بالتفاصيل : خفايا غزوة الموصل!
اخبار البلد
لا يختلف اثنان من المتابعين بامعان لما حصل في العراق اخيرا تحت يافطة «الانتصار لسنة العراق» او «الانتفاضة على استبداد المالكي» بان ما بات يعرف بغزوة الموصل انما هي خطوة اكبر من ان تحصر في أروقة العملية السياسية العراقية او حتى في اطار ظاهرة تمدد داعش او ما تسميه هذه المنظمة الارهابية بتشكيل دولة العراق والشام كما يحاول البعض ان يضعها كذلك ….!
اسئلة كثيرة مجرد طرحها هي التي ستجيب عن الحجم الذي يحمله مخطط الهجوم على محافظة نينوى في التوقيت الذي حصلت فيه ….
1ـ لماذا اتى الهجوم مباشرة بعد نجاح الاستحقاق الرئاسي الموفق في سورية والذي انتج فيما انتج ممارسة اقتراع ديمقراطية افرزت انتخاب رجل ظلت اكثر من مئة دولة في العالم تحت قيادة واشنطن وتل ابيب طوال اكثر من ثلاث سنوات وهي تصر على اعتباره غير ديمقراطي وان ايامه معدودة ….؟!
2ـ لماذا اتى الهجوم بعد فشل محادثات بعيدة عن الانظار بين اكثر من عاصمة في الدنيا كانت مصممة على اجبار المقاومة الاسلامية اللبنانية وحلفائها التخلي عن مرشحهم الحقيقي لرئاسة الجمهورية في لبنان !؟
3ـ لماذا حصل الهجوم بعد ان يئست الاطراف الاقليمية المتعددة من ايجاد معادلة تكافؤية كما يسمونها بين ما يسمونها بالمعارضة السورية المعتدلة وبين حكومة الرئيس بشار حافظ الاسد!؟
4 ـ لماذا قرر محافظ الموصل وهو رجل الدولة الذي يمثل الحكومة المركزية في بغداد والمعين من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي ترك حبل المدينة على غاربها و لما خرج منها تاركا اياها في مهب رياح الوحوش الكاسرة عاد وكشف انه خدع وترك وحيدا وانه قد تم استخدامه اداة في اطار مخطط اكبر كما شرح بالتفصيل لصحيفة دي بلادت السويدية ..!؟
5 ـ اين هو القنصل التركي الذي قيل بانه تم اختطافه وعشرات الديبلوماسيين والموظفين الاداريين من القنصلية التركية اثناء الهجوم على الموصل وما هي حقيقة مثل هذا السيناريو الذي لعب باتقان لغاية في نفس اردوغان !؟
6 ـ لماذا انسحبت عشرات الالوف من قوات البيشمركة الكردية ومثلها من القوات المحلية من الموصل وغيرها من المدن والبلدات من محافظات « الاكثرية السنية « بشكل منظم وممنهج وباتقان تاركة الدواعش تفتك باهل تلك المدن والبلدات وتهدم بناها التحتية وتعيث فسادا فيها !؟
7 ـ لماذا اقدمت حكومة اقليم كردستان العراق على اجتياح مدينة كركوك و ضمها الى الاقليم واعلان ان المادة 140 المخصصة لمناقشة مستقبل كركوك حتى يتم التوصل الى صيغة توافقية بشأنها !؟
8 ـ كيف ولماذا باشرت حكومة اقليم كردستان العراق وباسرع من البرق ببيع نفط الاقليم ناقلة وراء ناقلة وباسرع ما يمكن تصوره الى الحكومة التركية لتصبح هي الوسيط النزيه والطرف الوحيد القادر على تنفيذ هذا الحلم الكردي القديم قدم تأسيس الكيان الصهيوني !؟
9 ـ لماذا فتحت الحدود لداعش باتجاه العراق بعد فشل محادثات ايران امريكا النووية اي تماما يوم يئست واشنطن من لي ذراع طهران ..!؟
10 ـ لماذا لم نسمع باسم اي شخصية اعتبارية سورية او عراقية او عربية او اسلامية معروفة من بين زعماء داعش او اي من الفصائل المسماة جهادية وغلبة الاسماء المجهولة التاريخ والمشتبه بها سواء كانت عربية او من بلدان اسلامية او غربية او اوروبية على قيادة هذه الفصائل العجيبة الغريبة !
11ـ هل حان وقت تنفيذ مخطط برنارد لويس لتقسيم الوطن العربي والعالم الاسلامي!’
