معان اللغز والحل

سالم فلاحات
 
معان ليست جملة معترضة وليست خبرا إنما هي المبتدأ أو الخبر.
إنها على تخوم الشام نزل بها جيش الفتح الأول باتجاه مؤتة التي كانت رسالتها(نحن لا نأبه بالقوة الغاشمة ولا بالإمبراطوريات الأسطورية، نحن نحمل النور والخير لنحقق الحرية للناس كل الناس).
معان...طريق الحجاج سقاية ورفادة وأماناً وهي على قارعة الطريق لكل الطراق.
معان...كان فيها ومنها منطلق الدولة الأردنية الحديثة يستحق أهلها مدينة ومحافظة كل وفاء وخير وكرامة كبقية أرجاء الوطن.
معان عالية أسوارها عن أعين الفساق لكنها تضم كريم العادات، وخير النساء والرجال.
وهي على قلة ذات اليد لكن باعها طويل بالحق، ما تخلفت يوما عن هموم شعبها الأردني بل هي نقطة الانطلاق في كل خير.
ترى لم هذا الذي يجري لأهلها؟ ولم تعيش هذا التوتر منذ شهور عديدة ولم ترسم عنها هذه الصورة التي أخذت تتردد حتى في الإعلام العالمي وفي التقارير الأمريكية؟ لم هذه الشيطنة؟ من أجل عدد من المطلوبين كأنما هم قوات محمولة مدرعة مزودة بطائرات زنانة وبمخابئ مصفحة لا تخترقها قذائف المدفعية، وكأن لهم من المدد ما يملأ السهل والوعر؟
ترى من يصدق وكيف يصدق وإذا صدق فإنه يحكم على دولتنا بالفشل وعلى أمتنا بالعجز فهل هذا مقبول؟
نحن نحمي حدودنا العراقية والسورية التي تصل 600كم وحدودنا المختلقة مع العدو الصهيوني من قوات كبيرة حقيقية، لها تاريخ في البطش والقتل وممارسات على الأرض، بل نساعد الأمم المتحدة في أطراف الدنيا لحفظ أمن بعض الدول في أدغال إفريقيا ذات النزاعات المستعصية، هل نعجز أمام عدد من المطلوبين كغيرهم وكأنما هم الغول والعنقاء والديناصورات العملاقة، أم هم من عالم الجِنّ أو من كبار الشخصيات العالمية الإجرامية؟
استمعنا مراراً كأردنيين إلى مجاميع من أهل معان طافوا الأردن توضيحاً واستغاثة بكلام علمي مسؤول مدعم بالوثائق والبيانات، استمعنا إلى مر الشكوى بأن معان منكوبة بغياب بعد النظر والتعجل في المعالجات الأمنية أو أنها مبتلاة ومستهدفة، لا لذنب ارتكبته بل من اجل إذلال أهلها، أو إرسال رسائل لجهات خارجية وداخلية.
طال الحصار وطالت المعاناة وسالت دماء زكية من المدنيين وغيرهم وكلها دماء وطنية، ما كان للوطن أن يخسرها.
لا يدافع عن مجرم إلا مجرم أو شريك في الجرم.
ولكن الجريمة أنواع منها الظاهر ومنها الخفي ومنها الفردي والمنظم ومنها الشخصي ومنها الدولي.
وصلتني كما وصلت غيري رسائل تستصرخ ممزوجة ببكاء العز لا بدموع الذل تقول:- الجرح في الكف فهذا وطننا وهذا أمننا، وهذه مؤسساتنا، لكن ظلم ذوي القربى زاد عن حده وطال أمده، كأنما يراد لنا أن نخرج عن طورنا ونفقد صوابنا، ونوجه السلاح لصدورنا فكلها صدورنا، ليستثمر فيها تجار الظلام محليا وعالميا ونحن نقبض على جمر الوطن.
يقولون لكل أردني:- أليست معان جزءاً من جسمكم الطاهر أيها الأردنيون؟ لو كنا في دولة أخرى منكوبة لانتصرتم لنا بالكلمة والموقف ألا تستنصرون لنا؟ ألا تنقذون أطفالنا وحرائرنا من الترويع؟
نصح كبار الأردنيين وكتبوا واقترحوا وقاموا بمبادرات وطنية تعطلها الحكومة وتقف أمامها لماذا؟
بقي اقتراح واحد؛ ملخصه إن لم تعامل معان والمطلوبون فيها كما يعامل بقية أجزاء الوطن وإن لم يتم التعاون الكامل بين المواطنين ورجال الأمن على ما يحقق الاستقرار والطمأنينة ويحترم القانون، وإن لم تعالج الأسس التي تفرخ هذه الحالات من معيشية ومجتمعية وقانونية، وإلا فلن يبقى إلا خيار واحد أن يخرج أهل معان بأطفالهم ونسائهم لمدة شهرين أو أكثر إلى المدن والأرياف الأردنية؛ ليتعامل الأمن مع المطلوبين براحة تامة وبعدها يرجع الناس إلى بيوتهم... ترى هل يمكن أن نصل لهذا الحال؟ وعندها فاقرأ علينا السلام!!