لقاء صحيفة الرأي الكويتية مع الكاتب الصحفي حمادة فراعنة
قبل ، إختفاء أبناء المستوطنين الثلاثة في مدينة الخليل ، ثمة تطوارت فلسطينية متسارعة ، يقف في طليعتها قرار حركة حماس التخلي طوعاً عن إدارتها المنفردة لقطاع غزة إتفاق 23 نيسان ، وحل حكومة إسماعيل هنية الحزبية ، وتشكيل حكومة مستقلين إنتقالية 2 حزيران ، تضم شخصيات من الضفة والقطاع ، وهو إجراء لم يكن ليتم ، سابقاً خلال سنوات طويلة من عمر الإنقسام وغياب الوحدة ، على أثر الإنقلاب الذي نفذته حركة حماس في حزيران 2007 ، لماذا هذا التطور ؟ ما الجديد في ذلك ؟ وما هي تداعيات هذا القرار ؟ .
من أجل الوقوف على خلفية ما حدث ، وتقديم قراءة واقعية لتطورات المشهد السياسي الفلسطيني ، إلتقينا بالكاتب السياسي حماده فراعنه ، الأقدر على معرفة خفايا ما يجري ، المعروف عنه صلته المباشرة بمطبخ صنع القرار الفلسطيني ، فهو عضو بالمجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1984 ، وعمل كاتب يومياً في العديد من الصحف الأردنية والفلسطينية والعربية ولا يزال ، وإنتخب نائب في البرلمان الأردني ، وكان مقرر لجنة فلسطين النيابية ، وله 14 كتاباً منشوراً عن فلسطين والأردن ، ولذلك يمكن وصفه على أنه المطل على خبايا القرارات ، ومن أكثر الخبراء الأردنيين معرفة بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي كذلك ، وسبق وأن تم تكليفه بمهام سياسية ، غاية في الدقة والصعوبة ، منها مثلاً حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا مع السيد عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في العراق مع السيد جبريل الرجوب ، بتكليف من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وسبق وأن عمل مستشاراً في مكتب الرئيس الراحل أبو عمار ، مما يدلل على حجم إهتماماته وسعة علاقاته .
الرأي : تم التوصل إلى إتفاقات عديدة بين فتح وحماس ، مكة والقاهرة والدوحة ، وبذلت جهوداً ووساطات عربية وتركية وروسية بين الطرفين المتصارعين خلال سنوات " الحسم العسكري " ولكن الإتفاقات لم تنفذ ، والوساطات لم تنجح ، وأخفقت جميعها في الوصول إلى التراجع عن الإنقلاب وإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، لماذا ؟
حماده فراعنه : بداية لا بد أن نشير لمسألتين في غاية الأهمية وهما :
أولاً : أن حركة الإخوان المسلمين كانت معادية لمنظمة التحرير منذ تشكيلها في أيار 1964 ، ولا تعترف بها ، ولا بدورها ، ولا بحق تمثيلها للشعب العربي الفلسطيني ، لأن منظمة التحرير في نظر الإخوان المسلمين كانت أحد أدوات عبد الناصر وأجهزته الأمنية ، وزاد رفض الإخوان المسلمين لها بعد تولي الرئيس ياسر عرفات قيادتها ، فهو منشق أصلاً عن الإخوان المسلمين مع رفاقه خليل العزيز وصلاح خلف وسليم الزعنون ، وفاق من عداء الإخوان المسلمين لمنظمة التحرير بعد دخول فصائل التيار اليساري لصفوفها ، الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية ، وفصائل التيار القومي ، منظمة حزب البعث العراقي جبهة التحرير العربية والبعث السوري تنظيم الصاعقة ، ولذلك حركة حماس تحمل إرثاً إخوانياً يقوم على العداء لمنظمة التحرير وخياراتها السياسية والكفاحية .
ثانياً : منذ تشكيل حركة حماس ، بمبادرة من الشهيد أحمد ياسين ، حققت حضوراً سياسياً وكفاحياً وجماهيرياً بارزاً بسبب عملياتها الكفاحية التي وجهت ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي ، وبسبب ذلك حققت فوزاً جماهيرياً بارزاً في الإنتخابات البلدية عام 2005 ، والإنتخابات البرلمانية عام 2006 ، وقد سلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنتائج هذه الإنتخابات التي تفوقت فيها حماس على حركة فتح ، وتم ذلك عبر تكليف إسماعيل هنية رئيس كتلة حركة حماس البرلمانية ليكون رئيساً للوزراء ، وعبد العزيز الدويك رئيساً للمجلس التشريعي .
