بيانات مبعثرة ومشتتة ولا قيمة لها في البرلمان الأردني ضد إسرائيل

أخبار البلد -

نجح مجلس النواب الأردني في "شراء الوقت” وعدم اتخاذ أي موقف معزز للفلسطينيين في الوقت العصيب الذي يمرون فيه، إذ صدرت الإرادة الملكية بفضّ دورته الاستثنائية، الأمر الذي يعني حكما عدم وجود أي موقف سيصدر عن اعضاء مجلس الشعب.

النواب "ماطلوا وغالوا في المماطلة”، حتى أن الأصوات التي كانت تعلو دوما في مثل هذه المواقف لم تسمع في الأحداث الأخيرة، ما شكل انطباعا عن كون "تواطؤ ما” ضد القضية كان بين أعضاء المجلس.

فالجهود النيابية- إن صح تسميتها بجهود من حيث المبدأ- جاءت مشتتة في بيان ومذكرتين، ولم ترقَ عبرهم ثلاثتهم لتشكل "حالة برلمانية عامة”، الأمر الذي يستطيع المراقب فيه أن يقول إن قضية استشهاد الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير وما تلاها من اعتداءات على المدن الفلسطينية شتى، شكّل "باروميترا” لفحص مدى تكامل الجهود النيابية بشكل خاص والأردنية بشكل عام في القضية، الأمر الذي يعكس "جدية” التوجه للتصرف حيال الاعتداءات المذكورة بطبيعة الحال.

المذكرتان والبيان، من الجانب القانوني لا تلزم أحدا بشيء، فهي جميعا لا تبتعد عن كونها "تجارة بالقضية الفلسطينية” كما يحب أن يسميها مراقب برلماني مخضرم من وزن الباحث وليد حسني.

البيان الذي أصدرته لجنة فلسطين، والذي تبناه المجلس لاحقا لم يقم سوى بإدانة ما حدث، دون إيراد أي خطوات عملية قد يقوم بها المجلس ذاته، مكتفيا بمطالبة الاسرة الدولية باتخاذ إجراءات عملية وحقيقية وخطوات واضحة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق فلسطين والشعب الفلسطيني.

مذكرة نيابية طالبت الحكومة بالتحرك الفوري في جميع الاتجاهات والضغط على المجتمع الدولي "لوقف الممارسات الاسرائيلية في فلسطين والتي تمنع المصلين من الدخول إلى المسجد الأقصى”، والتي هي (أي المذكرة) من المفترض أن تمنح بعض الأمل، كان عدد النواب الذين وقعوا عليها جاء صادما.

فـ 10 نواب من أصل 150 فقط وقعوا على المذكرة المشار إليها، والتي تبناها النائب الانيق مصطفى ياغي، رغم أنها دعت صراحة الحكومة إلى عدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار والادانة للممارسات الإسرائيلية التي تجاوزت كل الحدود.

المذكرة الجديدة، تبناها النائب المخضرم خليل عطية، وفي اليوم اللاحق لمذكرة ياغي، إلا أن "ثقل” عطية البرلماني يبدو أنه لعب دوره ليرفع عدد الموقعين إلى 42، مطالبين مجلسهم بمخاطبة البرلمانات العربية والاسلامية والدولية واتحاد البرلمان الاوروبي لادانة العدوان الاسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني واتخاذ مواقف دولية تتناسب مع حجم الارهاب الذي تمارسه اسرائيل من خلال حكومتها والمستوطنين.

المذكرة طالبت أيضا حكومة الدوار الرابع بتحرك دولي واممي لفتح تحقيق دولي محايد في مقتل الطفل الفلسطيني محمد ابو خضير من اجل الضغط على اسرائيل لوقف كل اشكال الممارسات القمعية والجرمية بحق الشعب الفلسطيني، مدينة اختطاف وقتل الطفل الفلسطيني على يد مستوطنين حاقدين وحرقه حيا.

كل ما سبق، وبالاخص المذكرتين (معا)، لم ترقيا لتستقطبا نصف عدد أعضاء المجلس (75 عضوا)، حتى يمنحوا القضية ثقلا "وهميا” حتى لدى أعضاء المجلس المنتخب.

الإجراءات البرلمانية الحقيقية، إن وجد لها أية نية بالأساس، كان يجب أن تحوي شيئا مما "يمون” المجلس عليه- كما يقال بالعامية-، أي مما يندرج تحت صلاحياته.

وحسب القانون فالمجلس له أحقية إلغاء الاتفاقيات على سبيل المثال، أي أن مجرد التلويح بإلغاء اتفاقية وادي عربة "وهو الأمر الذي كان يستعرض فيه بعض النواب في بطولاتهم الفردية كثيرا”، كان من شأنه أن يعطي الجهود البرلمانية بعض الثقل والحقيقية، الأمر الذي عدم حدوثه لا يدلل إلا على "برود” في التعامل مع القضية والذي قد تكون دوافعه مختلفة من جانب، وشراء الوقت من جانب آخر.

اليوم سيجلس النواب الأردنيون مرتاحون في بيوتهم، فرئيس الوزراء طمأنهم تماما على أن الدورة الاستثنائية القادمة ستكون بعد عيد الفطر المقبل، ما يتوقع منه أن تكون "تسوية ما” لاحت في أفق القضية، وبالتالي ما عادوا بحاجة للحديث.