افكار خبراء سخافة الطرح والطموح الشخصي

أفكار من خبراء: سخافة الطرح مع الطموح الشخصي

قرأت مؤخرا مقالة منشورة للمحلل والخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي وكما أسمى نفسه طبعا, وأضاف ايضا في وصفه لنفسه مدير دائرة التحرير الاقتصادي في صحيفة العرب اليوم, وكما يصفها ايضا هو صحيفة اردنية مستقلة( وأنا اشهد بذلك), مع بعض من الشهادات العلمية التي حصل عليها طبعا, وان كنا نحترم العلم كعلم ولكن يبقى انه ليس كل من يحمل شهادة علمية فهو عالم ومفيد, فكم من أكثر الأطباء حصولا على الشهادات لا تجد في عياداتهم مريضا واحدا يكشف على نفسه عندهم, ولقد أرسل لي احد الأصدقاء المتابعين هذه المقالة لقراءتها وهي بعنوان : لجنة استشارية اقتصادية للبخيت, والمنشورة بتاريخ 2-3-2011 على صحيفة العرب اليوم المستقلة, وكانت ملاحظة الصديق مرسل المقالة لي هي تعنيف قوي اللهجة متسائلا قائلا : انتم تهاجمون الحيتان والعتاولة بعد اكتمال نضوجهم وتحقيقهم لغاياتهم, ولكنكم أبدا لا تهاجمون مشاريع الحيتان وهي في طريقها للتكوين وقبل النضوج, وقمت بقراءة المقالة ودراستها ثم التحاور مع الصديق الغاضب, حتى توصلنا لوصف مناسب للفكرة التي يريد إيصالها وتوضيحها, وللأمانة قمت بقراءة معظم ما كتب الكاتب سلامة الدرعاوي من مقالات وتحليلات يفترض انها اقتصادية, بحكم عمله وخبرته طبعا, الا أنني وجدتها جميعا لا علاقة لها بالتحليل الاقتصادي المهني, وإنما مقالات لا تفرق عن باقي المقالات شيئا الا انه يكثر فيها من تكرار كلمة اقتصاد وحالة اقتصادية دون أية معلومات او تحليلات رقمية مبنية على أسس مالية, لا اطعن في علم الرجل ولا في خبراته ولكنني احكم بناءا على ما قرأت له كقارئ لا أكثر ولا اقل.

و أكثر ما لفت انتباهي في تلك المقالة هي الفكرة التي تقدم بها الدرعاوي والتي اقترح فيها تشكيل لجنة استشارية اقتصادية خاصة برئيس الوزراء فقط دون غيره وليست للحكومة او للنواب او لأي احد آخر, على ان تشكل بنفس الوقت من وزراء ومن نواب ومن مصرفيين ومن خبراء اقتصاديين مستقلين( يبدو ان فكرة المستقلة او الاستقلال لها معنى آخر غير الذي نعرفه لدى الدرعاوي), وبنفس الوقت ركز الدرعاوي على ان هذه اللجنة تكون قراراتها غير ملزمة لرئيس الوزراء او أي جهة اخرى, ولا اعلم ماذا يقصد بجهة اخرى ان كان أصلا حصرها في رئيس الوزراء نفسه دون غيره, على كل حال هذا رأي الرجل ولقد قارب في تصوره بين هذه اللجنة التي يريدها وبين اللجنة الخاصة بشؤون الفساد المرتبطة برئيس الوزراء, ولقد أعجبتني الفكرة في الربط بين اللجنتين لأنني مقتنع من الان ان اللجنة الاستشارية الاقتصادية الخاصة بدولة الرئيس ستكون يوما ضيفا عزيزا على اللجنة الاستشارية الخاصة بالفساد والخاصة بدولة الرئيس, لهذا أراه ربط منطقي وطبيعي أصاب فيه الدرعاوي.