وعلى أرضية هاذين العاملين ، وعلى خلفية العداء الإخواني لمنظمة التحرير ، عملت حركة حماس على أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير برمتها ، أو أن يتم حل منظمة التحرير وإعادة تشكيلها من جديد لتتولى حركة حماس قيادتها ، ومن هنا لم تكن الإتفاقات والوساطات تستجيب لتطلعات حركة حماس المشروعة هذه ، خاصة وأن القرار العربي لم يكن موحداً حيال منظمة التحرير ، فجزء من القرار العربي كان مع حماس ، والأغلبية منه كان مع حركة فتح ومنظمة التحرير .
وكان السؤال الذي طرحته حماس هو : ما الجديد الذي ستقدمه فتح إلى حماس إذا تجاوبت مع الوساطات ونفذت الأتفاقات ، فحركة حماس تسيطر منفردة على قطاع غزة ، بينما هناك شركاء لحركة فتح في الضفة الفلسطينية أولهم الإحتلال نفسه ، وثانيهما الفصائل السياسية الفلسطينية الأخرى التي تشارك حركة فتح في إدراة منظمة التحرير وإدارة السلطة الوطنية ، ولهذا لا تستطيع حركة فتح تقديم أي مكاسب جديدة لحركة حماس ، أكثر مما هو متوفر لها بعد قرارها بالحسم العسكري في حزيران 2007 وإدارتها المنفردة لقطاع غزة ، ولهذا لم تكن حركة حماس متحمسة لا للوساطات وليس لديها الرغبة في تنفيذ الإتفاقات ، وهذا هو السبب في إخفاق كل الوساطات السابقة ، وعدم تنفيذ الإتفاقات الموقعة .
الرأي : إذن ما الجديد الذي دفعها لقبول حل حكومة إسماعيل هنية وتنازلها طواعية عن إدارتها المنفردة لقطاع غزة ؟ .
حماده فراعنه : نعم هناك تطورات سياسية هامة فلسطينية وعربية فرضت نفسها على حركة حماس دفعتها إن لم أقل أرغمتها للإذعان لنتائج هذه التطورات ، ويمكن تلخيصها كما يلي :
أولاً : الحصار المالي الذي عانت منه حركة حماس خلال الأشهر الماضية ، سبب لها الإرباك والضعف وعدم القدرة على تلبية إحتياجات كوادرها وقواعدها ، وعدم دفع الرواتب لحوالي 40 ألف موظف عينتهم حماس في مؤسساتها الأمنية والإدارية ، ولو إستمر الوضع على ما هو عليه ، كان يمكن أن ينتفض هؤلاء ويثوروا ضد حماس ، إذا تواصل عدم تلقيهم لرواتبهم ، وهذا يعود إلى فقدان حركة حماس لمصدري التمويل وهما :
1- أموال الشنط التي كانت تُنقل من الدوحة وتركيا وطهران وغيرها من المصادر ، عبر الشنط بالملايين من الدولارات إلى قطاع غزة ، وكان يتم ذلك بقرار مصري ، وتوقف نقل الشنط أيضاً بقرار مصري ، 2- توقف الأنفاق عن توفير الأموال حيث كانت تحصل حركة حماس على رسوم بدلاً من إستعمال الأنفاق لمرور الأشخاص وتهريب البضائع والسلع ، وإغلاق الأنفاق أدى إلى توقف مصدر تمويلها المالي ، ولذلك باتت حركة حماس بلا تمويل وبلا تغطية مالية ، وكادت أن تنكشف أمام مؤيديها في قطاع غزة .
ثانياً : الحصار السياسي ، فقد توقفت عمليات الانتقال لقيادات حماس من وإلى قطاع غزة ، ومن وإلى مصر ، بسبب التطورات الأمنية والسياسية في مصر ، وباستثناء موسى أبو مرزوق ، ضابط الارتباط مع القيادة المصرية ، لم يسمح لأي من قيادات وعناصر حماس للتحرك أو الانتقال أو السماح لأي من رموز وقيادات حركة المسلمين لدخول قطاع غزة .
ثالثاً : تراجع حركة الإخوان المسلمين ، وإخفاق برنامجها ومكانتها ودورها القيادي في مصر وليبيا وتونس وسوريا والأردن ، وفشل برنامجها في تحقيق أهدافه ، ولما كانت حركة الإخوان المسلمين ، وهي أكبر وأقوى حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي ، كانت ولا تزال هي المرجعية السياسية والفكرية والتنظيمية لحركة حماس ، وهي الرافعة والداعمة لها ، ولكنها تحولت لتكون عبئاً على حركة حماس ، أفقدها حرية التحرك العربي ، وقلّص من وجودها ، في مصر وسوريا والخليج العربي والأردن وأفقدها محطات انتقالها وقواعد مساندتها الخلفية ، وباتت محاصرة فلسطينياً وعربياً مما دفعها إلى البحث عن أدوات ووسائل وقنوات وفرص أخرى بديلة لما هي فيه ولما تعاني منه .
