الحكومة تتحرش بالشعب
التحرش ليس من رجل بامرأة فقط، أو صاحب عمل مختل يستغل موقعه للتحرش بموظفة تعمل لديه، أو شابًا فاقدًا لأي إحساس بالمسؤولية يتصيد الفتيات في الطرقات، بل يتعدى ذلك إلى مجالات أوسع وأبشع.
وثمة أنوع كثيرة من التحرش أخطرها التحرش السياسي/الإعلامي الذي تمارسه الحكومة مع الشعب.
الحكومة تتحرش بالشعب عندما تستغله وكأنه موظف «غلبان» يعمل لديها، أو قاصر لا يوجد من يدافع عنها، أو خادمة أجنبية تضطر للسكوت؛ حفاظًا على «لقمة عيشها».
الحكومة تتحرش بالشعب، وتعده بالرفاهية، وبفرص عمل وبزيادة في الرواتب، وبتحقيق المساواة بين الجميع، وبمحاربة الفساد والمحسوبية، وبتطبيق القانون على الجميع دون تمييز، وبحرية الصحافة والإعلام، وبعدم المساس بأرزاق الفقراء، وإيصال الدعم إلى مستحقيه، وما إلى ذلك من وعود تطلقها ضمن حملة إضعاف مقاومة وممانعة الشعب.
لكن الحكومة وهي تعد الشعب بمدينة «أفلاطون الفاضلة» هي في حقيقة الأمر تكذب ولا تتجمل حتى، تريد من الشعب أن يسلمها نفسه عن طيب خاطر، رغم أنه لا يبادلها الحب والرغبة، وإذا تمنع وأبدى قليلًا من المقاومة فإن قائمة التهم «المعلبة» جاهزة لإحباط محاولته للتحرر، كما أن الكتاب (الكتبة) الذين يتحركون بـ»الريموت كونترول» جاهزون للانقضاض عليه، والتحرش به أيضا، والتشكيك بأخلاقه، وبأنه يسير في الطريق الخطأ: طريق الرذيلة.
التحرش السياسي يقود الشعوب في النهاية إلى طريق الرذيلة عندما يسكت عن التحرش الحكومي، وعن رفع الأسعار المتواصل دون ضوابط، وعن الإنفاق الحكومي المتصاعد، وكأن رئيس حكومتنا هو رئيس حكومة في دولة نفطية، أو دولة غنية باقتصادها المتنوع مثل سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية.
التحرش بالشعب عبر تخويفه من استخدام قانون العقوبات والمطبوعات والنشر وسلسلة طويلة من القوانين الرادعة القابلة للتآويل والضغط و»المط» وفقًا للحالة.
على الحكومة أن توقف تحرشها بالشعب، وعلى الشعب أن لا يتمنع وهو راغب بالتحرش، وأن لا يترك الباب مواربًا؛ لأنه إذا ترك الحبل للحكومة، فإنها ستتمادى وتتجاوز مرحلة التحرش، وهذا ما لا يريده.