كذبت يهو د؛ لا عذاب دون يوم القيامة

كتب تحسين التل:- استمعت الى أحد الشيوخ خلال برنامج ديني على إحدى الإذاعات الأردنية، وكان يحذر من عذاب القبر. يقول: عندما يقوم أهل الميت بوداعه، بعد دفنه، ينزل عليه ملكين فيجلسانه في القبر، وبعد الإنتهاء من السؤال، يضيقان عليه القبر حتى تختلف أضلاعه إن كان من أهل النار، ويوسعان عليه قبره مد البصر إن كان من أهل الجنة. وإمعاناً في ارتكاب الغلط، وشرح الغيبيات، وإصدار الفتاوى التي على ما يبدو حفظها عن شيخ الجامع، ويحفظ ما يقوله الشيخ حرفياً دون أن يكلف خاطره عناء البحث، والقراءة، والتحليل، ودراسة المؤلفات الصادرة عن كبار علماء المسلمين؛ يتحدث عما يجري في القبر ويؤكد على أن هناك (حياة البرزخ)، والثعبان الأقرع الشجاع، وقد صنف الميت من أهل النار أو من أهل الجنة...

عند دفن الميت في المقابر الإسلامية يتحدث أحد الشيوخ مع الميت؛ وكأنه ما زال على قيد الحياة، ويقول لمن يحيط بقبره؛ لقد أجلسوه، وإنه الآن يُسأل عن ربه، وعن نبيه، وعن اليوم الآخر.. إنه يسمع قرع نعالكم. مع أن الله يقول: (إنك لا تسمع الموتى، ولا تسمع الصم الدعاء).. ويقول: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).. إن أغلب الناس يعتقدون ويجزمون بأن عذاب القبر موجود، وإنه واقع لا محالة بدليل الأحاديث المتداولة بين الناس، وما حفظوه عن كل شخص أطلق لحيته ليحصل على لقب شيخ، ويتحدث بالدين وكأنه من علماء المسلمين، وربما يكفرك أحدهم إن أنكرت ما يجري في القبور وفق معتقداتهم، مع أن الأمر واضح وضوح الشمس ولا جدال فيه، ولا مجال لتكذيب الآيات التي نزلت في محكم الكتاب العزيز.. قال عز وجل: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ، إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)..

إن الله جل وعلا خلق الدنيا وما فيها بقدر معلوم، وحسابات خاصة به وحده؛ يجهلها الإنسان، والجن، والملائكة، لكن ما هو مؤكد ومعروف وبديهي أن الدنيا تسير وفق ما هو مخطط لها. موت، فولادة. حياة، فموت. بعث، فحياة وخلود في جهنم والعياذ بالله وهي للكافرين والمشركين، ونعيم مقيم للمسلمين. يقول سبحانه وتعالى: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل). إن حقيقة الموت هي؛ انعدام الحياة من الحي، وإحدى الموتتين هي الحالة التي يكون بها الجنين لحما لا حياة فيه في أول تكوينه قبل أن ينفخ فيه الروح، والموتتة الثانية؛ الموتة المتعارف عليها عند انتهاء حياة الإنسان والحيوان. إذن أين ذهبت حياة البرزخ كما يقول بعض الشيوخ وأين موضع الحياة البرزخية؟! في الآية الكريمة.. أما الإحياءتين فهما؛ الحياة الأولى والحياة الآخرة، ونؤكد هنا أيضاً على عدم وجود مكان للحياة البرزخية التي يتحدث عنها شيوخ الدين، ولا يجوز لنا أن نقول عن القبر الذي يدفن فيه الميت؛ حياة البرزخ، لأن الأحياء والأموات لا يستوون..

قال جل وعلا: (قالوا يا ويلنا، من بعثنا من مرقدنا، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)..كلمات يطلقها الكفارعندما يقومون يوم البعث، فيشاهدون أهوال يوم القيامة، وللقيامة أسماء لم تأتي عبثاً. الساعة، والبعث، والصاخة، والطامة، واليوم الموعود، وغيرها من أسماء يوم القيامة، كلها لها وقت معلوم عند الله، وعلى ما يبدو أنها ستكون شديدة على الكافرين، والمشركين، والذين كانوا يرفضون تصديق كلام الله في محكم التنزيل، ويكذبون الأنبياء والمرسلين، فيقوموا كمن يتخبطهم الشيطان من هول يوم الحساب، فيقولون هذه الجملة: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا.. استغراب ودهشة ورعب ما بعده رعب. ترى لو كانوا يعذبون في القبر، هل يقولون يوم البعث؛ (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا)، والمرقد هو مكان الرقاد. وحقيقة الرقاد: النوم. وأطلقوا الرقاد على الموت والاضطجاع في القبور تشبيها بحالة الراقد، أو الساكن الذي لا يتحرك على الإطلاق.

