وسقطت مباحث أمن مبارك..

                        .وسقطت  مباحث أمن مبارك

 

بقلم :

 حمدى شفيق

 

لماذا يقوم ضباط أمن الدولة فى مقار مختلفة بمحافظات عديدة وفى توقيت واحد باحراق الملفات واتلاف الأشرطة والتسجيلات ؟؟!!

ألا يشكل  هذا وحده دليلا قاطعا كافيا على وجود جرائم بشعة سعى المتورطون فيها الى التخلص من كل ما يدل عليها عندما ترددت أنباء عن تجميد عمل الجهاز الى أن يتم التصرف فيه لاحقا بعد اختيار الحكومة الجديدة؟

فى كل الوقائع سواء فى الاسكندرية أو السادس من أكتوبر أو مدينة نصر  أو طنطا أو مطروح وغيرها تجمع المتظاهرون عندما رأوا النيران تشتعل داخل كل مقار الجهاز القمعى الاجرامى ، ولم يشعل متظاهر واحد النار فى أى منها خلافا لأكاذيب وزارة الداخلية التى يبدو لنا واضحا أنها لم تتعلم شيئا من كل ما جرى بعد!!

الذين أشعلوا النار بالداخل كانوا من ضباط الجهاز ، وهناك أشرطة فيديو سجلتها كاميرات الصحف ووسائل الاعلام العالمية والمحلية تثبت ذلك ،فضلا عن اعترافات بعض العاملين بالجهاز ذاته . ثم أن المتظاهرين الذين اقتحموا تلك المقار كان همهم الأول انقاذ ما لم يحترق بعد من الملفات والأدلة  وقاموا بتسليمها الى القوات المسلحة كما رأينا جميعا .

وتمكن الثوار بالفعل من الحصول على عدد كبير من الملفات والأشرطة الصوتية والصور وغيرها من المستندات ، وهى الاّن تحت تصرف النيابة العامة ، ونرجو أن يتم التحقيق ثم اعلان كافة الحقائق والنتائج مهما كانت على الرأى العام بأقصى سرعة ممكنة ، فهذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الأمن والاستقرار فى هذا البلد.

لقد لعبت مباحث أمن الدولة دورا قذرا خطيرا فى اهدار حقوق الانسان المصرى طوال العهد الأسود ، ولم يكد يفلت من بطش الزبانية أحد من معارضى الرئيس المخلوع ،أو حتى عامة الناس من غير المشتغلين بالسياسة . انتشر عملاء الجهاز كالسرطان فى جسد المجتمع ، وعاثوا فى البلاد فسادا وطغيانا ، يكادون يحصون على الناس أنفاسهم وخواطرهم وحتى أحلامهم ..

وكانت الاعتقالات العشوائية والتصفية الجسدية والتعذيب الوحشى لسجناء الرأى- بوسائل لا تخطر على بال الشيطان نفسه- سياسة ثابتة ، فضلا عن احكام الخناق على كل أحزاب وقوى المعارضة ، والتدخل فى كل شئون الجامعات ووسائل الاعلام والمساجد وكافة المصالح الحكومية  ، وتلفيق القضايا ، وغيرها من الممارسات  القمعية التى تواترت على اثباتها أحكام القضاء وتقارير منظمات حقوق الانسان و تحقيقات وسائل الاعلام طوال عهد مبارك..

وكان لكاتب هذه السطور- بحمد الله تعالى- شرف التصدى لجرائم السفاحين من زبانية أمن الدولة طوال عهد الرئيس المخلوع ،وقمنا بفضح ممارساتهم الوحشية فى جرائد  (الشعب) و (الوفد) و(الغد) و(النور) فى وقت لم يكن أكثر الناس فيه  يتجرأ على النطق بكلمة واحدة ضدهم ..

وكذلك فشل جهاز الطاغية فى التنبأ أوالتصدى لكثير من حوادث العنف ،بل هناك اتهامات جدية بأدلة قوية على أن أمن الدولة هو من ارتكب تفجيرات شرم الشيخ ثم كنيسة الاسكندرية وغيرها لايهام الرئيس المخلوع والأمريكان أن البلد مستهدف من قوى الارهاب ، وأنهم هم وحدهم الذين يمكنهم حماية النظام من جهة ومصالح الغرب من جهة أخرى.

وأقوى الأدلة على الفشل الذريع لهذا الجهاز الشيطانى أنه لم يقرأ الواقع ، وأخطأ تقدير حجم المظاهرات يوم 25 يناير ، وتوهم وأوهم الرئيس المخلوع أنهم (شوية عيال من بتوع الفيس بووك ولا خطر منهم ولا أهمية لهم فى الشارع) وعما قليل يرحلون من الميدان طوعا أو كرها !!

وكما أخطأ الجهاز فى التقدير أخطأ أيضا فى وسائل التصدى للمظاهرات ، وارتكب فى هذا الكثير من  الجرائم والحماقات –اطلاق الرصاص الحى والمطاطى وقنابل المولوتوف والدهس بالسيارات والمصفحات ثم بالخيل والبغال والجمال-  وصدّقهم المخلوع وتركهم يفعلون كل ما يحلو لهم  فكانت نهايته ونهايتهم معه !

ولن يجدى ما يسمونه اعادة هيكلة جهاز أمن الدولة ، فمن مات يحتاج الى الدفن وليس الى اجراء عملية تجميل أو ترقيع لا تسمن ولا تغنى من جوع .

ولن تكون هناك ديمقراطية ولا حريات عامة و لا انتخابات حرة نزيهة فى ظل وجود مثل هذا الجهاز الذى هو وصمة عار فى جبين مصر لابد من محوها فورا وبلا أى تأخير .

 ونقول للقائمين على أمر هذا البلد: وفروا تلك المليارات الطائلة التى تنفق على مثل هذا الجهاز الفاسد الفاشل ، فلا حاجة بنا الى وجوده فى عهد الثورة الخالدة ، وقد حان الوقت ليتنفس المصريون هواء الحرية النقى بعد ثلاثين عاما سوداء عجاف .

وكما أحالوا مئات الألوف من زهرة شباب مصر الى التقاعد بالمعاش المبكر أو بالحرمان من التعيين أصلا أو بالفصل التعسفى فلتتم احالة كل العاملين بمؤسسة جهنم تلك الى المعاش

ولابد من المحاكمة العلنية العاجلة   لكل من تلطخت أيديهم بدماء المصريين وامتلئت كروشهم من أموالهم  وولغت أنيابهم النجسة فى أعراضهم .

ولنتخذ من مقار الجهاز الفخمة المشابهة لفنادق النجوم الخمس مؤسسات لنشر العلم والثقافة و العدالة و حقوق الانسان بدلا من البطش والترويع والطغيان .

هذا أوان التطهير والتغيير والتعمير، ولا مكان بيننا - بعد اليوم – لطاغية أو فاسد أو سفاح .

لكل ما تقدم نهتف  مع الثوار بأعلى صوت :

 فليرحل جهاز أمن الدولة الى غير رجعة.