ملثمون في جامعة اليرموك!

اسامة الرنتيسي
 

مؤلم الى حد الفاجعة، مشهد الشباب الملثمين في حرم جامعة اليرموك، يحملون العصي والسيوف والاسلحة البيضاء، يجوبون شوارع الجامعة في حالة استعراض مرضي استكمالا لمشاجرة وقعت قبل يومين.

حالات من الكر والفر جرت بين الطلبة وأمن الجامعة، تخللها رشق الحجارة واطلاق اعيرة نارية افزعت طلبة الجامعة عموما، ما استدعى ادارة الجامعة الى طلب المساعدة والمساندة من قبل قوات الامن والدرك.

لم يلتفت هؤلاء الشباب لحظة الى النيران المشتعلة من حولنا، وهي لا تبعد عن شمالنا بضعة كيلومترات تستخدم فيها كل انواع القنابل والتدمير، وعن شرقنا بضع مئات من الكـــــيلومــــترات يستخدم فيها كل اشكال الحقد والطائفـــــية، وفي غربنا مجازر بشعة هي وحدها فقط بايد صهيونية، والباقي نيران بايد عربية عربية.

تناسى هؤلاء الشباب حرمة شهر رمضان والعشر الاواخر منه، وانطلقوا ملثمين مدججين بالاسلحة البيضاء لمناصرة شباب من عشيرتهم، قد يكونون على خطأ، ولم يحتكموا الى فضائل الشهر الكريم، ولا الى ضرورة اللحمة الشعبية، وابعاد بلادنا عن اي شغب او مشاكل لا احد يعلم الى اي مديات قد تصل.

ما يحدث في الجامعات تتحمل المسؤولية الاولى عنه ادارة الجامعات البعيدة عن طلبتها ولا تتواصل معهم الا في المناسبات وعند وقوع حادث ما، وحتى في معالجة الحوادث التي تقع فإن المعالجات تشبه المعالجات الحكومية.

مجلس عمداء جامعة اليرموك وفي جلسة طارئة استمرت ثلاث ساعات، قرر فصل 22 طالبا، قال انه ثبت تورطهم في المشاجرة، من خلال شهادات الامن الجامعي وصور الكاميرات المنتشرة فيها، فهل تحقق المجلس من خلال لجنة محايدة في كل خلفيات المشاجرة، وهل هذا القرار القاسي سوف يمنع وقوع مشاجرات اخرى.

قد يكون قرار المجلس متسرعا، وجاء على خلفية مشهد الملثمين في شوارع الجامعة، لكن قضية العنف في الجامعات، اخذت من احاديث الاردنيين، وفي وسائل الاعلام، والدراسات الموسعة في اسبابها الشيء الكثير، لكن للاسف من دون وضع خطط جادة، للوقوف على اسبابها ومعالجتها معالجة جذرية.

أقسم بالله العظيم انني مكثت في جامعة اليرموك طالبا مدة اربع سنوات في بدايات الثمانينيات لم اسمع فيها يوما طالبا يشتم زميله، او آخر يتوعد زميــــــلا، ولم يكن احد يتصــــــور ان يرى مشاجرة، مهما كان شكلها قد تقع في حرم اية جامعــــــة، فما الذي يحــــــدث الآن؟

لتعترف الحكومات والاجهزة التي عملت على تفريغ الجامعات من التيارات السياسية، خاصة اليسار، انها بسلوكها هذا دمرت الحياة الجامعية، ونقلت اسوأ ما في مجتمعنا، من تعصب وقبلية وعشائرية ومناطقية الى حرم الجامعات، فاصبحت ساحات عراك، بدلا من ان تكون ساحات للحوارات الفكرية والعلمية.