12ـ هل كانت غزوة الموصل جزءا من قرارات مؤتمر هرتزيليا السنوي الذي عقد بالقرب من تل ابيب قبل اسابيع قليلة !؟
13 ـ هل ثمة توافق اقليمي صهيوني – عربي « اعتدالي « تركي بتسليم الموصل لحكومة انقرة في اطار خطة تقسيم العراق الى اقاليم كونفدرالية في اطار فك وتركيب جغرافية المنطقة السياسية يتم من خلالها شطب بعض الدول الخليجية الصغيرة ومسحها عن الخارطة مثل الكويت والبحرين والمنطقة الشرقية في بلاد الحرمين الشريفين ….!؟
14 هل ثمة دور بريطاني اسرائيلي خاص هو الذي يقف وراء تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم جيو – طاقية اي تقسيم ذخائر نفط العراق ومعادنه على الاقاليم الثلاثة المذكورة بطريقة متقنة تخدم مصالح الدول الكبرى المهيمنة والمؤثر ة على سياسات الطاقة العالمية !؟
15 ـ ما هي العلاقة بين حرب المياه المفتوحة التي يمكن لتركيا ان تشنها على كل من سورية والعراق بسبب سيطرتها على منابع دجلة والفرات المتواجدين على اراضيها وبين حاجة انقرة الصناعية والتجارية الى مخازن وحقول الطاقة في الموصل من جهة وسوق النفط «الكردية» من جهة اخرى !؟
ولماذا ولماذا ولماذا كثيرة اخرى كلها تصب عمليا باتجاه واحد الا وهو :
ان قرار غزوة الموصل ليس نتاج او حصيلة حركة احتجاج عراقية داخلية حتى وان وجدت هذه الخطوة تعاطفا هنا او هناك او اجراء او منفذين او بيئة حاضنة لها هنا او هناك او حتى عملاء مباشرين ….
انه قرار دولي خطير له علاقة مباشرة بالمواجهة الكبيرة الدائرة على المستوى الجيو استراتيجي بين المشروع الهيمني الامريكي و بين مشروع المقاومة الايراني السوري اللبناني والذي تحاول بغداد جاهدة الانخراط فيه….
اريد من ورائها ولا يزال ما يلي :
اشعال حروب فتن سنية شيعية متنقلة لا تنتهي لعشرات السنين …
اشعال حرب عربية فارسية ـ ايرانية ـ تثار خلالها الاحقاد والضغائن قدرالامكان قد تصل حتى ادخال مصر الجديدة لو لزم الامر وهي التي تعيش مخاض التحول والتغيير وامتحان العودة الى دور اقليمي وعالمي يليق بها ….
اشعال حريق كبير في لبنان يعرض مشروع المقاومة لخطر حرب اهلية من نمط جديد كان يمكن ان يصبح الحلقة الاخطر في المخطط الجهنمي المرسوم…..
باختصار شديد فان غزوة الاحزاب الموصلية لم يكن بامكانها ان تنطلق بذلك التسارع والاندفاع لولا وجود قرار دولي كبير وارادة دول عظمى يعتقد عديد من المتابعين انه اسرائيلي بريطاني اضطرت ادارة الرئيس اوباما للالتحاق به سريعا حتى لا يفوتها القطار فتخسر الانتخابات التكميلية او الفرعية على مستوى الكونغرس والتي باتت على الابواب في الخريف المقبل ….
وما التخبط الكبير الذي تمر به الادارة الامريكية في سياساتها الخارجية العامة تجاه دول المنطقة سواء في سورية او لبنان او العراق او ايران الا انعكاس واقعي لحدة الجدل الكبير المحتدم داخل اروقة البيت الابيض والكنيست الاسرائيلي وحكومة نتانياهو حول كيفية التعاطي مع منظومة الدفاع الوطني اللبنانية والتي باتت الذراع المقتدرة والاقوى القادرة على لجم اي مخطط عدواني على جبهة المقاومة مجتمعة ….
وما سميناه في بداية غزوة داعش بانه مواجهة ايرانية اسرائيلية على تخوم بغداد نعيد اليوم لنؤكد عليه ونضيف بانه قد يكون ايضا ضربات وقائية لمنع اندلاع حرب تحرير اصبع الجليل بعد تعاظم دور حزب الله كما ونوعا وتسلحا وخبرة وتدبيرا ودورا …!
*محمد صادق الحسيني / القدس العربي