نايف حواتمة إسرائيل تستهتر بالقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية وحقوق الشعب الفلسطيني

اخبار البلد
حاوره: عبد النبي مصلوحي
المغرب- الرباط- المنعطف:
الدكتور نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، واحد من أبرز قادة الرعيل الأول في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفي منظمة التحرير الفلسطينية.
يعتبر من قبل المتابعين للشأن الفلسطيني وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي، حالة مبادرة، كارزمية، تقدم الحلول العملية والواقعية الجديدة للقضايا الجديدة على جدول أعمال الثورة الفلسطينية وحركة الشعب الوطنية... فهو أول من قدم لمنظمة التحرير برنامجها الوطني الواقعي المرحلي عام 1973، وخاض في إطار الشعب الفلسطيني والمنظمة والجبهة الديمقراطية معركة البرنامج الوطني؛ الذي أصبح بعد سنوات من طرحه برنامج الشعب والثورة والمنظمة، في الدورات المتتالية للمجلس الوطني منذ يونيو 1974، وأدخل مجموعة التطورات اللاحقة على الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر.
كما أن حواتمة كان أول قائد فلسطيني دعا بوضوح إلى حل يقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة والتسوية السياسية والتفاوض مع الإسرائيليين، عملا بقرارات ومرجعية الشرعية الدولية، ووجه بهذا الصدد النداء الأول من مسؤول فلسطيني لمجموع الإسرائيليين على صفحات عدد من الصحف الدولية، دعا فيه إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير والاستقلال، وذلك في إطار سلام شامل متوازن يقوم بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة عاصمتها القدس، وتقرير المصير وحل مشكلة اللاجئين بموجب القرار الأممي 194.
انتهزنا فرصة تواجده بالمغرب مطلع الشهر الجاري وأجرينا معه حوارا مطولا حول القضية الفلسطينية وما يرتبط لها من قضايا داخلية وخارجية، إلى جانب قضايا أخرى تهم الحِراكات العربية وتداعياتها على القضية الفلسطينية.. حيث تحدث عن حكومة رامي حمد الله التي تشكلت قبل أيام لإنهاء الانقسام في الصف الفلسطيني، والإكراهات التي يمكن أن تعترضها، مع تحليل عميق لعدد من القضايا ذات الأبعاد الفلسطينية والإقليمية والدولية، نقدمه في حلقات:
عبد النبي مصلوحي

((وصلنا إلى تدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية بالقرار الصار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012))

س1- كم كان تعداد الشعب الفلسطيني انذاك عام 1947 وتعداد اليهود الموجودين على أرض فلسطين وقتها؟
ج1: حتى عام 48 لم يكن مجموع اليهود في فلسطين يتجاوز 600ألف، بينما كان مجموع الشعب الفلسطيني مليون و800 ألف، استولت على 77 في المائة من أراضي فلسطين التاريخية، ليبقى للشعب الفلسطيني 23 في المائة فقط. ومع ذلك وقع تواطؤ بين الكولونيالة البريطانية وإسرائيل الناشئة والأنظمة الإقطاعية العربية في منطقتنا بالمشرق العربي على مصادرة الأراضي الفلسطينية وتوزيعها بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، وعلى مصادرة الحقوق الوطنية الفلسطينية، لذلك بقيت دولة الاحتلال تعلن حتى عام 93 عند توقيع اتفاقات أوسلو، بأن فلسطين كانت في الماضي، أما الآن فهي إسرائيل والبلدان العربية، والفلسطينيون كانوا في الماضي، أما اليوم فهم عرب إسرائيل وعرب البلدان العربية، لكن الثورة الفلسطينية المعاصرة.. والمقاومة وكل الأشكال الممكنة، السياسية منها والجماهيرية والمقاومة الشعبية، انتزعنا بها لشعبنا الهوية وكيانيته السياسية والحقوقية، فلسطينياً وعربياً ودولياً، في نوفمبر عام 1974 دخلت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد عضواً مراقباً للأمم المتحدة، لكل الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، وفي أقطار اللجوء والشتات، والآن قرار الأمم المتحدة الجديد والاستراتيجي في 29 نوفمبر 2012، يجدد التأكيد على الاعتراف بدولة فلسطين على هذه الحدود على جميع الأراضي المحتلة عام 67 وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، بلك وصلنا إلى التفاف كل الشعب الفلسطيني حول الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الائتلافية ووصلنا إلى ذات النتيجة بإقرار شعوب الأمة العربية وإقرار الدول العربية بذلك...
س2: ووصلتم أيضاً إلى تدويل حقوق الشعب الفلسطيني...؟
ج2: بالتأكيد، وصلنا إلى تدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية، بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012، هذه انجازات إستراتيجية كبرى للشعب الفلسطيني، ورغم ذلك كله فإسرائيل دولة الاحتلال لا تحترم قرارات الأمم المتحدة، بل تستهتر بالقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، وتطمع في التوسع أكثر فأكثر، لبناء ما نسميه القوى اليمينية واليمينية المتطرفة الإسرائيلية بدولة إسرائيل الكبرى، أي على كامل الأرض التاريخية لفلسطين، ولهذا فخلال كل مفاوضات 21 سنة رفضت إسرائيل وقف الاستيطان الذي تواصل، والخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه فريق التفاوض الفلسطيني هو انه وافق على مفاوضات دون وقف الاستيطان، فكانت النتائج الكارثية التي نراها الآن وبالأرقام كما ذكرت لكم.

