دكتوراه (البرستيج).... حلال أم حرام؟!



إن المظاهر والبحث عن شكل اجتماعيّ مزيف، أصبح هم الكثيرين ممّن يبحثون عن وجاهات وشهرة إعلامية تشفع لهم عند راصديّ الحكومات وأصحاب القرار، لتكتمل المرحلة الأخيرة من مراحل (البرستيج) بعدما أوفى بالمتطلبات السابقة منها، كالعباءة والفيلا وكرم الضيافة الغير معتاد، والجلوس مع الحكام الإداريين وعلية القوم وحضور كافة المناسبات الوطنية والاجتماعية، ويرّقم له كرسياﹰ في المقاعد الأمامية، فضلاﹰ عن توزيع الدروع وشهادات التقدير على مستحقيها نتيجة الدّعم الوفير الذي يقدمه للمجتمع المحليّ ولخزائن المؤسسات التطوعية التي تعنى بعمل الخير علناﹰ بدون أن يكتم اسمه حرصا للوصول لدرجات الأجر والثواب.

جميل أن تعتليّ السيرة الذاتية ألقاب علمية حصلنا عليها بعد مجهود علميّ وفير، مرّ من خلالها الباحث بمراحل متعددة من العمل والمثابرة والكفاح والنضال في سبيل الظفر بلقب علميّ يعود على الأمة بالنفع، ويخدم جيلاﹰ مازال يترّبع على مقاعد الدّرس من حقه أن يتتلمذوا على أيدي من العلماء الذين قضوا جلّ وقتهم بين رفوف المكتبات والمختبرات، من أجل إنارة الطريق لجيل قادم ينتظر المزيد من شتّى صنوف العلم، لكيّ يساهموا في بناء البلد ورفعته، لكي يلحق بمصاف دول العالم المتقدمة.

لكن ما يخيفنا في تلك المرحلة تلك الشهادات التي تتقاطر علينا من الخارج تحت مسميات الدراسة عن بعد، أو الدراسة عبر السكايب أو الاون لاين أو التي من وراء حجاب بدون الجلوس في الدولة المستضيفة له يوماﹰ واحداﹰ ويكون الحصول على الشهادة بسرعة تفوق سرعة الضوء أحياناﹰ، بينما نظرائهم في الجامعات المحلية والخارجية المنتظمين بدراستهم يقضون أوقات عصيبة في البحث والاستقصاء والترجمة قد تتجاوز السنوات المحددة للشهادة العلمية حتى يصلون إلى مبتغاهم الذي يطمحون إليه ألا وهو أطروحة علمية تزيّن رفوف المكتبات لتكون مرجعاﹰ لجيل قادم من النشء يستندون إليه في دراساتهم المستقبلية.

مؤخراﹰ دخلت السلطة التشريعية على خط شهادات (البرستيج)، حيث رصدت المواقع الالكترونية حصول نائبين على شهادتين علميتين بسرعة فائقة، لتكتمل آخر حلقات (البرستيج) ألا وهي الوجاهة المنزوعة الدّسم، والتي تمثل السبيل الوحيد لبقاء الوجيه في الصفوف الأمامية لأكبر قدراﹰ ممكن من الوقت في ظل عجز الحكومات في التمييز بين من يحملون شهادات علمية رفيعة ولهم رصيد علميّ يشفع لهم وبين من تخلو مكتبات الجامعات من مسمّاهم في الوظائف العليا.

لا بدّ أن تفعّل وزارة التعليم العاليّ دوائرها الرقابية وترصد الوهن الذي أصاب الجسم التعليميّ، وتعالج الثغرات التي تشوب قوانينها وتشريعاتها، لكيّ ننعم بمستقبل علمي لأجيالنا ونعيد الألق لجامعاتنا وعلمائنا، ونرتّب البيت الأكاديميّ كما يجبّ، ونعالج الخلل في التعيينات والتنفيعات في الجامعات والتي باتت هدفاﹰ للواسطة والمحسوبية منذ وقت.

فعلى دائرة الإفتاء التي لم تتوان يوماﹰ في تقديم الفتاوىّ ، لما للفتوة من فائدة عظيمة في حياة المسلمين في توضيح الوجه الشرعيّ من شهادات (البرستيخ )وبخاصة التي تأتي بدون مجهود أو عناء يذكر.