بين ابن لادن والقذافي

                     

فكرة مشوقة فعلاً ان يرسل بن لادن من كهفه في الجبال الافغانية اوالباكستانية شريطاً مسجلاً يرد فيه على الاتهامات التي يوجّهها القذافي ، والتي لم يسبقه أحد إليها من الزعماء العرب الذين سقطوا او صاروا على وشك السقوط، ويشرح له حقيقة الوضع الذي يعانيه التنظيم، ويسرد تاريخه وأفكاره وبرامجه التي كانت في الأصل نتاج فشل تجارب الحكم هناك ويدعوه على الأرجح الى الالتحاق بالقاعدة مع أجل مواجهة الصليبيين الجدد، الذين ينتشرون هذه الأيام على مقربة من شواطئ ليبيا.عمر المختار  

 

من الآن فصاعداً بات الموقف الوحيد الذي يمكن ان يكون له معنى في تفنيد حجة العقيد معمر القذافي، هو ما يمكن أن يُصدره زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، الذي دأب الزعيم الليبي على مساجلته واتهامه بأنه يعمل على الإطاحة به ومحاولة جره للحديث ، على نحو ما فعل في خطابه «التاريخي» امس، في طرابلس الذي لم يتميز إلا بإعلان استعداده للحوار مع اي امير من التنظيم الذي يستعدّ، حسب رأيه، للسيطرة على ليبيا.
عندها فقط يمكن أن تظهر الأمة بأبهى صورها، وتشهد، ويشهد معها العالم سجالاً مهماً بين اثنين من أبرز عقلائها وحكمائها، الذين يختزلون حقيقتها السياسية الفعلية، ويمثلون التيارين الرئيسيين اللذين يتصارعان على دولها وشعوبها، التيار القومي الذي أنتج الفراغ والفوضى والتيار الإسلامي

 

.

وليس من المستبعد ان يخيب بن لادن امل القذافي ويحبط خطته، فيعلن ان تنظيم القاعدة ليس له وجود ولا دور في ليبيا ولا في ثورتها الحالية، وينفي أي مسؤولية عن الاحتجاجات والعمليات التي ينفذها الثوار الليبيون، وينكر اي اتصال معهم، ويقرر ان الساحة الليبية متروكة لشأنها وغير واردة على جدول اعمال التنظيم الذي يركز الآن على دول واهداف اهم من انتزاع السلطة في طرابلس، وإعلانها عاصمة لإمارة اسلامية جديدة.
لكن القذافي في خطابه امس لم يكن يستدرج رداً من بن لادن، كما ليس من المتوقع ان يخرج زعيم القاعدة عن صمته من أجل أن يردّ على رجل مثله. كان القائد الليبي يحذر شعبه من مغبة الإسلام والإسلاميين عامة، وكان ينذر الغرب بأن سقوطه يعني تحول ليبيا الى قاعدة للتطرف والإرهاب والهجرة والقرصنة البحرية، مذكراً بالقائد العثماني الشهير خير الدين بربروس.. الذي لم يكن قرصاناً ولا كان متعدياً على الملاحة في البحر المتوسط بل تولى حماية السفن العثمانية في القرن السادس عشر من القراصنة الأوروبيين، وصار علماً من أعلام السلطنة وأمرائها البحريين.
أوحى القذافي امس انه يركز فقط على تفادي فتح معركة مباشرة مع الغرب الذي يحشد أساطيله في المتوسط من أجل أن يقنعه بقبول الدعوة الملحة الى التخلي عن السلطة، التي لا يمتلكها ولا يشغل أي منصب فيها، والتوقف عن قتل الليبيين، الذين يحبونه ويودّون الموت من أجله.. حسب تعبيره المحرج حتى لأسامة بن لادن.

 

pressziad@yahoo.com

============================================