الطاقة المتجددة ...آمال وحقائق

د. أحمد حياصات المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية 
نقرأ الكثير من المقالات ونسمع أو نحضر الكثير من المحاضرات التي تدعو للتوسع في استغلال الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية , ويدعو أصحابها أحيانا إلى إمكانية تأمين أكثر من نصف احتياجات الأردن من الكهرباء بل وتصدير كميات كبيرة منها من محطات الطاقة الشمسية . 
إن الطاقة المتجددة عموما والطاقة الشمسية تحديدا واعدة ويجب الاهتمام بها وتطويرها لأنها نظيفة وأصبحت مؤخرا منافسة وأكثر جدوى من الكثير من أشكال توليد الكهرباء المبنية على الوقود الأحفوري وخاصة زيت الوقود والديزل , وهذا مهم جدا حيث أن معالجة خسائر الكهـرباء الوطنية التي وصلت أرقاما خيالية يتطلب البحث عن مصادر جديدة تعطي تكلفة منخفضة للكيلو واط.ساعة للتخفيف من هذه الخسائر , ومن بين هذه الحلول الطاقة المتجددة والصخر الزيتي والغاز الطبيعي والغاز المسال . 
إن مشكلة الطاقة الشمسية هي عدم القدرة على تخزين الكهرباء المنتجة منها بشكل تجاري ومنافس لاستخدامها في تغطية الأحمال الكهربائية عند غياب الإشعاع الشمسي , ونفس الكلام يمكن قوله عن طاقة الرياح التي لا يمكن التحكم بها فتخيلوا معي لو اعتمدنا بشكل كلي أو بنسبة عالية على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء فما سيكون حالنا عند غياب الشمس أو ضعف إشعاعها في فصل الشتاء ؟من أين سنؤمن عندها حاجتنا من الكهرباء ؟ .إن هذه الحقيقة تضع صعوبات كبيرة أمام القائمين على تشغيل النظام الكهربائي في ظل تذبذب إنتاج الطاقة المتجددة للكهرباء مما يدفعهم للإبقاء على وحدات توليد كبيرة عاملة على الوقود التقليدي بشكل مستمر لتغطية هذا التذبذب ولتأمين الكهرباء عند غياب الشمس و توقف الرياح مع ما يعني ذلك من كلفة إضافية وتأكيد حقيقة عدم القدرة على الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كلي أو لتغطية جزء كبير من الاستهلاك . ولكل نظام كهربائي خصوصياته غير أني من واقع الخبرة الطويلة في هذا المجال أعتقد أن مشاركة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مجمل خليط إنتاج الكهرباء في الأردن يجب أن لا يتجاوز 15% لتفادي الأثر السلبي على أداء النظام الكهربائي من وجهة نظر فنية بحتة .غير أن هذا يمكن أن يتغير عند التوصل لتكنولوجيا رخيصة وفعالة لتخزين الكهرباء بكميات تجارية مما سيفتح الباب لمشاركة أوسع للطاقة الشمسية في مجمل خليط الطاقة . 
أعلم أن هذا الكلام غير مرحب به من قبل النشطاء المتحمسين للطاقة المتجددة وأنا أحترمهم بل وأعتبر نفسي واحدا منهم غير أن الحقيقة الفنية يجب أن تقال بشكل واضح والحماس يجب أن يكون واقعيا ومبنيا على حقائق علمية وفنية , وعلينا زيادة مشاركة الطاقة الشمسية في أشكال أخرى غير التوليد المباشر للكهرباء كتسخين المياه والتبريد وضخ المياه نهارا وغيرها من الاستخدامات خاصة أنه لا توجد في هذه الحالة حدود فنية لكثافة استخدامها .