((أدى الانفراد الاميركي بالمفاوضات إلى نتائج كارثية على امتداد واحد وعشرين سنة))

س3- ما هي قراءتكم للسياسة الأمريكية حيال القضية الفلسطينية؟
ج3: سياسة الإدارة الأمريكية تاريخياً، ومنذ عام 48 من القرن الماضي حتى يومنا هذا، منحازة بالكامل، لإسرائيل، عندما يكون اليمين الجمهوري ممثلاً بالحزب الجمهوري.. أي عندما يكون هذا الأخير في رئاسة الإدارة، أو شبه انحياز عندما تكون الإدارة من الحزب الديمقراطي الأمريكي، لكن الإدارتين ليسا مع دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67، هما مع دولة فلسطينية مع بقاء القدس، إن لم يكن بكاملها، في معظمها التي تم احتلالها عام 67 جزءاً لا يتجزأ مع إسرائيل، والتوسع أيضاً لإسرائيل في الضفة الفلسطينية، وكذلك التفاهمات الأمريكية الإسرائيلية حول لا حق للاجئين بالعودة، وهذا معناه، الاستهتار بالقرار الأممي القاضي بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، ولذلك أدى الانفراد الأمريكي بالمفاوضات إلى نتائج كارثية على امتداد الواحد وعشرين سنة، وحاولت الرباعية الدولية عام 2003 التي تتشكل من روسيا والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن تدخل طرفاً في إدارة المفاوضات، وقدمت خريطة طريق في إبريل 2003 وعلى أساس أن تسوية سياسية في ابريل 2005، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، لكن الإدارات الأمريكية أهملت ولم تفتح الطريق لدور الرباعية الدولية وتجاهلت قراراتها وخريطة الطريق التي تقدمت بها، ولذا وصلنا إلى نتائج كارثية كما ذكرت، سواءً بالنسبة للاحتلال وتوسع الاستعمار الاستيطاني، أو بشأن حلول متوازنة سياسياً للحقوق الوطنية الفلسطينية، الآن العالم كله، ما عدى أربع دول في 29 نوفمبر 2012، أقر لنا بحدود 4 يونيو 67، أقر لنا بان العاصمة هي القدس الشرقية، أقر لنا بحق العودة، وهذا القرار التاريخي الاستراتيجي، علينا أن نبني عليه أي مفاوضات قادمة، في إطار مرجعيته وقرارات الشرعية الدولية.

((علينا أن نعود للأمم المتحدة وندخل كل مؤسساتها.. وخاصة محكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة حتى تكون اسرائيل تحت سيف المحاكم الدولية))

