إفطار الدم في غزة
لا موعد للافطار، لا موعد للسحور، لا موعد للغارات، ولا موعد للموت . لكن غزة مصرة على الحياة . الشهداء لا يموتون، الاطفال يكبرون سريعا والاعمار بالساعات، وكل سنة من اعمارهم بعشر سنوات مما تعدون .وكعادتهم اهل غزة ما ان تنتهي الغارة حتى يعودوا الى توأمهم البحر ومكانهم الذي لا يتغير في ذاك الكيلو متر المربع الاعلى كثافة بالسكان في العالم .
غزة معتادة على الغارات والاجتياحات وعلى الاحتلال، واسرائيل استمرأت الاعتداءات والوحشية والدماء في ظل صمت عربي وعمى دولي وعالم لم يعد يهزه اشلاء الشهداء الرٌضَع والاطفال لكن الامر هذه المرة مختلف ويذكرنا بحرب المقاومة اللبنانية العام 2006 التي فاجأت الجيش الإسرائيلي بالقوة الصاروخية والتفوق التكنولوجي في مجال الاتصالات.
فلاول مرة تصل صواريخ المقاومة الفلسطينية الى حيفا بالشمال وتل ابيب في الوسط ومشارف القدس والمستوطنات وتصيب اهدافا محددة بدقة. ما يعد تطورا نوعيا في نهج المقاومة اضافة الى ان ما يربك العسكريين الاسرائيليين انهم عاجزون عن تحديد موقع المنصات التي تطلق الصواريخ التي يبدو ان المقاومة لم تضيع وقتها في الشأن السياسي سواء لجهة الخلاف مع سلطة رام الله او مع مصر فكانت تعد العدة للعدو الصهيوني الذي هو عدو الكل لكن على مراحل حيث تجيد عقلية الذئب الصهيوني التهام الحمل قطعة قطعة وعلى « وجبات « دامية !
الاسرائيليون يعيشون الآن اجواء حرب 2006 ، عودة الى الملاجىء، الهروب من الشوارع فور سماع صفارات الانذار، البكاء خوفا والذعر التاريخي المتاصل في الشخصية اليهودية .
سياسياً فقد خلطت الصواريخ الاوراق . والسؤال : من اين جاءت الصواريخ للمقاومة والتي من المستبعد ان تكون غزاوية الصنع . المؤشرات تتجه نحو ايران والمقاومة اللبنانية . وقد شهدت هذه العلاقات مرحلة فولاذية قبل ان تخرج حماس من سوريا الحليف الطبيعي لايران و حزب الله . وقد كشفت اسرائيل قبل شهور عن صفقة اسلحة قالت انها قادمة من ايران الى حماس. فهل كانت الخلافات السياسية مجرد قشة بالنسبة للتحالف الاستراتيجي بين حماس وكل من ايران وسوريا و حزب الله ؟
في السياسة كل شي ممكن وحائز طالما ان المصالح هي ديدن السياسة .
المهم ان ما تسميه اسرائيل «عملية الجرف الصامت « ربما تجرف سمعة الجيش الذي لا يُقهر الى فضيحة عسكرية اخرى تضاف الى فضيحة حرب 2006 وانْ يدرك الاسرائيليون ان اسلحتهم النووية وطائراتهم لن تحميهم من العودة الى الملاجىء . ولن تفيدهم لا قلنسوة الحاخامات ولا صواريخ القبة الحديدية، وطبعا، ولا عقلية القلعة !!