الرأي : إذن بديلاً للحصار المالي والسياسي وضيق فرص التحرك ، إضطرت حركة حماس لقبول المصالحة وشروطها ومتطلباتها ؟
حماده فراعنه : نعم ، ولكن إضافة إلى العوامل الضاغطة التي ذكرتها والتي أجبرتها على قبول المصالحة ، يمكن أن تشكل المصالحة عوامل إغراء ، وفرص مناسبة لتبديل الحصارات ، بفرص أفضل وهذا ما عملت له ، وما تسعى من أجله ، وهذه الفرص تتمثل بمجموعة من العوامل والأهداف التالية :
أولاً : إلحاق مؤسسات حركة حماس المدنية والأمنية في قطاع غزة ، بمؤسسات السلطة الوطنية ، وتغطية رواتب هؤلاء كما وعد أمير قطر في لقائه الثلاثي مع الرئيس محمود عباس ، ورئيس حركة حماس خالد مشعل في الدوحة .
ثانياً : فك الحصار السياسي والمالي عن حركة حماس ، عبر التفاهم مع القيادة المصرية الجديدة بعد إنتخاب الرئيس السيسي ، وعبر مؤسسات منظمة التحرير .
الرأي : ولكن ماذا بشأن حركة فتح ما هي الدوافع والنتائج والأرباح التي ستحققها من عملية المصالحة ؟
حماده فراعنه : ليست العوامل الضاغطة لتنفيذ المصالحة مقتصرة على حركة حماس ، بل ثمة عوامل ضاغطة على حركة فتح دفعتها للإستجابة لهذه المصالحة وهي :
أولاً : لقد جرى الانقلاب والانقسام في عهد الرئيس أبو مازن ، وقد فشل خلال السنوات السبعة الماضية ، في استعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية ، وهو يتحمل مسؤولية سياسية ومعنوية إزاء ذلك ، ولهذا إن عودة قطاع غزة إلى حضن الشرعية ، سيسجل للرئيس الفلسطيني ، أن هذا الإنقسام واستعادة الوحدة تم في عهده .
ثانياً : ستحافظ حركة فتح على موقعها القيادي في إدارة منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، وسيتعزز موقعها وسيتواصل بموافقة حركة حماس ورضاها .
ثالثاً : أن برنامج حركة فتح نحو المفاوضات ، الذي كانت تطلق عليه حركة حماس أوصافاً مختلفة وإتهامات قاسية ، ستتوقف هذه الأوصاف والإتهامات عن التداول ، وسيبقى البرنامج قائماً برضى وقبول وصمت حركة حماس ، أو عبر نقدها الدافئ كما حصل في خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي الفلسطيني الذي إنعقد في رام الله يوم 27 نيسان الماضي ، إذ قال أبو مازن إن برنامج حكومته يقوم على النقاط الأربعة التالية :
1- الإعتراف بإسرائيل ، 2- نبذ العنف والإرهاب ، 3- الإلتزام بالإتفاقات الموقعة مع إسرائيل ، 4- استمرار خيار المفاوضات تحت الرعاية الأميركية ، ومع ذلك ، وعلى الرغم من عدم رضى حركة حماس الداخلي لهذا البرنامج ، فقد صدر تصريح خفيف الظل من قبل الناطق بلسان حركة حماس حينما لم يتطرق إلى برنامج حكومة رامي الحمد الله كما أعلنه أبو مازن ، واكتفى الناطق بلسان حماس بالقول " إن خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي تضمن بعض النقاط الإيجابية " .
رابعاً : لم تكن منظمة التحرير ممثلة للكل الفلسطيني ، فقد كان هناك مساً في هذا التمثيل من خلال الإنقسام وخروج قطاع غزة عن الشرعية ، أما اليوم فإن الرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير ومن ضمنهم حركة فتح ، باتت ممثلة للكل الفلسطيني ، بدون أن تجد طعناً في هذا التمثيل .
الرأي : إذاً ثمة عوامل ضاغطة ، فرضت نفسها على الطرفين كي يستجيبا للمصالحة ، ولديهما مصلحة في إستمراره .
حماده فراعنه : بالتأكيد .
الرأي : وماذا بشأن موظفي حماس الذين لم يتلقوا الرواتب ، ومنعوا زملائهم من تلقي رواتبهم من البنوك ، وكذلك ماذا بشأن الخلافات السياسية بينهما ؟ هل تمت إزالتها ؟ .
حماده فراعنه : بشأن الرواتب سيتم الدفع لموظفي حماس المدنيين والأمنيين من صندوق خاص ، بمعزل عن موازنة الحكومة وأجهزتها الإدارية والأمنية الرسمية ، حال توفر التغطية المالية لصرف رواتبهم ، بعد الإلتزام القطري لتغطية هذه الأموال ، أما بشأن تعينهم في الدوائر الرسمية للسلطة ، فقد تم تشكيل لجنة وزارية بهذا الخصوص ، لتعيين من تراه مناسباً ولديه الإختصاصات الملائمة وحال توفر المخصصات المالية في موازنة السلطة لنقل رواتبهم من الصندوق القطري الخاص ، إلى قيود الموازنة الممولة من الدول المانحة .
