غزة.. التحدي والاستجابة

أمضيت صيف 2010 في لندن في زمالة بحثية مع منظمة المادة 19 المتخصصة بحرية التعبير التي استمدت اسمها من رقم المادة 19 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

استأجرت شقة قرب محطة مترو Archway القريبة من المقبرة المدفون فيها كارل ماركس. ومحطة المترو هذه كانت مركز القيادة البريطاينة في الحرب العالمية الثانية.

ولأن غزة صغيرة وفيها أعلى كثافة سكانية في العالم يبدو أن المقاومة استعانت بالتاريخ لحفر انفاق للقيادة وتحركات المقاومين وتصنيع العتاد وتخزينه.

ولربما هناك خرائط كخرائط مترو الأنفاق لمساعدة المقاومة على التحرك. ولربما يتم توسيع هذه الأنفاق مستقبلا لتحويلها إلى مترو أنفاق وكملاجئ عند الضرورة.

وتاريخيا عندما تهدأ الجبهات يتم تحويل مصانع الأسلحة إلى صناعات مدنية وهذا حدث في "الاتحاد السوفييتي" سابقا وفي المانيا والصين وغيرها. وهناك أمثلة عديدة عن تحويل الصناعات العسكرية إلى مدنية منها على سبيل المثال الطائرات والطاقة النووية السلمية وحتى تمت الاستفادة من تقنيات طلاء الطائرات العسكرية المقاومة للصدأ إلى طلاء السيارات. وتقوم الصين منذ ثمانينيات القرن الماضي بتحويل كثير من صناعاتها العسكرية إلى مدنية، والتوجه إلى صناعات عسكرية أكثر تعقيدا وتقدما. كما أن الشراكة العسكرية مع القطاع الخاص في صناعات ذات استخدام ثنائي معروفة في الولايات المتحدة والصين.

إن القادر على صناعة صواريخ يصل مداها إلى مائة كيلومتر تحت الحصار قادر على تحسينها مستقبلا سواء في غزة أو أي دولة عربية أخرى، كما أنه قادر على الإبداع في صناعات مدنية أخرى.

وفي نظريته "التحدي والاستجابة" يرى المؤرخ البريطاني المشهور ارنولد "أن حركة التاريخ تسير على إيقاع التحدي والاستجابة". واعتبر توينبي أن الظروف الصعبة لا السهلةـ هي التي تستثير الفئة المبدعة في المجتمع".

وقد تكون التحديات ظروفا طبيعية قاسية أو ضغوطا بشرية خارجية، فإذا وجدت استجابة ناجحة تقوم بها الأقلية المبدعة، يتم الإبداع وصنع الحضارات.

ويبدو أن التحديات والعزائم تأتي على قدر أهل غزة على رأي أبي الطيِّب المتنبي.