عن السياسة والناس الاردنيين الطيبين !

عموما لا يوجد على الارض الاردنية إنسان سيء ، وأجزم ان الناس هنا جميعا طيبون تحكمهم أخلاق النخوة والفزعة والشهامة والكرم وما إلى ذلك من شيم كريمة ، وهم موحدون إزاء هذه الثوابت مدنيين وعسكريين ، أثرياء وفقراء ، شيبا وشبابا ، رجالا ونساء ، وهم يغضبون ويعتبون ويتطرفون ويعارضون ، لكن هذا كله يتلاشى في لحظة ،عندما يجدون من يفهمهم على حقيقتهم ويستثير فيهم كرم الاخلاق ونزعة الصفاء والطيبة وحسن النيات!.

ستة ملايين إنسان تقريبا على الارض الاردنية جميعهم حريصون على أمن البلد وعلى بقائه وعلى سلامته ، ولكل منهم مصلحة حقيقية في ذلك ، وهم حتى وان أصدروا البيانات أو أقاموا الاعتصامات أو نظموا المظاهرات وحتى لو خرج بعضهم عن طوره ووجه كلاما نابيا او إتخذ موقفا متطرفا مرفوضا من لدن السلطة ، .. نعم حتى لو فعلوا كل هذا مجتمعا أو مجزءا افرادا او جماعات .. فهم في نهاية المطاف حريصون على سلامة البلد والدولة والنظام ، لأن في ذلك مصلحة مباشرة لكل فرد منهم ، ولأنهم اصلا طيبون وحسنوا النية ويمكن احتواؤهم سلميا بكلمة طيبة أو موقف طيب او حتى مجرد نظرة طيبة،  والكبير يفعل كل هذا ويكبر اكثر بفعله !.

هذا هو الاردن ، ومن يرى غير ذلك فهو ضرير بصيرة لا ضرير بصر ، والاردنيون معا ومن سائر المشارب والاطياف ، وفي المقدمة أولئك الذين يركبون موجة "المعارضة " أحيانا ، هم جميعا من تأبى اخلاقهم وتربيتهم واهتماماتهم الحقيقية الجوهرية لا الظاهرية ، أن يتنكروا لبلدهم أو لنظامهم ، بل على العكس من ذلك ، فهم جاهزون دوما للدفاع عن وطنهم وحياتهم بكل ما فيها من تفاصيل حتى وإن كانوا عاتبين او غاضبين وغير راضين .

زعل الاردنيين ومن كل الاصول والمشارب والاهتمامات على بلدهم لا يتعدى أرنبات أنوفهم ، لا بل هو زعل الابناء على الاباء ، فهم يغضبون ويعتبون ويقولون ما يشتهون وبعصبية ، ولكن ذلك كله يتبدد لحظة يظهر الأب او الآباء في المشهد ، لينتهي الزعل او الغضب او العتب ، والاردنيون عرب أصلاء مستعدون للتنازل حتى عن لقمة عيشهم عندما يجدون من يفهمهم جيدا ويستثير فيهم نخوة الرجال وأصالة الخلق العربي الاسلامي العظيم ، والتاريخ قديمه وحديثه اصدق شاهد على ذلك !.

صحيح أن الجوع كافر ، وصحيح أن الفساد يدمي القلوب ، خاصة عندما يرى ألاردنيون طوابير الفاسدين يتنعمون بخبرات البلاد والعباد متباهين بما جنت أيديهم من ظلم وفساد ، بينما هم يطحنهم الفقر والفاقة فلا يجدون قوت يومهم أو ثمن دوائهم او رسوم جامعات ابنائهم ... فيلتهب الدم في عروقهم ويكادون يكفرون بكل شيء .. لكنهم يعودون في لحظة الى هدوئهم يغالبون شوقهم لبلدهم ولنظامهم ولدولتهم التي بنوها طوبة طوبة بسهر وعرق ودم ودموع الاباء والاجداد في الزمن الصعب الذي لا زمان مثله قبله ولا بعده ولن يكون! .

هؤلاء هم ألاردنيون ... المتدينون والليبراليون ، اليساريون واليمينيون والوسطيون ، المتقاعدون عسكريون ومدنيون " والعسكريون لهم السبق بحكم شرف الجندية " ، الاميون والقارئون ، الشيوخ والشباب ، الرجال والنساء .. جميعهم ، أنصار ومهاجرون ، مسكونون في لحظة الجد بمحبة بلدهم ودولتهم ونظامهم وقيادتهم وجاهزون أبدا للدفاع عن كل هذا وباصالة ليس كمثلها صدق أو أصالة !.

المطلوب هو فقط .. وقف طوفان الفساد بكل صنوفه المالي والاداري والاخلاقي على صعيد الاداء العام للدولة ، ومتى تم ذلك صلح حال البلاد والعباد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، نعم .. المطلوب هو أن تكبر الدولة عقلها وان تحاول النظر الى الناس الطيبين هنا باعتبارهم ابناءها وبناتها الذين من حقهم ان يطلبوا وان يحتجوا وان يغضبوا وأن يعتبوا وأن يفعلوا كل هذا وغيره كثير ، ومن واجبها خدمتهم وحبهم وتنويرهم ومصارحتهم وإشاعة العدل بينهم ، والحديث معهم بوضوح وباستمرار، وبما يحفز وطنيتهم ومواطنتهم اخلاصا للوطن ، وإنتظارا لأن يفرجها الله في الخلاص من رجس الاحتلال والعدوان وظلم يهود ... وعندها لن يعدم الاردنيون حيلة او وسيلة لترتيب أمورهم بما يكفل حق الجميع في هذا البلد الصغير مساحة الكبير وجودا وشعبا ومنجزات !... والله من وراء القصد .

 

شحاده أبو بقر

She_abubakar@yahoo.com