أما بشأن الخلاف السياسي والتباينات ، بينهما ، فستبقى وتتواصل ، نظراً لرؤية الأولويات المختلفة بين الفصيلين ، ولكن الصراع السياسي والخلاف بينهما والإجتهاد من كل منهما ، سيتم على أرضية الوحدة ، وفي إطار المؤسسات القائمة ، كما هو حاصل حالياً بين فتح والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرهم من الفصائل والشخصيات ، حيث يتم التوصل إلى تفاهمات والإتفاق على القواسم المشتركة ، في إطار ثلاثة نقاط مركزية متفق عليها وهي : 1- البرنامج السياسي الموحد ، 2- المؤسسة التمثيلية الموحدة في إطار منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، 3- توظيف الأدوات الكفاحية المناسبة لمقاومة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .
الرأي : ولكن ماذا بشأن الموقفين الأميركي والإسرائيلي حيال المصالحة والوحدة ؟
حماده فراعنه : هناك فرق بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي ، فقد رحبت الإدارة الأميركية بتشكيل حكومة الوفاق الوطني ، خاصة بعد أن أعلن الرئيس أبو مازن عن برنامجها أمام المجلس المركزي بنقاطه الأربعة ، وقد أبلغ جون كيري الرئيس الفلسطيني في لقائهما في لندن ، أن واشنطن ستواصل الدعم المالي لحكومة السلطة الفلسطينية على الرغم من مطالبة 88 عضواً في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين بوقف التمويل الأميركي للحكومة الفلسطينية ، وتأكيداً للقرار الأميركي ، فقد وجهت واشنطن دعوة لرئيس الوزراء رامي الحمد الله لزيارتها .
أما الموقف الإسرائيلي فهو يتسم بالتناقض والتلاعب السياسي ، فالأجهزة الأمنية الإسرائيلية ليست قلقة من حكومة الوفاق الفلسطينية لأن الطرفين ملتزمان بوقف العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين ، حكومة فتح في رام الله عبر الوساطة الأميركية ، وحكومة حماس عبر الوساطة المصرية على قاعدة تفاهمات القاهرة التي ضمنها الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي ، ووقعها عنه مستشاره للشؤون الخارجية عصام الحداد ، ومستشار نتنياهو المحامي اسحق مولخو ، وقد تم تجديد الإتفاقية الموقعة يوم 21/10/2012 ، قبل ثلاثة أشهر ، والأجهزة الأمنية تشير إلى إلتزام حركة حماس بمنع الفصائل الأخرى من تنفيذ أي عمل مسلح ضد العدو الإسرائيلي من قطاع غزة ، كما هي حركة فتح ملتزمة بذلك من الضفة الفلسطينية ، ولكن على المستوى السياسي فألاعيب نتنياهو واسعة ، ويبحث عن ذرائع للتهرب من الإستحقاقات المطلوبة من حكومته وفي طليعتها وقف الإستيطان وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948 ، أي من مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ويحملون الجنسية الإسرائيلية ، ولأنه لا يستطيع الإيفاء بما هو مطلوب منه وجد في قضية المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق غطاء لعدم تنفيذ ما هو مطلوب منه فلسطينياً .
الرأي : إذاً ماذا بشأن المستقبل ، وما هو تأثير التفاهم والإتفاق الفتحاوي الحمساوي ، وإنعكاساته على مجمل المشهد الفلسطيني ؟
حماده فراعنه : سيكون لهذا التفاهم بين فتح وحماس ، والإتفاق بينهما نتائج عملية ملموسة ، ستشكل روافع للنضال الوطني الفلسطيني بثلاثة إتجاهات :
أولاً : باتجاه المناخ الشعبي وحركة الشارع والإحتجاجات الجماهيرية ضد الإحتلال والإستيطان والجدار وغيرها من مظاهر الإحتلال ، إذ ستقوى حركة الشارع وتتوحد ، في عمليات المواجهة الجماهيرية وستعزز فرص الثقة بين مكونات المجتمع الفلسطيني إنعكاساً لغياب المناكفات والإتهامات المتبادلة .
ثانياً : باتجاه الوحدة والتفاهم والتوصل إلى القواسم المشتركة في العناوين الضرورية الثلاثة :
1- البرنامج السياسي الموحد ، 2- المؤسسة التمثيلية الموحدة ، 3- الادوات الكفاحية المناسبة المتفق عليها .