تذكرت حينها وأنا اقرأ الطرح قصة وزارة الجسر التي بدأت بمراقب عُين للحرص على نظافة الجسر, ثم عين مراقب آخر مسائي, ثم عين مراقب على المراقبين الصباحي والمسائي لضمان التزامهم بالعمل, ثم عين مراقبون آخرون في حالة غياب أي مراقب, ثم شُكلت دائرة الجسر ثم مُديرية الجسر ثم المؤسسة العامة للجسر حتى أصبح لدينا وزارة الجسر والمراقبين عليه, وهذا ما سيحصل مع اللجنة الاستشارية الاقتصادية, حين تشكل من نصف مجلس الوزراء ونصف مجلس النواب والأعيان, ثم من جميع رؤساء المجالس الإدارية للمصارف ومن المحللين والخبراء الاقتصاديين المتسلقين( عفوا اقصد المستقلين) طبعا من أمثال الخبير والمحلل الاقتصادي نفسه طارح الفكرة المستقل في الصحيفة المستقلة, وما سيصرف عليهم بدل مياومات وسفرات وخلوات شرهية ( شرعية) مع دولة الرئيس في العقبة او طابا, وسكرتيرات ورواتب ومكافئات ثم يصبحون من أهل الواسطات المتنفذين, ثم بقدرة قادر كما وزارة الجسر يصبح لدينا وزارة اللجنة الاستشارية الاقتصادية الخاصة بدولة الرئيس, وكلما آتى دولة رئيس شكل لجنة جديدة وتم توزيع القديمة على المؤسسات العامة والشركات كمستشارين ذوي خربات طبعا ورواتب ضمان ...الخ, وكل هذا من اجل إعطاء الرئيس أفكار اقتصادية جيدة وخلاقة لضبط الإنفاق وبنفس الوقت لتامين النفقات اللازمة لمصاريف اللجان الاستشارية الاقتصادية الخاصة بدولة الرئيس, وناهيك عن فكرة لجنة استشارية خاصة لدولة الرئيس بشؤون المرور, ثم لشؤون الرياضة ثم لشؤون المرأة, ثم لجنة استشارية خاصة لدولة الرئيس بخصوص اللجان الاستشارية الخاصة الأخرى لدولة الرئيس وهلا عمي درعاوي بطلع إلك أكثر من لجنة حينها.

ولا مانع سادتي الكرام ان يصبح احد هؤلاء المستشارين الخاصين المستقلين يوما من الأيام وزير تخطيط ثم وزير مالية ثم منصبا أعلى فاعلا مع احتفاظه بمكانه كمستشار, حتى يأتي يوما ويمل ويزهق ثم يبيع بيته في عمان ب12 مليون دينا اردني, ويقال من تعبه ومن ماله الخاص و من حكم في ماله ما ظلم, طبعا هذا المثل الجميل اقتطعت منه كلمة ماله الخاص لتصبح فقط ماله, وطبعا سيكون له من أتباعه الكثيرون الذي سيطبلون له ويتغنون ويقولون هذا رجل بفهم واشتغل وخدم بس في ناس حاربوه, ونعم في نقطة حاربوه إذ لا بد من وجود خبير ومحلل اقتصادي خاص مستقل آخر يريد ان يأخذ دوره ليبيع بيته ب 12 مليون مع فرق العملة في تاريخه لا حقا.

من هنا أتت فكرة صديقي الغاضب الحانق انه لماذا لا تهتمون بشرنقات العتاولة والحيتان التي تنتظر دورها للظهور واخذ فرصتها للعب دورا هاما وحيويا في تنشيط عمل هيئة مكافحة الفساد والتي بلا شك ستصبح يوما من الأيام أوراق ملفاتها باللغة البرتغالية والفرنسة واللغة السرية, والله يعينك يا سميح بينو ساعتها لحق ترجمة, نعم معك حق أيها الوطني الحر الغاضب, خبراء بلا خبرة وأفكار بلا منطق وسخافة بالطرح وللأسف من منابر حكومية رسمية مستقلة, البلد لديه من البحبحة الاقتصادية ما تكفي لتشكيل مزيدا من اللجان وتعين مزيدا من المستشارين, وهنا تذكرت مقولة وينستون تشرشل حين قال: اذا أردت ان لا أنفذ أمرا شكلت له لجنة خاصة.

عندما يصبح الخبير الاقتصادي خبيرا بشؤون السياسة وبشؤون البرلمان وبشؤون رئيس الوزراء وبشؤون الفن والرياضة, ويكرس نفسه ايضا متنبئا لقضايا الفساد وبنفس الوقت يطرح أفكاراً ستؤدي الى زيادة عدد ملفات الفساد,  ويكتب في كل هذا مع احتفاظه بكلمة اقتصاد والوضع المالي ككلمات مُسقطة في جميع المقالات, وحين يكتب الأستاذ المحترم خريج اللغة العربية مقالا عن الاقتصاد النووي ويعلن بعدها انه أصبح خبيرا في الشؤون النووية, حينها فقط نعرف ان اليرقات في طريقها للخروج من الشرانق, حينها فقط نعلم ان باب الخيارات المفتوحة هو سياسة متبعة لكل من يريد ان يصبح مستشارا اقتصاديا ورياضيا وفنيا لدولة الرئيس وبنهاية المطاف خبيرا في شؤون العقارات وبيع البيوت بملاين الدنانير( اللهم حسدٌ وحسدٌ وحسد).

حازم عواد المجالي

Hazmaj1@gmail.com