«تضخيم» القلق الإسرائيلي على الأردن وأهدافه الخبيثة
القلق الذي تعمد الاسرائيليون اظهاره للحفاظ على الاردن سواء على الصعيد الصحافي او التحليل الاستراتيجي والعسكري الذي التقطه معظم وسائل الاعلام ومراكز الدراسات كان واضحا جدا. الاخطر ان معظم وكالات الانباء والصحف العالمية بدأت فعليا البحث عن اسباب هذا التحذير الاسرائيلي الذي يعتبر من وجهة نظرهم واقعيا جدا بسبب عدة عوامل، اهمها قوة منظومة الاستخبارات الاسرائيلية، من هنا يمكن تفسير محاولة ربط ما يحدث في مدينة معان بتطورات ملف الارهاب الاقليمي.. الخ.
الجميع يعلمون ان الدافع الاسرائيلي الحقيقي من وراء هذه البروباغاندا الاعلامية لا يمكن ان يكون مصلحة الاردن والاردنيين، لكن ما يمكن قراءته من طريقة تسويق حالة القلق المصطنعة على الاردن هو رغبة اسرائيلية بفرض نوع من انواع الوصاية السياسية العلنية على الاردن.
اسرائيل المأزومة سياسيا ودبلوماسيا وجدت ضالتها في الالتحاق بمحور مكافحة الارهاب من جهة ومن جهة اعادة صياغة شكل تحالفاتها السياسية مع محيطها من زاوية التقاء المصالح.
اللافت أيضا ان الرواية الاسرائيلية المتعلقة بأمن الاردن تبعها تصعيد الحديث عن ضرورة التنسيق الامني العلني الذي تبعه توتر الامور في الضفة الغربية والهجوم على غزة ما يعني ان اسرائيل قد تفكر فعليا بتوريط الاردن بملف امني في الداخل الفلسطيني كبداية لفكرة تصدير المشكلة الامنية الامر الذي يؤسس مستقبلا لشكل من اشكال الوصاية السياسية.
بغض النظر عن الاهداف الاسرائيلية، فاسرائيل صرحت والصمت كان سمة المشهد الرسمي الاردني الابرز. الحقيقة لا يختلف اثنان اليوم على موضوع غياب بروباغندا اعلامية اردنية حقيقية قادرة على مخاطبة الخارج او حتى الداخل الاردني، لهذا من حق الاردنيين ان يعلموا عن شكل استراتيجية مواجهة القابل.. ام انها ستبقى تقتصر على ردات الفعل وتصريحات من مسؤولين ووزراء فاقدي المصداقية والاهلية السياسية ويصعب موظفي مكاتبهم تصديقهم؟
من جهة أخرى تظهر بعض حالات النشاز الفكري التي تصر على ضرورة اشعار الناس بالامان عبر الاستثمار في فكرة تخويف الناس، لان هذا – وفقا لعقليات الزمن الغابر- قد يقود الى فكرة استقرار انظمة الحكم متناسين طبعا ان مجرد الاعتقاد بفاعلية مثل هذه النظريات اليوم يشبه اللعب المباشر بالنار المستعرة لان فكرة الفوضى باتت مثل فكرة انتشار الخلايا السرطانية التي لا يمكن التعامل معها بسهولة.
ذلك ان غياب شعور المواطنة والهُوية وغياب قضية يعيش الناس من اجلها حول المجتمعات اليوم الى مجتمعات استهلاكية يتميز فيها الفرد بالانانية والفردية ما يعني سهولة حدوث الصدام المستمر وتوفر مناخات وحواضن مجتمعية لكافة أشكال السلوكات المتطرفة.
لنتذكر قبل انتهاء مساحة التذكير ان المجتمعات تبنى على قواعد متعددة أهمها المساواة والعدالة، لهذا من يعتقد انه يمكن ان يدير وقت الازمات بـ «شلة» وقت الرخاء نفسها يجب عليه ان يدرك ان شلة الحكم هذه في حقيقتها منسلخة عن الواقع، لا بل انها تحولت اليوم الى عبء حقيقي بعد ان كانت مجرد عثرة في وجه التنمية والمستقبل.
باختصار نحتاج في الاردن لوقفة اعمق ونحتاج في الاردن لمشروع وطني يخلق مظلة تشعر الناس بانتمائهم لها وبامتلاكهم قضية يناضلون من اجلها، وهذا لا يمكن ان يتم من دون وضع نهاية للكذب والنفاق والتدجيل.