ثالثاً : على الرغم مما تعانيه حركة الإخوان المسلمين من تراجع وإنحسار ، ولكنها ستشكل حاضنة مهمة للنضال الفلسطيني ، بإعتبارها حركة سياسية جماهيرية قوية عابرة للحدود ، وظفت قدراتها وإمكاناتها ضد منظمة التحرير خلال السنوات الماضية ، ستتحول ولا شك إلى رافعة داعمة للنضال الفلسطيني ، وهكذا ستضيف للنضال الفلسطيني مداميك جماهيرية مساندة لتقوية الفعل الفلسطيني وتعزز من مكانته عربياً وإسلامياً ، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق .
من أجل الوقوف على خلفية ما حدث ، وتقديم قراءة واقعية لتطورات المشهد السياسي الفلسطيني ، إلتقينا بالكاتب السياسي حماده فراعنه ، الأقدر على معرفة خفايا ما يجري ، المعروف عنه صلته المباشرة بمطبخ صنع القرار الفلسطيني ، فهو عضو بالمجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1984 ، وعمل كاتب يومياً في العديد من الصحف الأردنية والفلسطينية والعربية ولا يزال ، وإنتخب نائب في البرلمان الأردني ، وكان مقرر لجنة فلسطين النيابية ، وله 14 كتاباً منشوراً عن فلسطين والأردن ، ولذلك يمكن وصفه على أنه المطل على خبايا القرارات ، ومن أكثر الخبراء الأردنيين معرفة بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي كذلك ، وسبق وأن تم تكليفه بمهام سياسية ، غاية في الدقة والصعوبة ، منها مثلاً حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا مع السيد عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في العراق مع السيد جبريل الرجوب ، بتكليف من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وسبق وأن عمل مستشاراً في مكتب الرئيس الراحل أبو عمار ، مما يدلل على حجم إهتماماته وسعة علاقاته .
الرأي : تم التوصل إلى إتفاقات عديدة بين فتح وحماس ، مكة والقاهرة والدوحة ، وبذلت جهوداً ووساطات عربية وتركية وروسية بين الطرفين المتصارعين خلال سنوات " الحسم العسكري " ولكن الإتفاقات لم تنفذ ، والوساطات لم تنجح ، وأخفقت جميعها في الوصول إلى التراجع عن الإنقلاب وإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، لماذا ؟
حماده فراعنه : بداية لا بد أن نشير لمسألتين في غاية الأهمية وهما :
أولاً : أن حركة الإخوان المسلمين كانت معادية لمنظمة التحرير منذ تشكيلها في أيار 1964 ، ولا تعترف بها ، ولا بدورها ، ولا بحق تمثيلها للشعب العربي الفلسطيني ، لأن منظمة التحرير في نظر الإخوان المسلمين كانت أحد أدوات عبد الناصر وأجهزته الأمنية ، وزاد رفض الإخوان المسلمين لها بعد تولي الرئيس ياسر عرفات قيادتها ، فهو منشق أصلاً عن الإخوان المسلمين مع رفاقه خليل العزيز وصلاح خلف وسليم الزعنون ، وفاق من عداء الإخوان المسلمين لمنظمة التحرير بعد دخول فصائل التيار اليساري لصفوفها ، الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية ، وفصائل التيار القومي ، منظمة حزب البعث العراقي جبهة التحرير العربية والبعث السوري تنظيم الصاعقة ، ولذلك حركة حماس تحمل إرثاً إخوانياً يقوم على العداء لمنظمة التحرير وخياراتها السياسية والكفاحية .
ثانياً : منذ تشكيل حركة حماس ، بمبادرة من الشهيد أحمد ياسين ، حققت حضوراً سياسياً وكفاحياً وجماهيرياً بارزاً بسبب عملياتها الكفاحية التي وجهت ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي ، وبسبب ذلك حققت فوزاً جماهيرياً بارزاً في الإنتخابات البلدية عام 2005 ، والإنتخابات البرلمانية عام 2006 ، وقد سلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنتائج هذه الإنتخابات التي تفوقت فيها حماس على حركة فتح ، وتم ذلك عبر تكليف إسماعيل هنية رئيس كتلة حركة حماس البرلمانية ليكون رئيساً للوزراء ، وعبد العزيز الدويك رئيساً للمجلس التشريعي .
وعلى أرضية هاذين العاملين ، وعلى خلفية العداء الإخواني لمنظمة التحرير ، عملت حركة حماس على أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير برمتها ، أو أن يتم حل منظمة التحرير وإعادة تشكيلها من جديد لتتولى حركة حماس قيادتها ، ومن هنا لم تكن الإتفاقات والوساطات تستجيب لتطلعات حركة حماس المشروعة هذه ، خاصة وأن القرار العربي لم يكن موحداً حيال منظمة التحرير ، فجزء من القرار العربي كان مع حماس ، والأغلبية منه كان مع حركة فتح ومنظمة التحرير .
