معالي ناصر جودة .. ماذا يفعل أجيرنا وليد عبيدات في تل أبيب ؟؟


رائده الشلالفه لـ أخبار البلد

 
من مفارقات التاريخ الأسود الذي جلبته اتفاقية "عربة" على الاردن أن يتم استدعاء أجير الأردن وليد عبيدات ليمثل امام الحكومة الصهيونية اثر مقالة كان كتبها وزير الخارجية الاردني الأسبق كامل ابو جابر، ونشرت في صحيفة الـ "جوردان تايمز" الاردنية في حزيران الماضي،  حيث قامت حينها وزارة الخارجية الصهيونية باستدعاء عبيدات وتقديم احتجاجا "شديد اللهجة" زعمت فيه أن ابو جابر استخدم فيه "عبارات لا سامية فظة".

ابو جابر مس الذات الصهيونية ببضع أحرف، فلم تتورع دولة الكيان من الامساك بإذن الصبي و"فركها" بشدة تماما كما كتاب احتجاجها شديد اللهجة !

وفي المشهد الغزّي الراهن حيث المجازر المتوالية وحيث نحو 1040 شهيدا خلال ثلاثة اسابيع على شن العدوان الاجرامي على ارض وشعب غزة الصمود، لم يدر ببال أجيرنا في تل ابيب ومن يقف من وراءه حكومة وقصر ان يفكر - مجرد تفكير- بـ "فرك اذن المجرم ، حتى ولو باستدعاء سفيره من وكر العار الصهيوني  في منطقة الرابية غرب عمان.

هل نجحت دولة الكيان الصهيوني في لجم الأردن بعد ان نجت بفعلتها باغتيال القاضي رائد زعيتر ؟؟

فعلى ما يبدو ان حادثة اغتيال الشهيد زعيتر لم تكن حادثة اغتيال بقدر انها درسا مسبقا تم تلقينه للاردن الرسمي مفاده ان لا قرار او موقف او رد مسموح به للاردن تجاه اي فعل اجرامي صادر عن اي جهة لدولة الكيان الصهيوني ضد الاردن، بيد ان "عربدات" مجلس النواب بطرح الثقة بحكومة عبد الله النسور آنذاك ردا على اغتيال القاضي زعيتر واشتراط طرد السفير الصهيوني تم مباركتها عكسيا وتم التجديد لثقة اخرى للحكومة كما تمت المبايعة ثانية لاتفاقية "عربة" .. وبيد ان نتائج التحقيق في حادثة اغتيال القاضي الشهيد زعيتر دخلت دهليز "الافيون" الذي درجت على استخدامه الحكومات الاردنية المتعاقبة حين يحمى الوطيس !!

حالة الاحنقان الشعبي للأسف تم اخمادها بعد حادثة القاضي الشهيد زعيتر، بمعطيات يعرفها ابن الشارع تماما كما يعرفها صانع القرار الاردني، حيث ارتفاع السخط الشعبي الناتج عن إجراءات تقشف اقتصادية، وإصلاحات سياسية غير كافية إلى جانب حالة التسويف والمراوغة التي تنتهجها الحكومة في معالجة بؤر وشخوص وجهات الفساد من نخب صناع القرار الحكومي لا اجتثاثها.

موقف الاردن الرسمي على خارطة العمل السياسي خارجيا بما يخص مجازر الصهيونية على غزة لم يبتعد عن موقفه الداخلي، وقد غاب الاردن ووزير خارجيته "التاريخي" ناصر جودة عن "الاجتماع الدولي لدعم وقف اطلاق النار الانساني في غزة" والذي حضره زراء خارجية الولايات المتحدة وتركيا وقطر ووزراء خارجية ومسؤولون كبار من المانيا وبريطانيا وايطاليا 
وكاثرين آشتون منسقة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والذي انعقد السبت  في باريس، وكأنما المذكورين أقرب لرئة غزة من الاردن !

وهل نفهم عدم حضور الاردن لهذا الاجتماع الكبير والحساس لجهة الثقل السياسي لدول لمجتمعين ان الاردن اصبج حقيقة من دول الهامش الصفر ، ام انه طُلب منه عدم الحضور وعدم التدخل على اعتبار ان ما ترتكبه دولة الكيان الصهيوني على ارض غزة المحتلة شأن داخلي سيادي يخص الصهاينة المحتلين ؟؟

الدور المبهم او الخجول الذي يمارسه الاردن الرسمي يحتاج ان يخرج علينا ناصر جودة ليُخبرنا بشأنه، وليُعلمنا ماذا يفعل أجيرنا وليد عبيدات في تل ابيب ولماذا لم يتم سحبه كما فعلت بعض دول امريكا اللاتينية التي لا يجمعها مع غزة لا عرق ولا تاريخ ولا دين !!

 تفهم ما تعنيه توصيات صندوق النقد الدولي على الاردن للجهات الممولة والمانحة، ونفهم كيف عبر الأردن  العاصفة السياسية التي خلفها ما يُدعى بالربيع العربي مستندا على  الثقافة السياسية الأردنية  المعتدلة وغير المؤدلجة والمناوئة للثورات بحسب ، طبيعة شعبه، ونفهم كذلك التوجه الاستراتيجي للأردن الداعم للغرب والتزامه بالسلام مع دولة الكيان الصهيوني، ونفهم جلياً ان الحالة الغزّية ليست هي الحالة السورية التي حرص الاردن بشأنها على على عدم التورط المباشر عسكريا او سياسيا - باستثناء تدخله المفروض والحتمي على حماية حدوده الشمالية مع سوريا - ونفهم أكثر أن حالة الاحتقان التي يعيشها الشعب الاردني مؤازرة ومساندة لشقيقه الشعب السوري ليست ذاتها كالتي يعيشها الان تجاه شقيقه الشغب الغزي.

فهل يفهم الاردن الرسمي هذه المعادلة، وهل يفهم ان حالة الاحتقان تلك تنمو في بيئة خصبة سمتها سوداء غير مبّشرة ونحن نقرأ عناوين حمراء فاقع لونها عن مباركات السلفية الصاعدة في الاردن لإعلان الدولة "الداعشية" في الشمال السوري وموصل العراق، تلك المباركات التي وصلت مستوى الدعم المعلن والذي قد يرقى لمستوى التحالفات ان أبقى الاردن الرسمي على حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي التي يعيشها مواطنه  .

أمام الاردن الرسمي خيار استباقي أوحد قد يمكنه من نزع فتيل حالة الاحتقان المشار اليها في شارعه وبين صفوف ابنائه، ليس طرد سفير دولة الكيان الصهيوني من عمان وليس اسقاط "عربة" الذل والعار - ليس تنازلا منا في كلا المطلبين بل لأن قرار الطرد والاسقاط لا يملكه الاردن الرسمي- لكن أقلّها بأمكانه الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه وليسحب أجيرنا وليد عبيدات من عاصمة الاجرام تل ابيب !!