البرزخ هو المكان الفاصل الذي يفصل بين البحر المالح والعذب، أو الذي يفصل الحياة الدنيا عن الآخرة، والذي يشكل هذا الفاصل هو القبر. يقول رب العزة: (بينهما برزخ لا يبغيان). والمعنى واضح، لا يبغي المالح على العذب، ولا تبغي الحياة الدنيا على الآخرة. إذن لماذا نقول عن القبر؛ الحياة البرزخية، وهل في القبر حياة بعد الموت. قال تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم).

وقال جل وعلا: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

وقال جل جلاله: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها).. وقال أيضاً: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون).. هذه أدلة من القرآن الكريم، كتاب الله الذي أنزله على عبده ونبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهو دليل بآياته على أن عذاب القبر يعد خدعة من اليهود، أو من المستشرقين أدخلوها على أحاديث الرسول الأمين مع أن آيات الله تعالى قوية وواضحة وتبين أن لا عذاب دون يوم القيامة.

لا يمكن لرب العزة أن يعذب المسلم أو الكافر قبل أن تقام عليه الحجة، والدليل، فالله هو الحكم العدل الذي لا يظلم عنده أحد من عباده، والمنطق يقول؛ لا يجوز تعذيب الإنسان قبل إثبات التهمة عليه، والإثبات لا يكون إلا بإبراز الأدلة الجرمية، وشهادة الشهود، واعتراف بين وواضح من المتهم وبعد ذلك إما الى النار أو يعفو عنه القاضي العادل، فيدخله الجنة، أما أن يعذبه قبل يوم القيامة ويوم الحساب والعذاب فهذا ما لا يقبله عقل ولا منطق.

هل يوجد دليل أقوى من كلام الله عندما يقول: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون). طيب لو كانوا في عذاب القبر الى أن تقوم القيامة هل يقسمون بأنهم ما لبثوا في القبر غير ساعة من نهار.. الأمر واضح ولا مجال لتحريف الآية، والاستعانة بالأحاديث النبوية التي ربما تشوه الكثير منها بفعل الزمن، وتدخل أصابع اليهود، علينا أن نكون على علم تام بأن هناك حياتين ومماتين، فإذا دخلت (حياة البرزخ) كما يقول الشيوخ، حدث خلل في المعادلة الإلهية فأصبح هناك ثلاث حيوات، وهذا مخالف للآية الكريمة. بسم الله الرحمن الرحيم: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) صدق الله العظيم.

معلوم أن القرآن الكريم قابل لكل زمان ومكان، منذ بدء الخلق والى يومنا وحتى تقوم الساعة، وما تحدث عنه القرآن على لسان رب العالمين حدث في الماضي أو في الحاضر، وسيحدث في المستقبل، وما لم يتحدث عنه القرآن هو بالضرورة غير موجود على الإطلاق ولا يجوز أن ننسبه للرسول عليه السلام، ومثال على ذلك؛ الزاني يجلد امتثالاً لقوله تعالى؛ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، أما الرسول فقد رجم الزاني والزانية؛ هل هناك سند قوي ودليل على أن الرسول رجم الزاني مع أن الله يؤكد في محكم كتابه الكريم على الجلد دون الرجم، ولماذا نستخدم عقوبة القتل مع أن الله تعالى اوصى بعقوبة الجلد وهي عقوبة أقل من الموت، وربما تصل الى الموت عند تنفيذها..؟!

تحدث الله عن اليأجوج والمأجوج، وعن الدابة في المصحف الشريف، لكنه لم يتحدث عن خروج المهدي، والأعور الدجال الذي يعد من أكبر خدع اليهود التي أقنعوا بها معشر المسلمين للأسف الشديد، وبقاء سيدنا عيسى على قيد الحياة، هذه كلها من الإسرائيليات، قال جل وعلا: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل). قال الله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) ومن يأكل الطعام فهو بشر يحيا مثلهم ويموت ميتتهم. وقال رب العزة: (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد). أدلة دامغة على أن سيدنا عيسى توفاه الله ورفعه كما يرفع الأنبياء والمرسلين.

كثير من التشوهات نسبت للرسول مع أنها واضحة وضوح الشمس، ومعروف من أين جاءت، ومن وراء تلقينها وتعليمها للمسلمين، وبالذات صغار الشيوخ الذين يتلقون العلم من قصص مطبوعة في الغرب، أو مدفوع ثمن طباعتها ونشرها في الشرق العربي والإسلامي، كانت ولا زالت وراءها أصابع اليهود المنتشرة في كل مكان..؟!