وكان السؤال الذي طرحته حماس هو : ما الجديد الذي ستقدمه فتح إلى حماس إذا تجاوبت مع الوساطات ونفذت الأتفاقات ، فحركة حماس تسيطر منفردة على قطاع غزة ، بينما هناك شركاء لحركة فتح في الضفة الفلسطينية أولهم الإحتلال نفسه ، وثانيهما الفصائل السياسية الفلسطينية الأخرى التي تشارك حركة فتح في إدراة منظمة التحرير وإدارة السلطة الوطنية ، ولهذا لا تستطيع حركة فتح تقديم أي مكاسب جديدة لحركة حماس ، أكثر مما هو متوفر لها بعد قرارها بالحسم العسكري في حزيران 2007 وإدارتها المنفردة لقطاع غزة ، ولهذا لم تكن حركة حماس متحمسة لا للوساطات وليس لديها الرغبة في تنفيذ الإتفاقات ، وهذا هو السبب في إخفاق كل الوساطات السابقة ، وعدم تنفيذ الإتفاقات الموقعة .
الرأي : إذن ما الجديد الذي دفعها لقبول حل حكومة إسماعيل هنية وتنازلها طواعية عن إدارتها المنفردة لقطاع غزة ؟ .
حماده فراعنه : نعم هناك تطورات سياسية هامة فلسطينية وعربية فرضت نفسها على حركة حماس دفعتها إن لم أقل أرغمتها للإذعان لنتائج هذه التطورات ، ويمكن تلخيصها كما يلي :
أولاً : الحصار المالي الذي عانت منه حركة حماس خلال الأشهر الماضية ، سبب لها الإرباك والضعف وعدم القدرة على تلبية إحتياجات كوادرها وقواعدها ، وعدم دفع الرواتب لحوالي 40 ألف موظف عينتهم حماس في مؤسساتها الأمنية والإدارية ، ولو إستمر الوضع على ما هو عليه ، كان يمكن أن ينتفض هؤلاء ويثوروا ضد حماس ، إذا تواصل عدم تلقيهم لرواتبهم ، وهذا يعود إلى فقدان حركة حماس لمصدري التمويل وهما :
1- أموال الشنط التي كانت تُنقل من الدوحة وتركيا وطهران وغيرها من المصادر ، عبر الشنط بالملايين من الدولارات إلى قطاع غزة ، وكان يتم ذلك بقرار مصري ، وتوقف نقل الشنط أيضاً بقرار مصري ، 2- توقف الأنفاق عن توفير الأموال حيث كانت تحصل حركة حماس على رسوم بدلاً من إستعمال الأنفاق لمرور الأشخاص وتهريب البضائع والسلع ، وإغلاق الأنفاق أدى إلى توقف مصدر تمويلها المالي ، ولذلك باتت حركة حماس بلا تمويل وبلا تغطية مالية ، وكادت أن تنكشف أمام مؤيديها في قطاع غزة .
ثانياً : الحصار السياسي ، فقد توقفت عمليات الانتقال لقيادات حماس من وإلى قطاع غزة ، ومن وإلى مصر ، بسبب التطورات الأمنية والسياسية في مصر ، وباستثناء موسى أبو مرزوق ، ضابط الارتباط مع القيادة المصرية ، لم يسمح لأي من قيادات وعناصر حماس للتحرك أو الانتقال أو السماح لأي من رموز وقيادات حركة المسلمين لدخول قطاع غزة .
ثالثاً : تراجع حركة الإخوان المسلمين ، وإخفاق برنامجها ومكانتها ودورها القيادي في مصر وليبيا وتونس وسوريا والأردن ، وفشل برنامجها في تحقيق أهدافه ، ولما كانت حركة الإخوان المسلمين ، وهي أكبر وأقوى حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي ، كانت ولا تزال هي المرجعية السياسية والفكرية والتنظيمية لحركة حماس ، وهي الرافعة والداعمة لها ، ولكنها تحولت لتكون عبئاً على حركة حماس ، أفقدها حرية التحرك العربي ، وقلّص من وجودها ، في مصر وسوريا والخليج العربي والأردن وأفقدها محطات انتقالها وقواعد مساندتها الخلفية ، وباتت محاصرة فلسطينياً وعربياً مما دفعها إلى البحث عن أدوات ووسائل وقنوات وفرص أخرى بديلة لما هي فيه ولما تعاني منه .
الرأي : إذن بديلاً للحصار المالي والسياسي وضيق فرص التحرك ، إضطرت حركة حماس لقبول المصالحة وشروطها ومتطلباتها ؟
حماده فراعنه : نعم ، ولكن إضافة إلى العوامل الضاغطة التي ذكرتها والتي أجبرتها على قبول المصالحة ، يمكن أن تشكل المصالحة عوامل إغراء ، وفرص مناسبة لتبديل الحصارات ، بفرص أفضل وهذا ما عملت له ، وما تسعى من أجله ، وهذه الفرص تتمثل بمجموعة من العوامل والأهداف التالية :
أولاً : إلحاق مؤسسات حركة حماس المدنية والأمنية في قطاع غزة ، بمؤسسات السلطة الوطنية ، وتغطية رواتب هؤلاء كما وعد أمير قطر في لقائه الثلاثي مع الرئيس محمود عباس ، ورئيس حركة حماس خالد مشعل في الدوحة .
