التوجيهيّ المنكوب بين الاتهام والتبرير!!


واقع مأسوف ومحزن أن نجد المئات من مدارسنا تتسلم كشوف علامات بيضاء خالية من الحبر المذّهب الذي يزيّن انجازات طلبتنا في كل عام دراسيّ، وبالمقابل سخط شعبيّ ورسميّ على ما آلت إليه نتائج التوجيهيّ في دورته الصيفية التي ننتظر من حكومتنا أن تعلنها دورة منكوبة من الدرجة الأولى تتطلب من المجتمع الأردني ودائرة القرار الرسميّ تقديم المساعدات والدّعم؛ لكي تعود مسيرتنا التعليمية للسكة الصحيحة التي تغنّينا فيها لسنوات خلت، لذلك ما أسوأ أن نشاهد علامات الحزن والولعة تخيّم على أغلب محييّ الأردنيين والأردنيات؟، وهم يشاهدون فلذت أكبادهم تترجل هاوية إلى قاع سحيق لا يرحم كل من تخاذل أو قصّر عن تقديم الدّواء قبل أن تتألم بعض الأسر الأردنية من نتائج تصنّف بأنها منكوبة وفق لنسب النجاح والمعدلات المئوية.

وكالعادة! ما أن انتهى المؤتمر الصحفيّ للوزير المجتهد "ذنيبات" حتى بدأت موجات من الاتهام والتبرير تدقّ رحاها على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ عن الجهة المقصّرة والتي تستحق العقاب كما استرسل أحد النواب الأكاديميين في الحديث عندما حمّل المعلم المسؤولية المطلقة عن هذا التدّنيّ والتراجع في العملية التعليمية وأن المعلم يستحق جرعات من العقاب والتحذير إذا بقيت العملية التعليمية في هذا الانحدار الخطير، وتناسى مشرّعنا النيابيّ عن القصور الذي شاب مجلسنا النيابيّ الذيّ عجز عن تقديم تشريعات تحميّ المعلم وتقدّم له الحصانة والدّعم؛ لكيّ يعود المعلم لسابق عهده ومجده، وتناسى أيضاﹰ عدد الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة في أوقات لا تتجاوز أشهر معدودات بين كل وزير وآخر، وتناسى أيضاﹰ حجم الفساد في تلك الوزارة التي تعدّ الأكبر ما بين وزارات الدولة ومؤسساتها، وتناسى أيضاﹰ ضعف المناهج التي اعتمدت أيضاﹰ على التلقين وغياب مهارات التفكير غير آبهين بالمضمون والمحتوى التعليميّ الذيّ يعود بالخير على النشء.

وهناك من غمز باتجاه نقابة المعلمين وأنها ساهمت في هذا التراجع بالرغم من قصر عهدها مبررين ذلك أن المعلم بات يحتميّ بجسم نقابيّ قويّ: كلّما لوّحت الوزارة بإجراء عقابيّ أحاديّ الجانب، وتناسوا هؤلاء وبخاصة من هم في مواقع السلطة والقرار أن نقابة المعلمين كشفت العيوب والوهن في وزارة التربية والتعليم في أشهر معدودات وأزاحت الغطاء عن صناديق مالية أغلقت في وجه المعلمين نظراﹰ لشبهات الفساد التي طاولتها منذ أمد بعيد، وهي الآن جاثمة على أجهزة الرقابة المالية تنتظر التمحيص والعدالة ومحاسبة المتورطين والمقصرّين إذا ثبت ذلك، ومع ذلك لا نبرر تراجع عطاء المعلم ودافعيته؛ لأنه إذا ثبت تقصيره لا شك أنه يتحمل جزء من العقاب لتقاعسه عن أداء واجبه الوظيفيّ.
من السهولة استقبال الاتهامات ومن السهل تبرير هذا التراجع في العملية التعليمية، لكن من الصعب الإشارة إلى السياسات الحكومية والتشريعات القانونية، والوصفات الوزارية، والأوضاع الاقتصادية التي أوصلت الطالب والمعلم والعملية التعليمية إلى هذا الانحدار والترديّ في العملية التربوية.