موسى شتيوي يكتب : مجلس النواب بين منح الثقة وحجبها

 

اخبار البلد - شرع أمس مجلس النواب بمناقشة البيان الوزاري لحكومة الدكتور معروف البخيت. ومن المرجح، كما يجري عادة، أن نستمع إلى مداخلات نارية وناقدة من قبل النواب، قد يكون أو لا يكون لها علاقة بالاتجاه الذي سوف يصوت به صاحب أو صاحبة الخطبة. ومن المرجح أن تكون الانتقادات لحكومة البخيت الماضية، وخاصة فيما يتعلق بالانتخابات والكازينو، أكثر مما هي لبرنامج حكومته الحالية. وبالرغم من صعوبة طي صفحة حكومة البخيت الماضية، لكن الذي من الصعب تجاهله أيضا هو أن تكليف د. البخيت جاء في ظروف صعبة، لا بل استثنائية، وأن برنامج حكومته يعكس، وإلى درجة كبيرة، توافقا من قبل القوى الفاعلة في المجتمع، على الأقل فيما يتعلق بالإصلاح السياسي والاقتصادي.

 

بالطبع، من الصعب التنبؤ بقدرة الحكومة الحالية على تنفيذ برنامجها، ولكن الثقة تُمنح أو تُحجب على أساس البرنامج. ولكن قرارات الحكومة، وحتى قبل طرح برنامجها للتصويت وخاصة إحالة بعض الملفات لمكافحة الفساد وقرار دعم إنشاء نقابة للمعلمين وغيرها، يجب أن تؤخذ مؤشرا على نوايا وجدية الحكومة.

 

تتم مناقشة البرنامج الحكومي، ويخيم على رؤوس المراقبين والمواطنين الثقة شبه المطلقة التي منحها المجلس لحكومة سمير الرفاعي السابقة، بالرغم من الخطب النارية التي استمعنا إليها خلال مناقشة برنامج تلك الحكومة. لقد منح المجلس السابق الثقة لحكومة الرفاعي بالرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهت إليها قبل الانتخابات وبعدها، وبالرغم من الاحتجاجات على سياساتها غير الشعبية. وبذلك، فقد ذهب البرلمان، والذي هو ممثل لشرائح المجتمع المختلفة، باتجاه معاكس لتوجهات تلك الشرائح، ما أكسبه النقمة والاستهجان من قبل فئات عريضة بالمجتمع، ليس على منحه حكومة الرفاعي الثقة، وإنما على الحجم الذي تم منح الثقة بها.

 

وبعد استقالة حكومة الرفاعي، بدأ الشارع يطالب بحل مجلس النواب باعتبار أنه فشل في نقل وجهة نظر مختلفة، وأنه نتاج حقبة حكومة الرفاعي. ومما لا شك فيه، أن ذلك وضع المجلس في موقف الدفاع عن النفس. ومن المتوقع أنه يريد تغيير تلك الصورة والثأر لنفسه، وقد يؤدي ذلك بالمجلس إلى أن يقرر حجب الثقة عن حكومة البخيت لتبييض صفحته أمام ناخبيه والقوى السياسية في المجتمع. وإذ ما سار المجتمع بهذا الاتجاه، فإنه وبلا شك سوف يدخل البلاد في أزمة جديدة، قد لا يكون الوقت مواتيا لها. والأهم من ذلك، فإنه قد يؤدي إلى تعطيل مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي التي لا يحتمل الوضع تأجيلها، وقد يكون المجلس نفسه ضحية نجاحه في إسقاط حكومة البخيت، إذا ما قرر حجب الثقة عنها والذي قد يؤدي إلى حل المجلس.

 

وإذا ما قرر المجلس حجب الثقة عن الحكومة، فإنه قد يذهب باتجاه معاكس لموقف شرائح كبيرة بالمجتمع. صحيح أننا لا نستطيع القول إن هناك إجماعا شعبيا على الحكومة الحالية، ولكن هناك ما يكفي من الإجماع، والغالبية ترغب في أن تبدأ مسيرة الإصلاح التي تعهد بها د. البخيت، وإصدار الحكم على الرجل وحكومته بعد ذلك.

 

وإذا كان المجلس النيابي مع الإصلاح السياسي والاقتصادي، فالمنطق يقول إننا أيضا يجب أن نحكم على الحكومة من خلال قدرتها على تنفيذ البرنامج الذي تقدمت به لنيل الثقة. ويجب التذكير أن المتابعة والمراقبة هي من صلاحيات المجلس الأساسية، ويستطيع أن يقرر سحب الثقة من الحكومة إذا لم تستطع الإيفاء بوعودها، وهذا حقه الدستوري.