متى نفكر قبل الحدث وليس بعده؟

سمعت بأن مجالس إستشارية مهمة جدا تجتمع بعد الحدث وليس قبله وبأن نخبة من التقارير الإستراتيجية العميقة التي يعدها لأسابيع وأشهر شبان أردنيون خبراء كل في قطاعه توضع على الرف ولا تحظى عند التطبيق بالتقدير اللازم أو لا ترسل أصلا للتنفيذ.

مازلنا إعتباطيون في إتخاذ القرارات ونتعامل مع الأحداث بـ"القطعة" ولا نصغى لبعضنا بعض في إدارة مستويات القرار.. من الواضح في عدة ملفات وأزمات أننا نتعامل مع الأحداث عندما تحصل ولا نتنبأ بها أو نتوقعها أو حتى نضع سيناريو لإستقبالها.

حصل ذلك على حد علمي عند التعاطي مع تداعيات ملف اللاجئين السوريين ومن المرجح أنه يحصل في ملف ازمة معان ولا نعرف كمية للخسائر إذا إكتشفنا يوما بأننا نجري ترتيباتنا في القضايا الأساسية والمحورية على بنفس الأدوات والطرق.

اللحظة التي تستطيع فيه مؤسساتنا السياسية والبيرقراطية توقع الأحداث والتنبؤ بها واستشعارها هي نفسها اللحظة التي تصبح فيها قوة القرار فاعلة في الواقع وليس متعاملة مع تداعياته ونتائجه بحيث يتوقف الإخفاق بالمستوى الإداري ويتعاظم الإنجاز.

العديد من القضايا والملفات لا يجوز الإستمرار بالقبول في التعامل معها بذهنية القطعة والتقسيط والمسؤولين في الدرجة الثانية أو المحلية عليهم القفز إلى مستوى الإدارة الوطنية العليا للملفات في توظيف واستثمار الجهد وتغذية القرار السياسي المرجعي والمركزي بمعلومات صحيحة عن الواقع الميداني وفي التوقيت المناسب بدلا من الإستسلام للإرتجال والتجارب والإخفاق في التوقع.

مازلت أذكر المخضرم زيد الرفاعي وهو يقول في محاضرة له بقيادة الأركان بان وضع القيادة – اي قيادة – في إطار خيار إستراتيجي واحد فقط سلوك يرقى إلى مستوى الخيانة.. نحن لا نقول ذلك بل نشدد على التنويع في الخيارات ووضع القرار السياسي بصورة التفصيلات قبل وضع السيناريوهات… ليست صعبة بالتاكيد هذه العملية.