ثانياً : فك الحصار السياسي والمالي عن حركة حماس ، عبر التفاهم مع القيادة المصرية الجديدة بعد إنتخاب الرئيس السيسي ، وعبر مؤسسات منظمة التحرير .
الرأي : ولكن ماذا بشأن حركة فتح ما هي الدوافع والنتائج والأرباح التي ستحققها من عملية المصالحة ؟
حماده فراعنه : ليست العوامل الضاغطة لتنفيذ المصالحة مقتصرة على حركة حماس ، بل ثمة عوامل ضاغطة على حركة فتح دفعتها للإستجابة لهذه المصالحة وهي :
أولاً : لقد جرى الانقلاب والانقسام في عهد الرئيس أبو مازن ، وقد فشل خلال السنوات السبعة الماضية ، في استعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية ، وهو يتحمل مسؤولية سياسية ومعنوية إزاء ذلك ، ولهذا إن عودة قطاع غزة إلى حضن الشرعية ، سيسجل للرئيس الفلسطيني ، أن هذا الإنقسام واستعادة الوحدة تم في عهده .
ثانياً : ستحافظ حركة فتح على موقعها القيادي في إدارة منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، وسيتعزز موقعها وسيتواصل بموافقة حركة حماس ورضاها .
ثالثاً : أن برنامج حركة فتح نحو المفاوضات ، الذي كانت تطلق عليه حركة حماس أوصافاً مختلفة وإتهامات قاسية ، ستتوقف هذه الأوصاف والإتهامات عن التداول ، وسيبقى البرنامج قائماً برضى وقبول وصمت حركة حماس ، أو عبر نقدها الدافئ كما حصل في خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي الفلسطيني الذي إنعقد في رام الله يوم 27 نيسان الماضي ، إذ قال أبو مازن إن برنامج حكومته يقوم على النقاط الأربعة التالية :
1- الإعتراف بإسرائيل ، 2- نبذ العنف والإرهاب ، 3- الإلتزام بالإتفاقات الموقعة مع إسرائيل ، 4- استمرار خيار المفاوضات تحت الرعاية الأميركية ، ومع ذلك ، وعلى الرغم من عدم رضى حركة حماس الداخلي لهذا البرنامج ، فقد صدر تصريح خفيف الظل من قبل الناطق بلسان حركة حماس حينما لم يتطرق إلى برنامج حكومة رامي الحمد الله كما أعلنه أبو مازن ، واكتفى الناطق بلسان حماس بالقول " إن خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي تضمن بعض النقاط الإيجابية " .
رابعاً : لم تكن منظمة التحرير ممثلة للكل الفلسطيني ، فقد كان هناك مساً في هذا التمثيل من خلال الإنقسام وخروج قطاع غزة عن الشرعية ، أما اليوم فإن الرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير ومن ضمنهم حركة فتح ، باتت ممثلة للكل الفلسطيني ، بدون أن تجد طعناً في هذا التمثيل .
الرأي : إذاً ثمة عوامل ضاغطة ، فرضت نفسها على الطرفين كي يستجيبا للمصالحة ، ولديهما مصلحة في إستمراره .
حماده فراعنه : بالتأكيد .
الرأي : وماذا بشأن موظفي حماس الذين لم يتلقوا الرواتب ، ومنعوا زملائهم من تلقي رواتبهم من البنوك ، وكذلك ماذا بشأن الخلافات السياسية بينهما ؟ هل تمت إزالتها ؟ .
حماده فراعنه : بشأن الرواتب سيتم الدفع لموظفي حماس المدنيين والأمنيين من صندوق خاص ، بمعزل عن موازنة الحكومة وأجهزتها الإدارية والأمنية الرسمية ، حال توفر التغطية المالية لصرف رواتبهم ، بعد الإلتزام القطري لتغطية هذه الأموال ، أما بشأن تعينهم في الدوائر الرسمية للسلطة ، فقد تم تشكيل لجنة وزارية بهذا الخصوص ، لتعيين من تراه مناسباً ولديه الإختصاصات الملائمة وحال توفر المخصصات المالية في موازنة السلطة لنقل رواتبهم من الصندوق القطري الخاص ، إلى قيود الموازنة الممولة من الدول المانحة .