وعلينا أن نعود إلى الأمم المتحدة وندخل كل مؤسساتها، وخاصةً محكمة الجنايات الدولية والعدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، حتى تكون إسرائيل التوسعية الاستعمارية الصهيونية تحت سيف المحاكم الدولية وما يترتب على ذلك من عقوبات تفرض دولياً على إسرائيل حتى تحترم قرارات الشرعية الدولية، ويصبح ممكناً إنجاز مفاوضات تؤدي إلى سلام متوازن شامل في هذه المرحلة، بين دولة فلسطين على الحدود التي قررها اعتراف الأمم المتحدة بالأكثرية الساحقة في 29 نوفمبر 2012، والحقوق الوطنية الفلسطينية، ويكون هناك تعايش بين دولتيّ فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب في سلام، وبعد هذا يكون ممكناً البحث عن حلول ديمقراطية وعادلة في اطار دولة فلسطين الديمقراطية الموحّد ولكل سكانها الفلسطينيين العرب والاسرائيليين اليهود، حتى ننهي كل أشكال الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرات السلام العربية.
س4- منذ 23 ابريل الماضي، تاريخ التوقيع على المصالحة، والشعب الفلسطيني يعيش حالة من الترقب يتجاوز الانقسام لمواجهة الاحتلال.. ما مدى قدرة حكومة رامي حمد الله الصمود في وجه التحديات والمعيقات.. وماذا يميزها عن حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت تتويجاً للقاء مكة 2007، ولم تعش أكثر من ثلاثة أشهر...؟
ج4: قلت لكم في الأجوبة التي أنجزت حتى الآن، على قسم من أسئلتكم، بأن حكومة رامي حمد الله هي حكومة توافق بمحاصصة ثنائية بين فتح وحماس، هذه الحكومة تحمل مشاكلها في قلبها، بينما المطلوب من الشعب الفلسطيني لإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية، هو حكومة توافق وطني يشمل كل الفصائل الفلسطينية التي وقعت على برنامج 4 مايو عام 2011، حكومة من شخصيات مستقلة حتى تشرف على إنهاء الانقسام، تشرف على انتخابات تشريعية نزيهة ومن موقع محايد، وتشرف أيضاً على ضرورة حشد كل الطاقات ومكونات الشعب الفلسطيني للصمود في وجه كل الصعوبات والمعيقات، منها بشكل وصارخ الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني الاستعماري، هناك أيضاً يجب أن نميز بين حكومة توافق وطني من شخصيات مستقلة أو بالمحاصصة الثنائية، وبين حكومة ائتلاف وطني تشكل الجبهة الوطنية العريضة لكل تيارات الشعب الفلسطيني، أيضاً يجب أن نميز بين حكومة توافق وطني وبين حكومة وحدة وطنية.. حكومة الوحدة الوطنية، تعني تشكيل حكومة من فصائل المقاومة الفلسطينية، ومن الاتحادات والنقابات العمالية والجماهيرية ومن شخصيات مستقلة، ولذا فحكومة التوافق الوطني شيء، وحكومة الائتلاف الوطني العريض، الجبهة الوطنية العريضة لشعبنا الفلسطيني شيء آخر، والحكومة الوطنية، أي كل الفصائل والقوى والتيارات المشتركة بشراكة وطنية في ما بينها كما قررنا ببرنامج 4 ماي 2011، بالحوار الوطني الشامل في القاهرة.. بالنسبة لهذه الحكومة، حكومة التوافق، قد تعيش وقد لا تعيش، لأنها لا تشكل توافقاً على شخصياتها لتكون مستقلة قولاً وفعلاً، وتشرف على حل تداعيات الانقسام العبثي المدمر ثمان سنوات عجاف، كان الرابح الأكبر فيها هو إسرائيل، فيما الخاسر الأكبر فكان هو الشعب الفلسطيني وعذاباته الجسدية والروحية اليومية، وفي ظل الانقسام شنت علينا إسرائيل ثلاثة حروب شاملة، حرب السور الواقي سنة 2002، وشنت حرباً امتدت من ديسمبر 2008 إلى يناير 2009 حرب الرصاص المصبوب على غزة، ثم حرباً شاملة أخرى شنتها على غزة عام 2012، على يد أيضاً حكومة يمينية ويمينية متطرفة، سمتها حرب عمود السحاب، أغلبية ضحاياها مدنيون، سكان منزوعي السلاح.. دمرت أحياء بكاملها. ولذا أقول مرة أخرى هذه الحكومة يجب تصحيح أوضاعها بإعادة النظر في تشكيلها لتكون حكومة توافق وطني انتقالية حتى تجري الانتخابات..
من المفترض أن تجري هذه الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل هذه الحكومة، لكن أنا أعلم علم اليقين أن حماس وقيادات في فتح تطالب بتمديد هذه الستة أشهر إلى عام وأكثر، بدعوى أنها تريد ترتيب أوضاعها، لذا فحكومة توافق وطني بشخصيات مستقلة تحل تداعيات الانقسام وتشرف على انتخابات نزيهة وشفافة، يمكن أن تتم إذا أنجزت حكومة توافق من هذا تكوين، يمكن أن تتم قبل ستة أشهر، لأن لجنة الانتخابات المركزية جاهزة لذلك، وقامت بإعادة تسجيل الناخبين بكل الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وبقي أمامها فقط القرار السياسي للإشراف على العملية الانتخابية وفق سقف زمني نتفق عليه... السقف الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين فتح وحماس بموجب اتفاق 23 ابريل، قال: بعد تشكيل حكومة توافق، حد أدنى ستة أشهر، غير أن هذا يمكن تمديده، أعلم أن هناك حديث يدور بين فتح وحماس على التمديد إلى سنة، وربما أكثر من سنة، وهذا كله خسائر في الصف الفلسطيني، وخسائر على الشعب الفلسطيني بينما حكومة توافق وطني من شخصيات وطنية تنهي مشكلة الانقسام باللجنة المجتمعية التي تشكلت بموجب اتفاق أربعة ماي، تنهي موضوع توحيد الأجهزة الأمنية، تنهي حماية وصيانة الحريات ووقف الاعتداء على الحريات وحرية التعبير تحت ظل أيضاً مدة زمنية.