رئيس "الأردنية" في مضمار الرفع..!


ما الذي يحعل رئيس الجامعة الأردنية يصر على رفع رسوم الدراسات العليا والتعليم الموازي بنسب عالية وصلت إلى الضعف، وما الذي جعله يدافع عن هذا القرار الضارّ بالعلم والتعليم وبالمجتمع بكل ما أوتي من فصاحة لسان وقوة بيان، ألا يبدو أن الرئيس نسي نفسه أو ربما تناسى أنه يرأس جامعة رسمية تُموّل من أموال الناس، وليست جامعة خاصة تُموّل بأموال "البيزنس" لتجني أرباحاً، وأن الجامعة الأردنية لم تقم منذ نشأتها الأولى على أي أساس تجاري ربحي، وإنما لتوفير مناخ تعليم جامعي عالي المستوى ومتاح لكافة أبناء الشعب..!؟
رئيس الجامعة الأردنية، يدافع عن قرار له انعكاسات سلبية كبيرة على التعليم وعلى قدرة العامة من الأردنيين على تمويل دراسة أبنائهم، وهو يعلم أن الأردنيين مثخنون بجراح حُمّى الأسعار التي اشتعلت وأَتَتْ على كل شيء، فهل يريد الرئيس أن يسابق الحكومة في مضمار رفع الأسعار الذي ألهب ظهور الناس، وأضمر بطونهم وأمعاءهم، وزاد من حدّة نزق الشارع واحتقانه..!؟
مشكلة الأردن والأردنيين تتلخّص في غياب العدالة الاجتماعية، وقد سمعنا سيد البلاد أكثر من مرة يشكو من غيابها، وأن ذلك كان ولا يزال سبباً رئيساً للعنف المجتمعي والعنف الجامعي تحديداً، فما الذي يدفع إلى العنف أكثر من قرارات تُتّخذ وتُنفّذ دون حكمة ودون دراسة لكافة أبعادها، ودون نظر لمدى عدالتها وآثارها السلبية على الصالح العام، ومدى نقضها لمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين..!!
الدستور الأردني كان واضحاً، حين نص على كفالة الدولة لحق العمل والتعليم للأردنيين، وضمن إمكاناتها، وأخشى ما نخشاه أن يصبح هذا الحق في مهب الريح، وقد بدت آثار ذلك تظهر للعيان، فقد أصبحت كلفة التعليم عالية جداً سواء التعليم العام في المدارس أو التعليم الجامعي، وأصبحت الأُسَر الأردنية تحسب حساب تعليم أبنائها منذ لحظات أنفاسهم الأولى وخروجهم كأردنيين إلى الحياة، واستنشاقهم هواء الوطن، فالذي يقدر على توفير كلف دراسة أبنائه من ميسوري الحال، محظوظ، وأما منْ كان دخلهم محدوداً ومتواضعاً وبالكاد يكفي لسداد الرمق، فعليه أن يضرب كفّاً بكف، وأن ينتظر رحمة ربه..!!

كنا ننتظر من رئيس الجامعة الأردنية أن يقف في وجه أي قرار لرفع رسوم برنامج الموازي أو برنامج الدراسات العليا، كما فعل بعض رؤساء الجامعات الخاصة، لا أن يتبنى هو بنفسه سياسة الرفع والدفاع عنها، وهذا ما يجب أن يفعله رئيس جامعة برتبة عالِم، فواجبه تشجيع العلم والتعلّم، وليس وضع العوائق أمام التعليم والراغبين فيه..!
والسؤال الذي نطرحه هل رفع الرسوم الأردنية لبرنامج الموازي والدراسات العليا يصب في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام الأردنيين في التعليم الذي نصّ عليه الدستور الأردني أم العكس..!؟
لا أملك إلاّ أن أقف إلى جانب الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة المعروفة باسم حملة "ذبحتونا" وهي الوحيدة في الميدان التي تدافع عن حق الأردنيين في التعليم الجامعي فيما منظمات ومؤسسات كثيرة لاهية عن هذا الحق..!
نستغرب أن تضع إدارة الجامعة الأردنية عوائق مادية كبيرة أمام طلبة يرغبون في أن ينهلوا من العلم ضمن أكثر من (120) برنامج دكتوراة وماجستير تقدمها الجامعة، إضافة إلى آلاف الطلبة الدارسين سنوياً ضمن برنامج الموازي، وهي الجامعة التي نذرت نفسها منذ نشأتها عام 1962 لتكون مؤسسة تعليمية بحثية مجتمعية، فكيف يفسّر لنا رئيسها ما فعله، وهو الذي سمعناه يدب الصوت مستغيثاً من حجم الخسائر التي مُنيت بها الجامعة خلال العاصفة الثلجية التي داهمت البلد أواخر العام الماضي، والتي كان قدّرها بسبعة ملايين دينار..! فهل من المنطق أن يقف اليوم مدافعاً عن قرار يضرّ بسمعة الجامعة وماضيها ومستقبلها..!؟

خلاصة الحديث: إن رئيساً يُقدّم المال على العلم، حتى لو كانت غايته الإبقاء على منارة الجامعة ساطعة، عليه أن يغادر منصبه فوراً..!!

Subaihi_99@yahoo.com