بين ثـقـتيـن ...أداء حكومي "متردد" وأداء نيابي "مرتبك" !.؟...!!بقلم الدكتور ثابت المومني

 

بداية لا يسعني إلا أن أتقدّم لدولة الدكتور معروف البخيت وحكومته بنيل ثقة مجلس النواب بـ 63 صوتا ذهبيا ومعارضة 47 صوتا "جدد ألوانها قزحية" بين راسخ وحائر ومرتبك ، تلك الأصوات التي تذكّرنا بثقة 111  في مفارقة عجيبة بين ثقتين رفاعية وأخرى بخيتية من حيث الكمّ والنوع والشخوص.//

اليوم ... وبعد ثقة الـ 63 البخيتية ، فإنني أقف حائرا ممتعضا لهول ما جرى ... أقف ولا ادري ماذا أقول بمجلس نيابي وضع نفسه في  مأزق جعلته بمحل تهكم المواطن وسخرية الحكومة على حد سواء ، فبعد ثقة الـ 111 غير المسوّغ مبرراتها ، يأتينا مجلسنا بعد اقل من شهرين بثقة جديدة غير مبرر حجبها  في أداء مرتبك أضعف من قوة وشكيمة مجلسنا النيابي الموقر.//

إن منح الثقة من عدمها يجب أن يكون مدروسا بعمق وتعمّق ضمن سلسة من الظروف والمتغيرات التي تحكمها مصالح الوطن والأمة وصولا لمصالح وتطلعات الشعوب والأفراد، لكن أن تمنح الثقة وأن تحجب  بمزاجية  وغوغائية وسطحية في التحليل والتفكير، فهذا ما جعل مجلسنا النيابي يبدو وكأنه مرتبكا بين مطرقة ثقة عمياء بـ 111صوتا وسندان ثقة جديدة لا نعرف نتائجها - أتنتهي  بحل فوري لمجلس نيابي إذا ما سقطت الحكومة ، أم تدفع الحكومة بجرعة أمل تمهيدا لتغييرات مأمولة لطالما الشعب ينتظرها - .//

ما كان لهذا المجلس أن يبدو هزيلا بهذه الصورة  لو كان العمل النيابي مستندا لشيء من الوضوح والمهنية والتنسيق والنضج السياسي ، كم كنت أتمنى من نوابنا بان يكون منح ثقتهم للحكومة  من حجبها مقترن بما يمكن لهذه الحكومة أن تقدمه من خلال خريطة طريق مؤقتة مدتها 90 يوما ليعاد النظر في هذه الثقة من جديد ،كم كنت أتمنى منهم عدم ربط الثقة "بشخوص" رئيس الحكومة و بعض وزرائه ، كم كنت أتمنى من نوابنا قراءة خريطة التطورات العربية والإقليمية  وانعكاساتها على الوضع المحلي والعزف على أوتارها – لا استغلالها - قبل منح الثقة أو حجبها .//

لقد المح جلالة الملك بأكثر من مرّة من خلال تصريحات صحافية ولقاءات مع نخب مختلفة - بان بخيت 2011 ليس هو بخيت  2007 -  هذا التلميح الملكي له من الدلالات ما يكفي لتوضيح ملامح خريطة الطريق المقبلة لحكومة البخيت الجديدة ، لا سيّما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار قطار التغيير في عالمنا العربي وما سيترتّب عليه على صعيد ساحتنا الأردنية ضمن أسس واطر الملكية النيابية الوراثية التي لطالما نتمسك بها ، لكن أن "نضع العربة أمام الحصان" و" نبقى على شتيمة الحصّاد والبيدر" فهذا أمر محال،ورغم ذلك فهذا ما كان قد جرى وهو ما جعلنا نترجل لتسطير هذه الفقرات.//

إنني إذ اختم مقالتي هذه ، فإنني أتوجه لدولة الرئيس وجميع وزرائه بان يكونوا بقدر ومستوى حساسية المرحلة في الوقت الذي أشير فيه إلى أن عموم الشعب ينتظر من  حكومة  البخيت أثبات صدق وواقعية خريطة طريقها خلال ( 90 ) يوما ، خريطة ننتظر بأن تكون "أفعال جلّها لا أقوالا شغلها" ، خريطة  تستطيع  الحكومة  من خلالها إقناع كافة قطاعات الشعب بأنها جادة نحو التغيير وعلى كافة المستويات بدءا بمحاربة الفساد بشتى فنونه وأشكاله – فللفساد أكاديمية وفنون- وعليه فانه يتعين على الحكومة إغلاق هذه الأكاديمية ومحاسبة جميع "منتسبيها" من أباطرة المال الحرام لأجل استرجاع حقوق الوطن والمواطن دونما تحيز أو تردد بعيدا عن الجاه وسطوة السلطة ، نريد من هذه الحكومة تحطيم قواعد الكفر والعهر والزندقة والفندقة  في مؤسسة الفساد والإفساد من خلال تغيير كافة المفاهيم والإجراءات الخاطئة التي أوصلتنا إلى هذا المستوى المنحطّ من العدالة وتوزيع الثروات وغياب الشفافية حتى حرم أطفالنا من بهجة طفولتهم  رغم وجود ما يسمى بهيئة مكافحة - لا أدرى إذا كانت "مطافحة" - الفساد !!!!!، نريده تغييرا سريعا ملموسا يسابق دقات الساعة وحشرجات النفس وحسابات الأعداء وأبواق الرذيلة في السياسة وحتى خطى القلم في أرحام وسائل الإعلام ودمتم .

thabetna2008@yahoo.com