أما بشأن الخلاف السياسي والتباينات ، بينهما ، فستبقى وتتواصل ، نظراً لرؤية الأولويات المختلفة بين الفصيلين ، ولكن الصراع السياسي والخلاف بينهما والإجتهاد من كل منهما ، سيتم على أرضية الوحدة ، وفي إطار المؤسسات القائمة ، كما هو حاصل حالياً بين فتح والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرهم من الفصائل والشخصيات ، حيث يتم التوصل إلى تفاهمات والإتفاق على القواسم المشتركة ، في إطار ثلاثة نقاط مركزية متفق عليها وهي : 1- البرنامج السياسي الموحد ، 2- المؤسسة التمثيلية الموحدة في إطار منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، 3- توظيف الأدوات الكفاحية المناسبة لمقاومة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .
الرأي : ولكن ماذا بشأن الموقفين الأميركي والإسرائيلي حيال المصالحة والوحدة ؟
حماده فراعنه : هناك فرق بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي ، فقد رحبت الإدارة الأميركية بتشكيل حكومة الوفاق الوطني ، خاصة بعد أن أعلن الرئيس أبو مازن عن برنامجها أمام المجلس المركزي بنقاطه الأربعة ، وقد أبلغ جون كيري الرئيس الفلسطيني في لقائهما في لندن ، أن واشنطن ستواصل الدعم المالي لحكومة السلطة الفلسطينية على الرغم من مطالبة 88 عضواً في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين بوقف التمويل الأميركي للحكومة الفلسطينية ، وتأكيداً للقرار الأميركي ، فقد وجهت واشنطن دعوة لرئيس الوزراء رامي الحمد الله لزيارتها .
أما الموقف الإسرائيلي فهو يتسم بالتناقض والتلاعب السياسي ، فالأجهزة الأمنية الإسرائيلية ليست قلقة من حكومة الوفاق الفلسطينية لأن الطرفين ملتزمان بوقف العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين ، حكومة فتح في رام الله عبر الوساطة الأميركية ، وحكومة حماس عبر الوساطة المصرية على قاعدة تفاهمات القاهرة التي ضمنها الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي ، ووقعها عنه مستشاره للشؤون الخارجية عصام الحداد ، ومستشار نتنياهو المحامي اسحق مولخو ، وقد تم تجديد الإتفاقية الموقعة يوم 21/10/2012 ، قبل ثلاثة أشهر ، والأجهزة الأمنية تشير إلى إلتزام حركة حماس بمنع الفصائل الأخرى من تنفيذ أي عمل مسلح ضد العدو الإسرائيلي من قطاع غزة ، كما هي حركة فتح ملتزمة بذلك من الضفة الفلسطينية ، ولكن على المستوى السياسي فألاعيب نتنياهو واسعة ، ويبحث عن ذرائع للتهرب من الإستحقاقات المطلوبة من حكومته وفي طليعتها وقف الإستيطان وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948 ، أي من مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ويحملون الجنسية الإسرائيلية ، ولأنه لا يستطيع الإيفاء بما هو مطلوب منه وجد في قضية المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق غطاء لعدم تنفيذ ما هو مطلوب منه فلسطينياً .
الرأي : إذاً ماذا بشأن المستقبل ، وما هو تأثير التفاهم والإتفاق الفتحاوي الحمساوي ، وإنعكاساته على مجمل المشهد الفلسطيني ؟
حماده فراعنه : سيكون لهذا التفاهم بين فتح وحماس ، والإتفاق بينهما نتائج عملية ملموسة ، ستشكل روافع للنضال الوطني الفلسطيني بثلاثة إتجاهات :
أولاً : باتجاه المناخ الشعبي وحركة الشارع والإحتجاجات الجماهيرية ضد الإحتلال والإستيطان والجدار وغيرها من مظاهر الإحتلال ، إذ ستقوى حركة الشارع وتتوحد ، في عمليات المواجهة الجماهيرية وستعزز فرص الثقة بين مكونات المجتمع الفلسطيني إنعكاساً لغياب المناكفات والإتهامات المتبادلة .
ثانياً : باتجاه الوحدة والتفاهم والتوصل إلى القواسم المشتركة في العناوين الضرورية الثلاثة :
1- البرنامج السياسي الموحد ، 2- المؤسسة التمثيلية الموحدة ، 3- الادوات الكفاحية المناسبة المتفق عليها .
ثالثاً : على الرغم مما تعانيه حركة الإخوان المسلمين من تراجع وإنحسار ، ولكنها ستشكل حاضنة مهمة للنضال الفلسطيني ، بإعتبارها حركة سياسية جماهيرية قوية عابرة للحدود ، وظفت قدراتها وإمكاناتها ضد منظمة التحرير خلال السنوات الماضية ، ستتحول ولا شك إلى رافعة داعمة للنضال الفلسطيني ، وهكذا ستضيف للنضال الفلسطيني مداميك جماهيرية مساندة لتقوية الفعل الفلسطيني وتعزز من مكانته عربياً وإسلامياً ، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق .