به من ترميم .
د. نزار شموط